خيانة القواميس
ما أحوجُنا للكلماتِ
والوقتُ صمتٌ
يسندُ كتفَ الجدارِ
متخفياً بينَ التكتكاتِ
نغماً مجاهر
ثقيلةً ثوانيَهُ
لم تُتقنْ فنَّ الرحيلِ
فيضٌ من اللاشيء
لا وقتَ يسمحُ للدفاع
ولا حتى لنهمِ اندفاعٍ مناور
هي الكلمات ُهاربةٌ
تُفاوضُ جشعَ الوقتِ
والحرفُ تاجر
هي القواميسُ باردةٌ
محايدةٌ
ونحنُ الغارقونَ بينَ نُهودِ التعب
في حضنِ العتبِ
نُلَمْلمُ مِنْ حباتِ تعرُّقتا
آهات
لانشغالاتِ غيمٍ رطب..
رحلتَ سريعاً يا أبي
قبلَ تمددِ الكلمات
ورقصِ الحروفِ في القواميس
فكيفَ تُؤنسُ الآنَ رخامَ قبركَ
دونَ مؤازر؟
الموتُ وجهٌ من قصورِ لغةٍ
لم تذعنْ في الشرحِ
أفعالُ الميتين
فيربكنا موتٌ عالقٌ
على عصا همزةٍ
تعالتْ على ثقلِ الثواني
ليمُرَّ الصمتُ بطيئاً
مِنِ احتفالاتِ المقابر
في القواميس
رقْصُ الحروفِ شللٌ
مِنْ ضجرٍ يُسافر
وجنحةُ الكلماتِ نشوةٌ
مِنْ ألقِ الزحفِ المقامر
ليلبسْ الأبيضُ ثوبَ حداده
ويدبُ في الأمواتِ دم
مِنْ صبغةِ حيٍّ مغادر
غابتْ عن الفيلسوفِ أضدادُه
وانطفأَ مِنْ حلمهِ النظرُ
المغامر
زحفتْ عن مقاعدِها الحروفُ
يا أبي
وتسلَّمتْ مفاتيحَ المقابر
خيانةُ القواميسِ معانيها
ففي الموتِ لَمْ تعدْ ذكرى
ولَمْ يبقَ منك أبٌ
يهدي الحروفَ لمراسيها
لتشرحَ أفعالَ الموتِ
لأبٍ مغادر...