الأربعاء ١ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بهجت أبوغرْبِيَّة
بقلم بسام الهلسة

سيرة باسلة لمناضل تاريخي

برحيل المناضل «بهجت أبي غربية»: (1916-2012) يوم الخميس، السادس والعشرين من كانون الثاني، تكون فلسطين قد فقدت أحد فرسانها الكبار من جيل المناضلين التاريخيين الذين شهدوا معظم مراحل تاريخها المختلفة، وشاركوا في وقائع صراعها المرير ضد الاستعمارين: البريطاني والصهيوني.

و«أبو سامي»، ابن مدينة القدس السبية، وفتاها المشهود له، سليل العائلة ذات الأصول الخليلية، الذي عايش«هبة البراق» الوطنية التحررية في سنة:(1929) طالباً في المدرسة «الرشيدية» الثانوية في القدس، واشترك في الكفاح الوطني الفلسطيني منذ العام:(1933)، وبخاصة في الثورة الوطنية المسلحة الكبرى:(1936-1939) والحرب العربية- الصهيونية: (1947-1948)، لا يحتاج إلى تعريف به وبمواقفه، وهو المعروف بشكل شخصي مباشر من جانب الكثيرين في فلسطين والأردن والمشرق العربي بعامة، وتنتشر سيرته الذاتية وكتبه ومذكراته ومحاضراته وتصريحاته واللقاءات معه، على امتداد آلالاف من الصفحات، والمئات من الأشرطة المسجلة.

وإذ أغمض عينيه للمرة الاخيرة، ومضى مخلفاً إرثا مشرفاً باسلاً وسيرة عنيدة في المقاومِة، فإن عيون شباب وشابات الأجيال الجديدة- والآتية- المتفتحة على المعرفة والنضال، هي التي تحتاج إلى معرفة تجربة «بهجت أبي غربية» النضالية، كأحدى الشخصيات العربية البارزة التي جسدت معاني الكفاح المتواصل، والتمسك بحقوق الأمة والدفاع عنها وعدم التفريط بأي منها أو المساومة عليها، والتي حافظت بعزم وثبات على هذه الروح المبدئية، طوال مسيرتها وحتى آخر خفقة في قلبها.

ما نقوله هنا، ليس مجرد أقوال شائعة معتادة يستدعيها رثاء فقيد كبير، بل هو تأكيد على الصفة المميزة التي ترجمتها سيرة الراحل «أبي سامي»، والتي تمثل الحاجة الأساس التي يتطلبها النضال العربي- والفلسطيني بخاصة- في صراعه مع «اسرائيل» والصهاينة والإمبرياليين وأعوانهم المحليين، ومع الدول الاستعمارية التي عادت مجدداً بقوة للتدخل في بلادنا العربية، للهيمنة عليها والاستيلاء على خيراتها ومقدراتها.

وهو كلام يعرف معناه جيداً، المتابعون لمسيرة التردي والاستسلام السياسي العربية، منذ بدء ما أطلقوا عليه اسم: "الحلول السلمية" غداة حرب تشرين الثاني- اكتوبر1973. فتجليات ونتائج هذه المسيرة- ومتعلقاتها وتوابعها- ساطعة، تنشر هوانها وبؤسها في كل أرض عربية امتدت إليها وسارت فيها: من "كامب ديفيد" إلى "اوسلو" إلى "وادي عربة"...

 أيحتاج الفلسطينيون والعرب إلى تذكر ومعرفة قضيتهم المركزية:"فلسطين"، وأنها محتلة كلها: من النهر إلى البحر؟

 أيحتاجون إلى تذكر ومعرفة أن الاستعمار عدوهم، وأن الظفر بالحريات العامة، والعدالة الاجتماعية، والفكاك من التبعية، وتصفية التخلف الشامل، والشروع في تحقيق الوحدة فيما بينهم، هي ضرورات أساسية مصيرية لوجودهم الحي المستقل كأمة؟

إذا كان الرد على ما سبق من أسئلة بالإيجاب، فعليهم إذاً أن يحفظوا في عقولهم وضمائرهم، اسم من كانت حياته المديدة، سجلاً معبراً عن هذه الرؤية الصاحية:" بهجت أبوغرْبِيَّة".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى