السبت ١٠ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم
حين خلعتُ جسدي؟!
قال الرائيُّ وقد مسَّه سحرٌ من صفوة الإلهام:
لا تصرفْ وجهكَ عن الحبِّ الترابي
ما دام الحبُّ الترابيُّ سيرفعكَ إلى الذاتِ الإلهية.
شتاءٌ خريفيُّ الشِّتاءغطاءُ الوِحدةِ يرتِّبُ فوضَى النِّداءوعتمةٌ كونيةٌ تنحَني للبَحرحينَ ينقضُّ المساءُ عليكَلو ذابَ فائضُ الحزنِ في داخِليلاحتشدتْ لذاكرَتي السَّماء!فاذهَبي قليلاً أيتُها الرَّغوةُ من دمِيكي نلمِسَ الجرحَ ونصبُو في الفَضاء.قلتُ:للشِّفاءِ مِنَ الذَّاكرةِسيبقَى أَديمُ الأرضِ مفطوراً على الأُفقِ؛هذا الذي يُحَمِّصُني برغبةٍ لا تنتهِيوللوَهَجِ التائهِ في بقاياهُمنظرُ النهرِ الحَزينيُنَقِّبُ عنِ امرأةٍ كساهَا حَنيني غُموضاًكي ترفُو عويلَ الحمامِوتنعَثُ فحمَ الكلامِ في لحظةٍ باهظَة.سيظلُّ بابي معطوفاً على مَلقى الخرابِمرأَى العذابِ، مقهَى اكتئابي، منأَى الغُيوبِوخُطَى امرأَةٍ تَسرقُ قلبي المعلَّقَفوقَ انحباسِ الذُّهولِفاحمليني أَيتها الرُّوحُ كما حملتكِ الخواطرُإلى منبعِ الضوءِ، كشطحةٍ مارقَة.تَنْتَهِرُ الرُّوحُ بعدمَا أضاءها الموجُواحترقتُ بهالم أخلعْ جسدِي بعدُهنا أَو هناكَ نجمةٌ شاردةٌ تنتظرُنيتُرجىء الوقتَ في مدارِيتتقاسمُ حُزنيتلفُّ وحشةَ ليلِيوتمضِي نحوَ الفصولِ ولعنتِها الفاضحَة.تقبعُ في لوعتكَ الآن وحيداًيطاردُكَ برقُ الكلماتِوما تحملُ الرِّيحُ من الشهواتِترى انعطافَ الإنعطافِ، تصدحُ الأَنهارُ، تنزُّتهطلُ الظِّلالُ ملامحَ امرأَةٍ تعتليكَامرأةٍ كلما صادفتُها فرَّت عنِ الأَبصارِ.تفتحُ مِشكاةَ اللَّيلِ نافذةً للوحشةِتضيعُ في الضَّياعِتغادركَ ذائقةُ الأَلوانِ عاريةًمذْ غابَ الدليلُتتحسَّسُ تقاطيعَ وجهِكَ المسكونِ بالأَسرارِوفوضَى ظنونِكَ التي تفوحُكرائحةِ الغمامِوتسأَلُ:من أَيِّ مجازٍ ينبعثُ العشقُ الأَبديُّ، ويسيلُلِيَهمي فوق الأَعماقِ فراشاً وقناديل؟لكنَّ العاشقَ، تماهَى في مرآةِ صورتِهِ، وحلَّق في البياض.على مجرى الدخانِيتهاوَى حائطُ انتشارِكَ الموقوتُترتطمُ بعوسجةِ انبهارِكَ في اتجاهِ الصَّدَىتُشْعِلُكَ الشَّهوةُ في بلادٍ تشتهِي الماءَيا ظِلالي التي تسيرُ على الماءِ .. سُدَى!يُدرككَ الزمنُ الطَّارىءُيَخطفكَ الوداعُ الأَخيرُيَنْكُثُكَ الوعدُ، وتصرخُ:يا قُربانَ الحلمِيا نُسْغَ الأَماني المزمنَةيا وطنَ المراثييا طعمَ الخريفِ وكُنْهَ المجاهلِلكنَّ الصَّرخاتِ تضيعُ هَباء .مستسلماً للتداعِيحافياً كالحلمِيُبلِِّلُني الوصلُ في اختلاطِ الأَزمنَةتُطيعُ خطايَّ مصطبةَ الظَّلامِتَقضِمُ الأَملَ في سرِّ الفناءِترسمُ تحولاتِ الغيبِتشمُّ اهتزازَ النَّوَىيرتبكُ اللَّيلُيلهثُ فيَّ الجوَىتستيقظُ شعلةُ ذاكرتي، تتربَّصُ بيكالجمرِ المتطايرِ في حضرةِ الشُهُبِتَرصُدُني الأَحلامُ، توقدُنيتملأُ ثقوبَ الذَّاكرةلكنَّ الأَغانيرمتني في اللَّيالي الغابرَة.رويداً رويداً،تقتحمُ أَنايَ رائحةَ الوجدِ المتشاوفِينتابني طقسٌ بهيمٌيؤثِّثُ في طياتهِ فصلَ الإيابِهو الموتُ يجوبُ حواكيرَ روحِيويهفو علَى نَشيجي في ارْتعاشِفلتأذنْ لي رُوحي حتى أَجهشَ بالرُّؤى؛قد تخمشُ الكلماتُ حدساً من لذةِ الأَلمِ.كَزَهْوِ المجاهدِ على ضفةِ الملحِأُعلقُ صوتي على الرَّجعِ الأَخيرِماذا يقولُ صدايَ لقلبي المكبَّلِ:يا أكثرَ الأَبعادِ شُحوباً!كيفَ يَكتملُ الصُّعودُ؟يُدهشكَ الهواءُ كحلمٍ ببالِ الرِّياحِولونٍ كمَرْسَى الضَّجَرلا شارعُ الأَشواقِ يُغريكَولا شهقاتُ النَّفسِ تُلغيكَفلماذا التَّأَوُّهُ؟ونارُكَ المعدنيَّةُتنهضُ في معاطِفِهَا الرُّعودُ.لا أَكثرَ من دعسةِ ضوءٍ يَبُسَتْ في الأَرضِ البور أَنالا اللاَّهوتُ ولا النَّاسوتُ أَنالكنِّي بحكمِ الذَّاتِ سأَفنى عن فنائي؛وما تَطابُقُ الرَّائيُّ عن شكٍسوى غيبةٍ قد تئوبُ...قالها، واختفَى حينما وضعَ التَّأَملَ بين كفيهِوحاولَ أَن يطير.وما زالَ في العمرِ متَّسعٌ للتَّخيُّلِلحظةَ أُدركُ فيها ما توارَى من حياتيللتَّجلي صبوةُ العشقِ المؤجلِتؤْرِقُ جُرْفَ الحواسِ،تَثِبُ الحواسُ، تَصطلي بلهيبِهَاتتجمهرُ الأَشواقُ، يُشعلُها اتقادِيكلَّما أَوغلتُ بحثاً في مواجيدِ الغيابِ.لا شيءَ يَفُضُّ مهجَعَكسوى نورِ هذا الحقِ يخترقُ الضَّبابَلكَ شرعيةُ الحلمِ المكابرِمذْ عادَ الدَّليلُ من السَّبيلِ إلى الخلاصِفكيفَ السَّبيلُ إلى الخلاصِ؟في اختلاط هواجسِ الايحاءِ بالذِّكرَىفلتواصلْ موتَكَ المائيَّحتى الهزيعِ الأَخيرِكنجمٍ هاربٍ مِن دفقةِ اللَّهَبِ.عطرٌ أقلُّ تَشْحَنُهُ جسورُ الذَّاكرةرتابةُ رائحةٍ تهبُّ، توقظُ نشوةً جامحَةكلُّ شَطْحٍ يثيرُ خَطْرَةَ الإشراقِ في هذا المكانكلُّ كشفٍ لجوهرِ الأَشياءِ صِنْوٌ للزَّمانلكنَّ المكانَ يفرُّّ كالرؤيا وينهزمُ الزَّمان.كهيامِ الصوفيِّ بالجمالِ المطلقِخلوتُ أَنا مِنَ النَّاسوترهبةُ الإيجازِ تحملُني صوبَ الإقلاعكشفٌ هائلٌ يُملي عليَّ سديمَهُدلائلُ الهجرانِ تَبْزُغُ من الذِّهنِ السَبوحيَعُمُّ الجَّهرُ، تتَّحدُ الأَلبابُ مِن سَطوةِ الذِّكرِورِعشةِ الحيران..تَشعرُ بالتَّلاشي في غيبوبةِ العشقِ، تَهْجُسُ بالهذيان:حاضراً، غائباً كنتُ، يا كلَّ كلي وكلُّ الكلِّ في الكلِّ..قلتُ: من أنتَ؟قال : أنتَ...وكان الفتحُ وانكشفَ الغطاء!قال:من أنتَ؟- حدَّقتُ في روحي لأَسقفَ الإغلاقَ بالتَّأْويلِوقلتُ: أنا أنتَ!قال: ما هذا الكلامُ؟فقلتُ: سلامٌ عليكَ، عليكَ السَّلامُفقال: يا إلهي! ما أنتَ إلا أنا، وما أنا إلاكَ، كيف يُمتحنُ الإمامُ؟فقلتُ: أنا البداية والحكاية والختامُ.كَتَمَلُّصِ اللازوردِ من غربةِ الأَلواننلتُ نعيمَ المشاهدَة؛ربما أنتِ أَمامي ها هنالكنَّني حتماً، هناك !فاحرقيني الآنَ عشقاًإن حبائلَ العرفانِ في الملكوتِتُبعدُ أَنكاسَ النُّكوصِ الموجِعَة.ويا حبيبُ،خذِ المعاني خِفَّةً أَو خِلْسَةًحتى أُطيلَ البحثَ في لغةِ النَّدَىويا غريبُ،خذِ المنافي حين تصحُو كلَّهاحتى أُشَيِّّعَ ظاهري عن باطنيثم أَعلو للمدَى.