حكاية عيد
الرّبيع بابتسامة الصّباح أطلّ علينا..وساعة بائع الجوري والزّنبق اشارت له بالمثول هناك...وهنا...والملائكة الصّغار تتوافد إليه لتبتاع باقات يانعات لجميل الامهات.
وأنا بكمامتي البيضاء التي تبللت ما زلت اقف بطابور الدّور وكلّما اقترب طفل اعطيته دوري وتراجعت خطوة للوراء...أخيرًا وجدتني أمام دلو فارغ ألا من بقايا الماء ووريقات صغيرة تناثرت هنا وهناك...انتظرت طويلا..وتسمّرت رجلاي...وقد عاد بائع الورد..عاد صفر اليدين بلا ورود لا ولا زنابق بيضاء.
ونظر إليّ نظرة غريبة لم أكن بوضع استطيع ان أفهمها..ومشيت الملمُ خيوط الخيبة..حتى ناداني..أيا انت...أين أنت..خذي دلو الماء والوريقات الجميلات.....واسقي هذا التراب
وتابعت سيري بعد ان حملت الدلو وفي كلّ حديقة سكبت كوبًا من الماء...فارتوت الارض...لا من الكأس بل من بركة الرّب الذي أكرم عليها بغيمات بالمطر ممتلئات وهكذا كانت خيوط المحبّة تتناثر وتسقى ثرى كلّ الامهات من روحهن التي ترفرف فوقنا.
كوني بخير يا أمّي...فالمطر ما زال يهطل..والارض واثقة بالغيمات.
وكانت بطاقتي تخطّ تهنئتها بالعيد إليك يا من سكنت القلب والرّوح وعرش السّماء
قبل العيد وبعده..تبقى الزّهور التي زرعتها يانعة
باقية إلى الابد..كذكراك التي تفوح عطرًا..
أمّي يا ملاكي
أمي يا نبع الحنان
أمّي يا كلّ شيء كان..وما زال
طرقتِ أبوابًا كثيرة
وفتحتِ بمفتاح واحد كلّ الابواب هو مفتاح العطاء.
أمّاه..هناك من يعدّد لي تكرار مناداتك في كتاباتي بربك قولي لهم إن انا ناديت بالكتابة مرّة فبالمناجاة الف مرّة ومرّة.
أمّاه..يقولون عيد..ويتابعون..أمّ
أمّا أنا فأقول..أم وأهمس لذاتي..عيد الاعياد
رغم الغصّة.. أنا احتفل..رغم الدّموع التي تأخذني معها إلى نهر حزين أحتفل
أجل أنا احتفل..احتفل بانتقال أمّي من الحياةإلى الحياة
أحتفل تمامًا كطفلة صغيرة أحتفل وللاحتفال عندي نغمات هامسات
لكلّ الامهات الجميلات،كلّ عامّ وأنتنّ عنوان آخر للرّبيع في كلّ الفصول.
ولولديّ البشير والاميل ومنهما سمعت..ال يمّا..بارك الله بكما يا فلذات الكبد ونبض الفؤاد دمتما ودام لي العيد بنبضكما.