لحسين مهنّا الأستاذ، والشاعر، كلمة حقّ ودمعة صدق
هل تزحزحت قلعة الشّعراء وتحلحل حجر زاويتها
خبر صاعق صعقني واوقف النّفس للحظة وأنا استبعد الخبر وكأنّي اقول لذاتي من كان مثله حجر القلعة لا يموت.
من صادقَ الحرف والتزم كلمة الصّدق ونادى بشعار الانسانيّة بربكم كيف يموت؟؟
استوقفني الخبر للحظة عدت بها طفلة شقيّة إلى احضان المدرسة وكنت معلّمي ونعم المعلّم ونعم التّعليم وأذكر من بين ما أذكر وأتذّكر تلك الفترة القاسية التي دخلت بها جدار السّجن وتركتنا بلا معلّم ولا تعليم لا بمحض ارادتك بل فُرضٌ فُرِضَ وارسلتُ لك رسالة باسم أبناء صفّي تلخّصت بالشّوق والحنين وتمنّيّنا عودتك سالمًا .فعاد الرّدّ وما أجمله من ردّ دافئ يبعث به والدنا وأستاذنا يسال عن حالنا ويطلب منّا أن نبقى عند حسن الظّن فبقينا.
ماذا أكتب وماذا أتذكّر فأنت الجار،وَنِعْمَ الجار، الجار الذي يزور ويعايد ويعزّي ويسأل عن الأحوال.
حسين مهنّا الشّاعر الذي كان يقرأ ويشجع الكتّاب واصحاب القلم وانا واحدة منهم بالأمس القريب كنت في زيارة لبيتكم العامر بالمحبّة والثّقافة وتحدّثنا وشربنا قهوة الجيرة الحسنة.
حسين مهنّا الذي يدمح كلامه بنكتة ويبتسم بربكم من لا يعرف خفّة دمه وطول اناته وجميل اللقاء به حسين مهنّا الاب الحنون الزوج المثالي واقولها بصدق وشهادتي به مجروحة.
لماذا غادرت سريعًا؟؟ لماذا تركت الاحفاد يتامى والاخوات باكيات نم قرير العين أستاذي فحروف اللغة تبكيك وشعراء قلعتنا تلعثموا وخانتهم قالوا ...البقيعة تبكيك كيف لا ؟وقد جمّلتها بعذب كلامك ونُبلِ مشاعرك.
نم قرير العين فمنيرتك ما زالت تحمل شعلة المحبّة وتنير بها درب الاولاد فلذات الأكباد.
نبيلتك تبكي موت النّبل والوفاء، ونوالك نالها من الحزن والحسرة الكمّ الكبير وبصدمتها تتدحرج وسعاد تجرّ أذيال خيبة وتبحث عن سعادة ناقصة برحيلك. أمّا زيدتك فتبكي بحرقةِ أمّ وقد حملت اسم الامّ وحنانها وشوقها لك أمّا احلامك فكّانها أضاعت بوصلة الحُلم فتبكي وتشتاق.
وفندي ينظر لزيدة ويبكي ولسان حاله يقول مات الحسين يا زيدة
اما راشدك يا أبا الرّاشد فكأنّه فقدَ رشده وهو ينتقل من سطر لاخر ليسطر نعوة الغالي.
والاحفاد ..يبكوك بصمت فهم وحدهم يعرفون مدى الخسارة التي خسروها
وكلّها شوق اشتياقك الأخت الحنونة التي ما زالت كما الجميع في هول الصّدمة.
وشجرة الزّيتون في باحة الدّار حان وقت قطافها ستفتقدك وتفتقد لحنانك ودفء كلامك.
محمود درويش يقول لماذا تركت الحصان وحيدًا.
واديبنا دكتور نبيه القاسم يسألك،لماذا تركتني وحيدًا؟
وانا اقول لماذا تركت القلم يتيما والورق حزينا والكلمة في حالة ضياع والحارة يتيمة حارتنا الغربيّة التي كانت تعجّ بالحياة خفت ضوءها برحيل أحبّتها.
نم قرير العين فعيون البقيعة تبكيك كما عيون الأحبّة.