لا دولة
مشكلة لبنان غياب الدولة والحل يكمن في وجودها..
لطالما كانت جروح هذا الوطن نابعة من مشكلة وحيدة هي غياب الدولة. فاندلاع نيران
الحروب، بين حرب أهلية وحرب مع الفصائل الفلسطينية والإجتياح الإسرائيلي وانقسام
سياسي إبّان كلّ حرب بين مطالبٍ لحلٍّ أمني وأخرٍ لحلّ سياسيّ، ومع سفك دماء الألاف
وتهجير الألاف وحتى الوصول إلى اتفاق الطائف وتقسيم الوطن على أساس طائفي، يعود إلى
غياب دولة القانون والمؤسسات.
منذ العام 1975 وحتى يومنا هذا ولبنان يشهد مشاكل يومية، مشاحنات على كل الأصعدة،
مهاترات سياسية، انقسامات تخطت المجتمع والدين والطائفة ودخلت ضمن العائلة الواحدة ولا
ابالغ ان قلت انها باتت انقسام بين الفرد وذاته.
4 مليون نسمة لا يجمع بينهم شيء وخصوصاً الوطن. كل يغني على ليلاه، وكلٌّ يصرّ على
فرض ليله على ليل الأخرين، إلى أن اختلطت الليالي وما عدنا نعرف أي ليلٍ سيرخي ظلّه
علينا ويثقل كاهلنا.
إعتدنا على السجالات الفارغة، إعتدنا على الشحن الطائفي، على الصراعات ليلاً ونهاراً،
باختصار إعتدنا على القلق. يعيش اللبناني حالة قلق وتعب نفسي مستمر سواء على لقمة
عيشه وخصوصاً على أمنه، فإن نام على هدوءٍ، صحا على فاجعةٍ دون سابق إنذار. إعتدنا أن
ينتهي كل صيفٍ قبل أن يبدأ، فشتاؤنا يحمل مناوشاته الخفيفة وتراكماته الكثيرة ويفجرها في
الصيف، فتارةً تضربنا إسرائيل وتارة تسقط الصواريخ من الجانب السوري، أما في أغلب الأحيان
لا نحتاج إلى أي فتيل خارجي، نهبّ للإقتتال فيما بيننا ونتصادم مع جيشنا حتى يهدا بالنا بعد
خروجنا من دائرة الهدوء الروتيني الممل.
والخاسر في كل هذه المعمعة جيش يسقط منه خيرة شبابه وأرواح مدنية تسقط عبثاً وأضرارٌ
مادية جسيمة ولا حياة لمن تنادي. وكل هذا لن ينتهي إلا بقيام الدولة اللبنانية. حينها
نستطيع البحث في أي سلاح خارج الإطار الشرعي، حينها نقضي على كل المظاهر الطائفية،
ونتصدى لأي اعتداء على كرامة هذا الوطن.
حتى ذلك الوقت، لا تصرخوا مطالبين بالحلول ولا بالأمن ولا بلقمة العيش ولا بالتأمين الصحي.
حتى ذلك الوقت إكتفوا بالبكاء على حالنا وتناسوا في اليوم التالي.
حتى ذلك الوقت، لا تسألوا عن لبنان..