الخميس ١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم حسين أبو سعود

فتّـاح فـال

ما زال فتاح الفال شخصا مهما في حياتنا اليومية منذ القدم وهو البصار والنجومي او من يفتح المندل او قارئ الفنجان، وهو متخصص بمعرفة الماضي والحاضر والمستقبل، وعنده قدرة على الإتيان بالمحبوب والإنجاح في الامتحانات وجلب الرزق وتحقيق فرص العمل وإخضاع الزوج وإركاعه وكشف السارق وشفاء الامراض وطرد الارواح الشريرة ، كل ذلك عن طريق القراءة واعداد الرقي والتعاويذ والحجاب، أي انه يحمل بيده مفتاح كل شئ.

وليس صحيحا ما يقال بان النساء هن من يترددن على هؤلاء دون الرجال وان كانت نسبتهن اكثر من الرجال لاسباب معروفة منها عاطفتها الزائدة مع قلة خفيفة في العقل وحبها في الوصول الى مبتغاها بسرعة فائقة دون توخي الأسباب، ولكن الرجال ليسوا بأقل من النساء في التردد على فتاحي الفال، ومن بين هؤلاء مشاهير واسماء لامعة في دنيا الفن والادب والرياضة، وقد وصل فتاح الفال الى القصور الرئاسية ايضا ليكشف للرئيس عن اعداءه ونوايا بطانته واسرارا اخرى قد يحتاجها في ادامة ملكه والحفاظ على كرسيه الوثير.

وبعض هؤلاء المنجمين نجح في بلاده وامتدت شهرته الى الافاق فسافر الى دول اخرى اكثر ثراء فتحقق له هناك ما اراد حتى صارت القنوات الفضائية تتسابق فيما بينها على استدراج فتاحي الفال وتخصص لهم ساعات من البث لبرامجهم التي تحقق عادة نجاحا أكثر من البرامج العلمية والرياضية مثلا، ويتساوى في الذهاب الى فتاح الفال الجهلة والمثقفون والفقراء والأغنياء، كما يتفاوت فتاحو الفال في نسبة التوفيق فمنهم من يتخذ له مكتبا انيقا مكيفا ومنهم من يفترش الرصيف ومعه ببغاء مدرب على التقاط بطاقة من مجموعة بطاقات كتب عليها معلومات تنطبق على أكثر الناس.

ومهما يكن من تاثيرهم وابداعهم والتزامهم بوعودهم الا انهم يظلون ارباب دجل وشعوذة ويخلطون هذا الدجل بالدين والدين منهم براء، إذ يظلون كذابين وان صدقوا، وقد حرم الدين الحنيف الذهاب إليهم والاستعانة بهم والاعتماد عليهم، ويقال ان رجلا وجد بين ملابسه تعويذا ففتح خيوطه فوجد فيه ورقة داخل ورقة داخل ورقة فيها حبات من الفلفل الاسود وعود ثقاب ولوزة واحدة وكتابة رديئة بالزعفران (الحاق الواق الباق + -*=هذه المراة المسكينة زوجها يتاخر في المجئ ليلا فعليه ان يبكر وان بكر فقد بكر وان لم يبكر انشالله عمره مابكر ويطبه طوب) أي يطبه مرض اي في ستين داهية اي الى جهنم وبئس المصير، فاللهجات تختلف والدجل واحد.

وذكر لي مرة احد الظرفاء انه وجد في مخدته شيئا صلبا ففتحه واذا به تعويذ صنعته امه له لكي لا يعترض على بيع اللبلبي والباجلا كل صباح قبل الذهاب الى المدرسة.

وكان احد الضباط الكبار يلجأ الى ساحر نوراني الطلعة سريع الدمعة طويل القامة عليه اثار الاستقامة، وقد نلت شرف مرافقته وفيض مجالسته فاكتشفت فيما بعد بان الرجل يحتفظ بعدد من التعاويذ المعدة سلفا داخل أكياس نايلون ويودعها المجاري حتى تخيس وتبدو قديمة وتكتسب رائحة كريهة ويخرجها عند الطلب فيضيف بقلمه المبارك اسم الضحية مع اسم الام فيتخيل المسكين انه اتى بالسحر من مكانه المخبأ فيه.

ولا شك بان هؤلاء اناس اذكياء يعرفون نقاط الضعف لدى الاشخاص وقد قال لي شخص هندي قضى عمرا طويلا في استحصال هذه العلوم والفنون بان 95% من مدعي هذا الفن لايجيدونه وهم ارباب دجل وشعوذة يستغلون ضعف الشخصية واستفحال الوهم لدى الزبون فيعالجون الوهم بالوهم ، وسلامتكم من الوهم.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى