نوتة موسيقية للحياة
أغنية واحدة لأم كلثوم كل فترة تكفي
تنتشي بها روحك تستمع إليها مِرار وتكرارا
تبتسم إليها في الطرقات وأمام المارّة وفي سريرك وقبل نومك وفي مغطسك الدافئ، وتُداعِب قلبك!لكنني أخشى أن تنفذ أغنياتها ولا يعودلديّ أغنيات جديدة لام كلثوم لأستمع إليها ..
صحيح أن صوت الراحل طلال مدّاح قويّ وألحانه مُبهرة لكن ذلك يروق الجميع فيه كمطرب ؟
ما يروقني هو كيف خرج من البيئة التي كان يغني فيها، كيف صمدت أوجاعه أمام المتدينين، كيف كان يغنّي وكل دقّة عود تصدح في زمانهكانت تُعدّ كُفرا .. أستمع لنِضاله لا لِغِنائه لإيمانه لثباته وموته على ما يُحب!
بينما كان يغني عبدالحليم للحب ويتغنى به .. أجرى 61 عملية في حياته كل مرّة كان يغني فيها لم يكن يعلم إذا ما كان سيعود للمسرح أملا، يغنّي عبدالحليم على هاوية المرض للحب .. ويتهافت الجميع في كل مرّة على تذكرة حفلة لعبدالحليم أتراه كان الخوف من الفقد؟
فقده هو عبدالحليم؟
نُحِبّ أم كلثوم ونحِنّ إلى طلال ونتغنى بعبدالحليم بمقدار .. بجرعة يمليها عليك عدم وجودهم الآن
عليك أن تعدّ نفسك لكل أغنية جديدة تستمع إليها وكأنك تملك كنز من الحلوى أو زجاجة نبيذ فاخرة وتخشى النّفاذ!
لربما كانت لذّة تلك الأشياء في الخشية من انها قد تنفذ ؟
لا اعلم إذا ما كنّا موجودين في ذلك الوقت أترانا سنكون من أولئك ممكن يتهافتون على تذاكر الصف الأول أم كنا سنكون على دراية بأن لاأغنية ستفوتنا وأن أم كلثوم وعبدالحليم موجودين ليغنوا لنا أغاني جديدة دائما!
لكن لا ..
فحتى عبدالحليم وأم كلثوم قد عرفو كلمة السر لنوتة الحياه ..
أن تتوق للحفلة
تدخّر ثمن الأسطوانة
أو أن لا يكون ثمّة إسطوانة أصلا ؟!
عليك أن تأتي لتستمع في كل مرّة يختلف شيء ما يضفي على الأغنية روحاً يمنحها كمالا مبهر يتلخص في نواقص الأشياء !
الأشياء القليلة التي نسعد بها كالأعياد، القليل من كل شيء يمنحه قيمة مضاعفة، لذّة طويلة الأمد، ونشوة نهاية لا نتنهي..
كأس نبيذ واحد لا يُسْكِر
يأخذك في رقصة مع الحياة
تُصالِحُها فيها بدلا من أن تُنَاطِحها
تجلس أمامها سُلطان واضِعاً ساق فوق الأخرى .. رشفة رشفة كي لا تنتهي الجولة سريعا، كي تثمل على مهل!