للأديب وظيفة في بناء فكر المجتمع وتصحيح مساره
ولد الروائي والصحفي سليمان الصدي في بلدة"إزرع"الواقعة في مدينة"درعا"السورية عام1954م، وبعد حصوله على الثانوية العامة اختار السفر لتحقيق طموحه في أن يكون مخرجاً أو صحفياً، واستقر به المقام في هوليوود حيث درس الصحافة والإعلام وتابع في الدراسات العليا.
كتب مقالات في السياسة والفكر والأدب في عدد من الصحف العربية مثل: صحيفة الانتشار العربي وصحيفة الأخبار ومجلة بانوراما.
صدر له: تراتيل لعينيكِ، وهو عبارة عن خواطر اغترابية، وكتاب من أوراق الحياة الذي احتوى على مقالات في الحب وتحديات الرجاء.
أما روايته الأولى فكانت بعنوان: رائحة التفاصيل، وقد نُظمت أكثر من ندوة نقدية لقراءتها وقُدّمت حولها دراسات نقدية عديدة جُمعت في كتابين.
ديوان العرب تواصلت مع الروائي سليمان الصدي عبر الشبكة وكان معه هذا الحوار:
– تقول إن الرواية أقدر على إيصال الفكرة من غيرها، لماذا برأيك؟
للرواية حضورها الواسع على الساحة الأدبية، وهي موجودة بالتوازي مع أنواع أدبية أخرى يضاف إليها جنس الشعر بأنواعه المختلفة، ولا ننسى أن الرواية ديوان العرب في القرن العشرين، وقد استمر ألقها إلى القرن الحادي والعشرين على الرغم من ظهور أنواع حديثة كالقصة القصيرة جداً وقصيدة الومضة، لكن يبقى للرواية وقعها الخاص.
والرواية بطبيعتها مسرح واسع للسرد، تساعد الكاتب على التعبير عن فكرته الأدبية بحرية أكبر من الأنواع الأدبية الأخرى.
– ترى في شجر زيتون"إزرع"بلدتك الجميلة الواقعة في ريف درعا الساحر، ترى في هذا الشجر سياجاً.. إذن: ماذا ترى في شجر الوطن سورية؟
سورية السياج الذي يسوّر قلبي أينما اتجهت، والعشق الذي يسري بدمي، هي الهواء الذي أستنشقه، ولا أستطيع الابتعاد عنها، ومنذ أن اغتربت أعود إلى أرضها في كل عام، وأحاول في مغتربي أن أقدّم شيئاً بسيطاً لها عبر نشاطاتنا الثقافية والفكرية في الجالية ونشاطاتنا الاجتماعية.
– برأيك هل الرواية هي ديوان العرب أم الشعر هو ديوان العرب؟
كان الشعر ديوان العرب على مدى عصور، سجّل مآثرهم وملاحمهم ودقائق حياتهم، لكن طبيعة العصر فرضت تغيراً أنتج هذا النوع الأدبي، وهو ليس غريباً عن أدبنا العربي القديم مع أنه نتاج العصر الحديث، فقد عرفنا شهرزاد الساردة الأولى في الثقافة العربية، ويعدّ السرد الروائي الأقدر حالياً على تجلية الهم العربي وشجونه لذا أرى أن الرواية قد غدت ديوان العرب في عصرنا.
– في رواية رائحة التفاصيل: كم يشبه عزام العبدالله سليمان الصدي؟
يشبهني كثيراً بطموحه وجموحه، بإنسانيته وفيض عاطفته، بوطنيته وعشقه لأرضه.
– تحدثت في روايتك عن العودة، وسردتها بطريقة جميلة تبعث على التفاؤل بالعودة إلى الوطن الأم، هل سنشهد عودة للصدي إلى سوريته الحبيبة في القادم القريب؟
أغادر سورية في كل عام، لكن سورية لا تغادرني، وأحرص في كل عام على القدوم إليها، وأفكر أن أمضي بقية حياتي تحت أغصان الزيتون الوارفة في بلدتي الوديعة إزرع.
– من الكاتب الذي يلامس روحك؟
الكاتب الذي يؤثر فيّ إلى درجة التماهي معه جبران خليل جبران، تؤثر كلماته فيَّ وسيرة حياته تبكيني ورسائله التي تبادلها مع ماري هاسكل أحفظها عن ظهر قلب وأشعر أنه يتحدث بلساني، وكثير من المحيطين بي لشدة معرفتهم بطباعي يقولون عني جبران الصغير.
– نريد أن نعرف كيف كان الطريق إلى الغربة؟ وبرأيك ما القيمة المضافة التي تقدمها الغربة للكاتب أو الشاعر أو الأديب؟
الغربة ألم ومعاناة، والإبداع الحقيقي لا ينجم إلا عن المعاناة، وفي الغربة نعرف قيمة الوطن وتصير محبتنا له أشبه بالتصوف، ووفاؤنا له شعاراً في حياتتي
– في سن ال 14 عام كتبت قصيدة هل تذكر لمن كتبت تلك القصيدة؟ وهل كان كتاب"تراتيل لعينيكِ"هو ديوان شعرك الأول؟ وهل تجد نفسك في الشعر أم الرواية؟
كتبت قصيدة لأختي منى الأثيرة جداً على قلبي، وجمعت أشعاري في ديوان شعري أطلقت عليه اسم تراتيل لعينيك، وأنا لا أدعي أني شاعر أو روائي، أنا هاو للشعر وعاشق للأدب، وقد حاولت إفراغ شحناتي العاطفية على الورق.
– تكتب في السياسة وتكتب في الحب والغزل.. هل تحدثنا عن هذه المقارنة :ما بين السياسة والحب؟
تدخل السياسة في تفاصيل حياتنا كلها، حين أتحدث عن حبيبتي الشامية أجد نفسي مازجاً بين السياسة والحب، فحبيبتي من الشام، ويؤلمني كثيراً ما تعانيه الشام لأنها الحبيبة الأكبر من أي حب آخر.
– ظهر ما يسمى بالهايكو العربي أو شعر الومضة، ونحن نعلم أن الهايكو هو ياباني بحت، برأيك هل يمكن أن ينجح هذا النوع من الشعر، وهل يمكن أن نسميه دخيلاً على الأدب العربي؟
الهايكو نوع شعري جديد أرى أن الذين كتبوا فيه ونجحوا قلائل؛ لأنه يحتاج إلى موهبة وشعرية عالية، وهو يقوم على حال تكثيفية عالية وبلاغية شديدة، وعصرنا الحالي يميل إلى الاختزال والقصر في كل شيء لذا أجد انه نوع شعري موجود على الساحة النقدية سواء أقبلنا به أم لا، وله متابعون، وهو ليس دخيلاً ففي أدبنا العربي القديم ما يشبهه كقصيدة البيت الواحد وفن التوقيعات وغير ذلك.
– في زمن الـ"كورونا"..برأيك ماذا على الأديب أن يفعل؟
الأديب ليس قاصاً روائياً فقط، بل له وظيفة في بناء فكر المجتمع وتصحيح مساره، ويمكن للروائي ان يقدّم فكره من خلال الرواية فيما يتعلق بهذا الوباء العالمي، فيتسلل فكره عبر صفحات روايته.
– ما العنوان"الروائي"الذي تختاره لعام 2020؟
لا أستطيع ان أحدد عنواناً روائياً واحداً، يمكن لكل رواية أن تتميز بجانب لا يوجد في رواية أخرى، وأفضل قراءة الرواية التي تجمع شعرية السرد مع متعة الدراما.