الأحد ٢٩ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم أسامة نصـّار طلفاح

ساعة على الطريق

منذ أن وطأت قدماي تلك الأرض، أدركت أنني بأرضٍ عربية ذات طابع مميز و جميل، رغم أن الوجوه التي شاهدتها لا تدلّ على أنها عربية الهوى، أدركت في ذلك الوقت أنني أجلس وحيداً لا أملك سوى محفظتي و قلمي و عدة أوراق اختارت لنفسها لوناً غريباً كذلك اللون الذي يطوق أرض بلادنا العربية.. هناك بعيداً خلف الشمس.

جلست أحدق بالمارين و التقط أنفاسي التي أيقنت أنها في آخر العمر، أنظر إليهم بغرابة لم أجد نفسي يوماً عليها، أيقنت حينها أن الشعور الذي ينتابني في تلك اللحظة هو شعور بالحنين و العشق لأرضٍ عشقتها عن دون بقاع الدنيا، أيقنت أنني بأمس الحاجة لأن أتكلم العربية، لأن أصرخ و أقول أنا عربي.. أنا عربي.

جلست على كرسي الإنتظار، أنتظر ذلك القطار الذي سيعبر من نقطة لا أعرف هل كانت نقطة بداية أم نهاية و إلى أي الطرق ستأخذني ـ بالرغم من أنني كنت سأتجه إلى جزيرة لا تنتمي لمكان و لا تحيطها و لو قطرةُ ماءٍ واحدة، أمسكت قلمي و بدأت بالكتابة، دون أدنى معرفة و دون علم مني، باغتني القلم و كتب بمنتصف الورقة الأولى.. مكانك ليس هنا، و لن تستطيع العوم.. مكانك في أقصى الشرق البعيد.

لم أفهم تلك الكلمات و أدركت أنني أعيش في حلمٍ بعيد، و أنني لا أملك في هذه اللحظة شيئاً من مشاعري، فهي هناك بعيداً معها، تجلس بمحاذاتها و تناجي جبالها و سهولها و أنهارها..

على غفلة ؛ صاح صوت من بعيد و قال سأغني لكِ يا صغيرتي أغنية لفيروز لتنامي، و لتذكري دوماً أنك عربية، لا و لن تخجلي لكونك عربية يا حبيبتي، فما نحن إلا كتلك الأشعة التي تطلقها الشمس في كلّ صباح، و كضوء القمر في المساء.

صحوت من غفوتي ألتمس زجاجة الماء التي أحملها، و أنظر بلهفة المشتاق من حولي، أبحث عن مصدر ذلك الصوت، فما وجدت إلا بضع ذراتٍ من تراب كنت قد وضعتها في إبريق شاي قديم تطرزه بضع كلمات:
"عربي،

وتعويذة الجحيم

والصلاة،

و مقصورة الحريم

و دمٌ يسدل الستارة.."

أيقنت حينها أن ذلك الصوت ما هو إلا إنطباعٌ و إنعكاسٌ لما في قلبي وجوفي من حنينٍ لأرضي العربية، ما هو إلا شوقٌ كبير لن يتصوره إلا الخارج من بيته بحثاً عن تراب!!

سأبقى كذلك لأنني لا أعرف العوم..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى