الأحد ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم سعود الأسدي

وأجملُ الشِعْرِ ما غَنَّاهُ صاحبُهُ

لي الحزن ليلاً والصباح به قهر
فكيفَ إذا ما جاءَني الظهرُ والعَصْرُ
تُحيقُ بيَ الأفكارُ من كلِّ جانبٍ
وتُرهقُني ، والمــرءُ يُرهقُه الفِكْرُ
بَكَى شَجَـري لمّا لمستُ غُصُونَهُ
وناحَ على كَفّي بأحزانِــهِ الطّيرُ
وَكَتَّ النّدَى دمعاً على وَجْنَتي التي
جَرَى فوقَها دمعي وقد بَلّها القَطْرُ
فأيٌّ دموعي ؟ لستُ أدري كأنني
ضريرٌ على عينيهِ قد اُسْدِلَ السِّتْرُ
إذا ابتسمَ الزّهرُ المنمَّـقُ ساءَني
كأنّ ابتسامَ الزّهْرِ من حالتي سُخْرُ
وإن نَفَحَ العِطْرُ الذّكيُّ رذاذَهُ
عليَّ أضاقَ الصّدرَ ما ينفحُ العِطْرُ
أمُـرُّ على الوادي الذي قد ألِفتُـه
فينكرُني ، يا بؤسَ ما يفعلُ النُّكْرُ
هنا الصّخْرُ ناجاني وقد كنتُ يافعاً
فما لي أراهُ صُمَّ عن كِلْمتي الصّخْرُ
هنا العشبُ قد داعبتُهُ بأناملي
فخِلْتُ كأنّي منهُ قد مَسّني سِحْرُ
وكمْ من ترابٍ قد لمستُ خُدُودَه
بلطفٍ وعطفٍ مثلما يُلمسُ التّبرُ
وَجَمَّعْتُ من قاعِ المسيلِ حَصَىً
وكم فَرِحْتُ به كالدّرِّ إذ يُجمعُ الدّرُّ
وَرَفّتْ بأحنـاءِ الغديـرِ سنابلٌ
تُراقِصُ مـوجَ الماءِ أثوابُها الخُضْرُ
وغنّتْ على غُصْنِ الحنينِ بلابِلٌ
لهـا عندَ أوتـارٍ أحِـنُّ لها وِتْرُ
هنا ابترَدَتْ من كنتُ أهْوَى لقاءَها
هجيراً ولمّا أنْ شكا هَجْرَها الهَجْرُ
أتيتُ إلى ذاكَ الغديـرِ مسائِلاً
ألا أينَ مَنْ قد غادَرَتْ وبها الغَدْرُ
فلمّا بدا مَـوْجُ الغديرِ مُقَطِّب
اً وجاوبنـي نفيـاً وأرهَقّني الأمرُ
وناديتُ في الوادي ظِباءَ طفولتي
فلم تُلْق لي بالاً وباعَدَهــا النّفْرُ
رجعتُ إلى شبّابتي أجتلي بها
هوىً كانَ لذعاً مثلَما يَلْذُع الجَمْرُ
ورُبَّ عزيفٍ صارَ شَجْواً كأنّما
شَجَاهُ شَجَىً ممن عَرَاهُ الجَوَى وَفْرُ
بقلبيَ في هذي الرّبوعِ مشاعِرٌ
تعودُ غِناءً كلما عادَني الذِّكْرُ
وأجمـلُ الشِعْرٍ ما غَنّاهُ صاحبُهُ
فعادَ بَدْءأً كما قد كانَـهُ الشِّعْرُ
أظَــلُّ أغنّي لوعــةً فكأنما
غنائي شِفـاءٌ مثلما قالتِ الخمرُ
وما أسكرَتْني الخمرُ لكنْ لَذَاذةٌ
بذِكْرِ التى أهْوَى يُخامرُني سُكْرُ
سأبقَى بسُكْري طولَ عُمْري وإنّهُ
سيبقَى رفيقاً لي وإنْ فنِىَ العُمْرُ
لئنْ ضَمّني عَفْري بلَحْدي إلى التي
حَيِيْتُ بها سُكْراً معي سَكِرَ العَفْرُ
وَأحْيا رُفاتي في التّرابِ مُجَدَّداً
وقمتُ أنادي فيهِ : لاكنتَ يا قَبْرُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى