ما الذي يمنحه عبد الله رشدي ليذيع صيته ويلمع نجمه؟
في ظلّ الأوضاع الرّاهنة، وخروج المرأة لسوق العمل، وقدرتها على أن تعول، والاستغناء عن خدمات الكثير من الرّجال، فقد الرجّل المعاصرمواطن قوّته التي كانت تستخدم قديمًا للضّغط على النِّساء، الجيل الراهن في تخبّط واضح بين الأجداد وأصالة مفاهيمهم والجيل الجديدالصغير الذي يخرج إلى الحياة بلا مباديء ولا أخلاق، حلقة من التيه يدور فيها الرّجل العربي حول إرادة حقيقية وسعي دؤوب لمعرفة دورهفي المجتمع!
قديمًا كان الحصول على الطّعام أصعب ما يكون، كان يخرج الرّجل للصّيد ليطعم أبناءه، قد يعود وقد لا يعود، يُقال إن كل مرّة كان يخرجفيها للحصول على طعام، كان يودّع ويُقبّل وكأنه لن يعود، وما إن يعود حتّى يجد البهجة والسّعادة من أهل بيته لعودته إليهم.
لِمَ لم تكُنِ النِّساء تفعل ذلك؟
ببساطة يعود السّبب لقوّة البنية الجسدية لدى الرّجال، أما اليوم فالطعام متوفّر عن طريق "الدليڤري"، فمن الطبيعي أن يشعر الرجل أنه لاقيمة له متخبّطًا حائر لا يعلم ماذا يفعل!
للرّجل أدوار كثيرة في المجتمع أهمها التعليم، علّم الله آدم وأمره بتعليم حوّاء ليس التّعليم وحده، بل ثمّة الكثير من الواجبات التي يجب عليهتقديمها بعيدًا عن البلطجة والوقوف على قمم الشّوارع والبذاءة والدخول في معركة مع كل من هب ودب!
ما الذي يريده جيل اليوم؟
القوّة وحدها القوّة ما تبقى، نعاني من التّحوّل في شخصيّة البطل، بصورة مبالغ فيها، حيث يصوّر الإعلام ذلك بطريقة تجعلك تتعاطف معالمجرم البطل، لا مع صاحب الحق، ليس كل الإعلام، لكن ثمّة نزعة في الشباب للانحياز للقوّة الوهميّة التي تصنعها الصور على مواقعالتّواصل الاجتماعي، صور مليئة بالمكمّلات الغذائيّة والجيم والعضلات المبالغ فيها، وأعمال البلطجة والسلب والنهب والتعدّي على الآخريندون قيمة حقيقية أو عقل يفكر، فما الذي تستطيع تقديمه لتلك الفئة؟
لطالما استمتعنا بمناظرات "ذاكر نايك" لأدبه الجمّ وأسلوبه المبجّل وصبره على مُحاوره، وحسن تهذيبه، وموضوعيّته، لكن كيف حال المناظراتاليوم؟
في مناظرات اليوم ثمّة جيل من البلطجية يقف في ظهر من يدعي أنه يتحدث باسم الإسلام، كل ما يعرفه هذا الجيل القوة والضعف، النصروالهزيمة، "مين بيحط على مين" جيل يُخيّل له أن نصرة الحق "جلد" حيث أصبحت الكلمة المتدوالة على لسان أؤلئك الذين يدّعون نصرةالدين، لا نقول بارك الله لك أو أثابك الله ياشيخ، إنما يهللون خلفه كالقطيع مرددين "إجلد يا جلّاد"
دون أدنى وعي عما يردد أمامهم أو يقال، لا تشغلهم القضيّة من الأساس، ما يشغلهم لذّة الانتصار بانتصارات لم يحققوها، نشوة زرعهافيهم حب الفوز والحرب، لا الحق والصواب.
ما الذي تستطيع منحه لهؤلاء؟
القوّة والسّلطة، خطاب يحضّ على الكراهية حتى بين الأخ وأخته، الجار وجاره، بين أي ذكر وأنثى.. من باب الوصايه، لكن مهلًا شيخيالفاضل
هل منحت الشّباب شيء من الأخلاق أو حدثتهم عنه قبل فرض الوصايه؟ هل يكون شاب أرعن طائش وصيّ على والدته الأرملة التي جعلتمن كتف ماء والآخر طعام ليشتدّ عوده؟ قل لي بالله عليك أيّة وصاية تُفرض من قِبل مراهق عابث على الشّارع بمن فيه؟
امنحني إجابة عن ذلك السؤال، وفكر فيه قليلًا قبل أن تجيب:
فاقدو الذكورة الحائرون في دورهم في المجتمع، المهووسون بالقوّة والسّلطة، ماذا سيحدث إن منحتهم سلطة على الشارع "مكانهم الأصليوبيئتهم التي يقضون فيها أغلب وقتهم"؟
ببساطة سيحاكم كل ذكر أي أنثى في الشارع، ليس من باب الدّين لا، لكن من باب فرض القوّة والسّلطة الممنوحة باسم الدين!
لماذا يفعل ذلك؟
إنه نهم الشهرة والتريند، ذلك المارثون اللا متناهي ولا المنقطع، ما الذي يحقق شهرة الآن وثمّة مائة ضحيّة مغتصبة أن أبرر، أن أنطق عنالهوى، أن أقول ما يثير الناس.
حققت التريند .. تهانينا
هل قام بتغيير رأيه والتعاطف مع الضحيّة؟
لا، فقط كتب بوست يقول فيه إنكم قد فهمتموني بصورة خاطئة، ولم أكن أتحدث سوى أن ذلك سبب من الأسباب، حسنًا وأين بقيّة أسبابك؟!
الإباحيّة التي تتربّع مصر على عرشها؟
الأوضاع الماديّة السيّئة التي تجبر المرأة والرّجل على العمل لساعات طويلة جدًّا دون العناية بأبنائهم ومفاهيمهم؟
أصدقاء السَوء؟
لم يتحدّث عن أي سبب من الأسباب الأخرى، كما أن بعض الأخوات حاولت التواصل معه في تعليق كتبت فيه أنها قد تعرضت للتّحرشبكامل احتشامها وسترها، لكن رأيه لم يتزعزع أبدًا ..
والجمهور من خلفه يصفّق تصفيقًا حارًا ..
عن كونه قاهر الكُفر
أي كفر؟ لا أحد يدري إلى الآن!
الخطاب الديني في مصر بحاجه للتجديد فعلًا على يد من يجيده، من يقترب من النّاس ويناقش مشكلاتهم، ينقذهم من الكبائر والشركوالأضرحة التي لم يتحدّث عنها مشايخ التريند، بحاجة للحديث عن الأخلاق قليلًا، أخلاق الشّارع، وإماطة الأذى وعدم الجلوس في الطّرقات،والكثير الكثير من الأخلاق..
في النّهاية:
لا ينبغي أن تُمنح المنابر للّاهثين وراء التريند، بل عليها أن تُنتزع وتمنح لأهلها الورعين الزّاهدين، ممكن يوجّه الشّباب ولا يزرع فيهم الكراهيةتجاه أي تاء تأنيث.