

قراءة في ديوان «رحيق الروح»
يقطع ُ طرقات ِ مدينتهلا تتعب ُ قدماه ُ من السير ِيظل ُّ يسير ُ يسير ُوليس َ إلى جهة ٍ أو من جهة ٍ يبدأخط ُّ مسيرته ِوتسير ُ برفقته ِ الأحلام ُ وكل ُّصنوف ِ الحزن ِيغني ويصيح ُ .. ويهذييصمت ُليعود َ لوحدته ِ
يرمي بالسّهد أحزان الماضي البعيد وينشد ُ شمسا ً عبر دروب الليل في سيره الطويل.. لا يجني غير الأحلام ويبقى يحمل ُ فوق الصدر ِ بقايا الحزن.. يعيش ُ مع وحدتهِ
في صمت ٍ مطبق لينفض عنه تعب غبار السنين.. تروّعه ُ الأشباح وينسج ُ في الظلِ
قصائد أحزانه..
عن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع في سوريا وضمن إصدارات اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في البصرة المجموعة الشعرية الموسومة "رحيق الروح" للشاعر طالب عباس هاشم.. ضمت المجموعة (17) قصيدة.. يتناول فيها الشاعر وحوش الأرض عندما تعبر جسر الأحزان مع رائحة الليل.. يمر ُّ حزينا ً.. ينظر من زاوية العين.. يسمع ُ صوتا ً.. الحزن خلف الباب.. يحمل ألآمه ويمضي في شوارع مقفلة.. يرجع ُ في ظلمة الليل دون كلام.. يتلمس دربه ويتعثر من ثقل خطاه.. بسكنه الألم ويبقى الحزن في قلبه كقمر بلا ليل.. يعيش في عتمة مع قصائده ويلقي بظلال القلب أحزانه..
حين َ يجئ الحزن ُ إلينايطرق ُ باب َ الدار علينانهرب ُ منه إلى الطرقاتونرش ُّ الأرصفة َ الأولى بالأزماتبالصدماتأو نتذكر ُ وجها ً ماتوإذا خمدت نارُ الحزن ِ قليلا ًنرجع ُ دوما ً دون كلامفنرى الحزن َتمد َّ دَ قرب الباب ِ ونام..
يرسم الشاعر طالب عباس صوره الشعرية بكل دقة وإتقان ويثبت حضوره الإبداعي
الحسرة ُ تلسع ُ قلبه.. يئن بعينيين في مساء ٍ بعيد.. يوز ّع أنفاسه في حزن ٍ عميق.. مع احتراق وتر الصمت ليهوي على منحدر ٍ من الأوجاع.. تزداد همومه وتتكسر المرايا ويتوغل الحزن في دمه.. يصرخ من صمته ويبقى منعزلا ً ووحيدا ً في احتراق..
كلما شعرت ُ بحاجتي إلى البكاءلا أستطيع ُ أن أبكيولهذا أبكييا أبت ِ الترابيتخليت ُ عن صمتي الذي كنت تسمعه ُأجل كان صمتي عاليا ًوها أنا اليوم أصرخ ُكي لا أزعج ِ الآخرين
يمضي وحيدا ً بين الظلال.. يسترجع اللحظات.. يطوّقه الحنين تحت إضاءة فجر ٍ بعيد.. يدق ّ جدار العمر في صمت ٍ.. ليكتشف زمن رعب الكلمات حين يفلت من قيده.. يثقل قلبه حزنا ً لأرض الفاو.. يفتش عن كونه في طريق ٍ طويل لتبقى في أعماقه الذكريات.. معذرة أيها العذاب، عندما تأكل الألوان أشجار الطفولة.. يظل المطر قاسيا.. والفرح عميق كالموت.. يامن كنت بيتا ُورفيقا ً وسافرت نحو الفضاء المغادر..
مولاي أبي ..أتعبني زمنيوالى الآن أرى قلبي يتمناكإلى الآن أراك َ تجئ بكل ّ هداياك إلي َّكان خرافيا ً وجهك في أرصفة ( الفاو )وأنت َ تغادر ُ
يرجع وحده بذكرياته يتمهّـل حلمه.. كل شيء ينتهي وتنطفئ الشموع.. يسأله المدى في عتمة الخيال..؟ هل يطوينا الزمان بدربه.. هل نظل ُّ نرقب ُ في الفصول سحابة.. شجر ٌ يرسمه ُ الدمع ويتحسس صوت أنين السفن.. يشهد لحظات الغروب حين يختار لنفسه زاوية أو سفر ٌ دون وصول..
وسحابة ً رحلت تجر ُّ كما الغريب دموعهامن سوف َ يحتضن ُ القصائد َ بعد أنيتحرر َ الشعراء ُ من أسْر ِ الوجودأيكون ُ للشعراء ِ إن رحلواوريث...؟
يبقى العمر ُ أرجوحة ً يحمل ُ حزنا ً باتساع الجراح .. والحياة ُ لعبة ٌ نحو البؤس والشقاء.. نبكي لحزن الناس من هموم ٍ تغوص في أعماق القلب ووجوها ً نكلمها بدون صوت ٍ ترحل نحو الفناء.. تتشظى الكلمات وتأتيك مبللة ً رطبة من أثر جروح الأرض المندملة..