فِي الخَريفِ الأَخيرِ
فِي الخريفِ الأَخيرِ
وعَلى هضابِ الحُزنِ فيْ أَرضِ الجليلِ
علَّمني الحُبُّ أَلَّا أُطيلَ الانتظار
لكنِّي بقيتُ على الصَّليبِ
بكلِّ ما أُوتيتُ مِنْ فَرْطِ الحياة
أُصغي إِلى هَمْسِ الغِوايَةِ، لا تُرَوَّضُ بِالوِصال
كأَنِّي أُراوغُ بِهَدْسٍ خفيٍّ
يُضَلِّلُ هذا الحصار.
فِي الخريفِ الأَخيرِ
كان هَجْري يَشُدُّ أدراجَهُ مِنْ جَديد
يَحِنُّ إِلى أَيِّ شيءٍ
كحُلْمٍ يُقرِّبُ نصفَ المسافةِ أَو يَزيد
بينما الغُرْبَةُ تَجِدُ الرُّوحَ فيْ روحِها
أَو فِي البَعيد.
فِي الخريفِ الَأَخيرِ
أُسافرُ عنِّي كأَوراقِ الشَّجَر
لكنِّي أَعودُ لأُسْنِدَ دمعي فِي الحنينِ إلى وَطَن
كقنديلٍ خافتٍ فيْ أَقاصي الرَّصيفِ
لأَعرفَ حدَّاً لهذا الضَّجَر.
فِي الخريفِ الأَخيرِ
أَطَلْتُ الوقوفَ عَلى شُرفةِ اللَّيلِ
كزائِرٍ حاشدٍ فِي النَّدم
حزيناً أَتاني اللَّيلُ يَذْرِفُ غيمةً
عَلَى شهوةٍ تُفضي
ولا تُفضي إِلى جهةٍ مِنْ جهاتِ العَدَم.
فِي الخريفِ الأَخيرِ الأَخيرِ
قالَ المُهاجرُ للمُهاجرِ:
ما زالَ ثمَّةَ وقتٌ للرَّحيل!
أَما زالَ فيْ وُسْعِنَا أَنْ نقلعَ الشَّوقَ عمَّا قليل؟
كانتِ الأَشجارُ مكتظَّةً بالأَنين
وأَنا أُكابدُ هذا الطَّريقَ الطَّويل
لا وَجْسٌ يُراوِدُني، لا هَجْسٌ يُسامِرُني
ولا حَدْسٌ يُعاوِدُني
لكنَّ ضباباً شاحبَ التَّكوينِ يبدو
وخريفاً حائِراً ما زالَ يُنْبِهُنِي ليسأَلَ مَا الدَّليل؟
أَفِي الحُبِّ يا صاحبي، مُتَّسَعٌ للهديل؟
سأَرحلُ عمَّا قريب
رحيلَ البنفسجِ قبلَ فواتِ الرَّحيل
سأَرحلُ فيْ غُربتي
لا لأُوقدَ قلبَ العاشقين
ولكنْ لِيَسْقُطَ قلبي تحتَ قَدَمِ العائِدين
سأَرحلُ عمَّا قليل
رحيلَ البنفسجِ قبلَ فواتِ الرَّحيل.