صخب السادسة مساء
مرت قرابة الشهرين وأنا بعيدة عن منزلي ذات يوم ذهبت إليه وصلت إلى الطابق العلوي أدرت المفتاح حين دخلت كان الهدوء يطبق على أركانه .
في لمحة جال بصري حيث الصالة الواسعة تأملتها ثم مشيت بخطوات حثيثة وقفت أمام لوحة رسمتْ باليد وكأني أول مرة انظر إليها ألقيت ابتسامة باهتة ، ثم مضيت إلى غرفتي كان القرع في الجدران ذاك الذي اعتادت أذني على سماعه ، وكأنني على موعد معه .
تظاهرت بالشجاعة وتجاهلت الصوت ، لحظة وإذ بحركة قرب الباب ارتعدتُ حبست أنفاسي تساءلت من ... ؟
كان حارس المبنى يقوم بعمله المعتاد ينظف ويجمع النفايات ، خرجت مني بتنهيدة .
اتجهت حيث غرفة الضيوف اخترت كنبة من المخمل جلست عليها بجانبها طاولة من الزجاج الشفاف عليها باقة من اللافندرالجاف وبالقرب منها صور لباريس .
بدأت ذاكرتي تتجول في رواق الماضي كلما شعرت بالوحدة والفقد . في ذات الغرفة احتفلنا قبل اثنا عشر عاما بليلة السنة ، امتلأ بيتنا بالصديقات والموسيقا الصاخبة ، وضحكاتهم العالية ، كل شيء ملون الأطباق المائدة الإضاءة الأقنعة التي ارتدينها .
غابت الأصوات والضحكات بهت كل شيء ، حتى النبة في الأص ذبلت ، لم يعد المنزل كما في السابق حاولت أقرأ العالم من حولي أكثر من الكتب والصحف لكني أخفقت .
مرت الوقت بتثاقل ، كنت اشحذ سمعي لعلي أحظى بصوت عربة مسرعة أو مصعد يحمل شخصا لكنه لم يحدث
بخطوات وئيدة إلى غرفة التلفاز وقفت أمامه أمسكت بجهاز التحكم حاولت فتحه مراراً دون جدوى كان يرسل وميضاً خافتاً وعلى الفور أغلقته.
استللت من مكتبتي كتابا أهداني إياه والدي رحمه الله قرأت صفحات منه انتابتني غصة ثم وضعته في حقيبتي .
صوت نقر فوق النافذة مطر مفاجئ اقتربت منها مسحت بكفي الزجاج السميك كل شيء مغبش ومعتم الأبنية الشوارع المبللة ، هديل اليمام يعلو في الخارج .
استدرت نحو المذياع صوت القارئ يرتل آيات من القرآن الكريم بثت في نفسي السكينة ، خرجت من منزلي وأنا أردد هذا الوقت سيمضي تاركة خلفي المذياع يبدد الصمت .