الخميس ٦ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم البشيرعيسى بن عبد الرحمن

في وداع عاصمة الثقافة العربية

تركت عاصمة الثقافة العربية في الجزائر سقط متاعها من رقص وغناء... وشيء قليل من المساحيق التي أوشكت مدة صلاحيتها على الانتهاء إن لم تكن قد انتهت..! وودعت بدموع إلى مطارات دمشق..إلى ترابها الناصع وعبق تاريخها الندي...

هي هنالك الآن...وأنا هنا شاعر تكتبه القصيدة لذاته..يسير على نجماته كي يبلغ طينه..

رسام ملته لوحاته / أنامله..مطرب حَقٌ تحتج عليه حنجرته..مسرحي يحفر قبره- أبصر الآن ركح "محي الدين بشطارزي" يصلي عليه - ..كاتب يحضن أقلامه بالجفون وبالجنون ثم فجأة يكسرها ثم يشاء أن يعيدها ولكن...مثقف نال ماذا ؟ من هذه الملتقيات..الأماسي..السهرات..الثروات..(الكرنفالات) في الدشرة وفي غيرها- نرى بقايا طحين فأين الجعجعة ؟!-..المنشورات آه ...ها هو " الحمار الذهبي" تارة أخرى يظهر للوجود في طبعة أنيقة! ليطبع على قلوب المبدعين عامة والكتاب خاصة ولسان حاله يقول:
 أنا الحمار الذهبي وأنتم ماذا ؟ لعلكم أحمرة من نحاس أو كرتون؟!

هي هنالك الآن...وأنا هنا يُشاهدني أتشظى حفلُ افتتاح أعني اختتام تظاهرة

" الجزائر عاصمة للثقافة العربية/2007 " عبر" اليتيمة " التي ما استطاعت- أو لعلها ما سعت- أن تحفظ للجزائر ماء الوجه ووجه الماء من خلال النشرات الثقافية.." أصداء الثقافة العربية ".."المفكرة الثقافية" وإطلالات أخرى محتشمة وزهيدة،وعهدي بها ما رعت للمشاهد بصفة عامة ذوقه وما راعت طلبه – وأسجل لها في الوقت ذاته للتاريخ، ولمن سيأتي أنها ما خدشت حياءه إلى حد- وما وعت بصفة خاصة بأحاسيس وأذواق ودهشة وخيال الشعراء والأدباء ولولا " وجهة نظر" و"قراءات" و" الأماسي" و"قرأت لك " و...على مالها وما عليها لضاقت السماء على الأدب الجزائري بما رحبت وقد ضاق به ذرعا بياض الورق! وبرغم ذاك ما ادخر منتجوه من جهد كي يكللوا رأس الجزائر بالذهب والفخار،بالجوائز الأدبية العربية كـ:"جائزة الشارقة للإبداع العربي" و"جائزة مؤسسة سعود البابطين " و" جائزة سعاد الصباح" و"جائزة دبي" وهذا منهم في حق حبها أضعف الإيمان.

وآه... يا أيها السِّحر والجمال الذين يسمونه مجازا شعرا وقصة ورواية فقد سيّجوا مدينتهم الفاضلة / سنة الثقافة العربية وحرموك بذلك من الدخول إليها حتى لا تفسد عليهم موائدهم وتزعج بطونهم المحترمة جدا عندهم!!هؤلاء " الأفلاطونيون " وهو منهم براء، حرموك من " إ قامات الإبداع " من " قصر الثقافة " من " مسرح الهواء الطلق "من " قاعة الموقار" من...ومن " القاعة البيضاوية " التي ما فتحت قلبها لك يوما... أعنيك يا أيها الفكر الجاد /الخيال السابح /المعنى المدهش...أنت يا المتجذر والباسق.

هي هنالك الآن...وأنا هنا شاهد على غياب شمس " النشرة الثقافية " الباردة والصاعدة في النزول...! أنا هنا أخشى على ما أسميه – تفاؤلا- منجزات " الجزائر عاصمة للثقافة العربية " أنا هنا أخشى أن تدخل المسارح في عطلة مدفوعة الأجر وغير مدفوعة الأجر، أن تعود كما كانت ليس بها إلا الصمت والفراغ فلمن سيصفقان؟! أنا هنا أخشى على أنفاس الكتاب وعلى رئتيه من غبار النسيان؟ أنا هنا – واغفروا لي هذه الثرثرة- أخشى أن توصد الأبواب التي نراها... بوجوه نحملها ولا تحمل فرحنا ولست أدري إلى متى سيظل مؤجلا يا وزارة الثقافة ؟!

هي هناك...وأنا هنا...لا أذمك يا بلادي ولا أحط من قدر لك في قلبي عظيم..لا أبخس الناس أشيائها..لا أنكر أن هناك من سعى من قبل ومن بعد وكان سعيه مشكور...ولكنها الغيرة عليك والحب لك والحرص كل الحرص مني- أنا ابنك وشاعرك – لكي أراك بعين الرضا... فقد نقشت حبّك في دمي ذات عمر هو الماضي والحاضر والآتي :

هُزِّي إليك بجذع القلب ما تجدي*** جزائري يا جراح الرّوح والكبد

واستقرئي أعظما قد شانها وجع *** تخْبـرك أنك بعـد الله معتقدي

هي هنالك الآن... وأنا هنا ألون النزيف الباسم / الأمل الباكي ويلونني بألوان العلم الوطني...يا بلادي كانت وصية والدي(يرحمه الله) إليك" أن أدفن في ترابك ليذكر العابرون شاعرا نحيل التراب..باسق الروح ، مرّ من هنا ودفن هنا إلى جوار عظام أبيه... عاش يملأه حبُّك إيمانا "


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى