الثلاثاء ٥ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم
هنّ النساء
للشاعر اليوناني سيمونيدس (596 ق. م – 468 ق. م)
هُنَّ النساءُ إذا ما شِئْتَ مَعْرِفةًفاعْلَمْ يقيناً وكُنْ مثلي على حَذَرِطِباعُهُنَّ عجيباتٌ وقد وُرِثَتْعن أُمَّهاتٍ مَضَتْ من سالفِ العُصُرِخَبَرْتُ منهنَّ أحوالاً مُصَدَّقةًفاسمعْ وخُذْ يا صديقي أصْدَقَ الخبرِوما أقولُ الذي أشْدُوهُ مُرتَجَلاًوإنّما بعدَ تفكيرٍ ومُختبَرِ**هناكَ خِنزيرةٌ منهنَّ والدةٌوَوُلْدُها مثلُها يسعَوْنَ في القَذَرِشَعْنُوْنَةٌ كَرْشُها بالشّحْمِ مُنْدَلِقٌوثوبُها يشتكي من زَنْخَةِ الوَضَرِوبيتُها مثلُ زِرْبٍ إن مَرَرْتَ بهزَكَمْتَ أنفَكَ بالأصْنانِ والمَذَرِتعيشُ فوضَى وفي الفوضَى الدليلُ علىمَسٍّ خَفِيٍّ بعقلِ الأمِّ مُخْتَمِرِ**هناكَ ثانيةٌ منهنَّ ثَعْلَبةٌقد أُرْضِعَتْ من حليبِ المَكْر في الصِّغَرِعليمةٌ بأمورِ الناسِ أجمعِهِمْفكمْ وكمْ عندَها للناسِ من سِيَرِفأن سَعَتْ تلْقَها في الشَّرِّ ساعيةًتَظَلُّ تقدحُ بين الناسِ بالشَّرَرِوإن مَشَتْ مَرّةً في الخيرِ جاهدةًفضِعْفُ أضعافِهِ تبغي من البشرِوقلبُها قُلَّبٌ لا يستقِرُّ علىحالٍ وقد لَبِسَتْ جلداً من النّمِرِ**وتلكَ ثالثةٌ لا شيءَ يُعْجبُهاقد حمَّلتْ زوجَها عبئاً على الدَّبَرِدَوَّارةٌ في بيوتِ الناسِ تُبْصِرُهالم تُبْقِ للجَخِّ من شيءٍ ولم تَذَرِتجري لتبحثَ عن أسرارِ جيرتِهامن النساءِ وما يفعلْنَ في السُّرُرِولا تنامُ إذا الأسرارُ ما جُمِعَتْليلاً وجاءَتْ لها من مجلسِ السّمَرِنَقّاقةٌ، ووعيدُ الزوجِ يجعلُهاتزيدُ من نَقِّها نَقّاً على الأثَرِفإنْ رَمَاها بلفظٍ أو أذَىً هُرِعَتْكَكَلْبَةٍ قد رماها الدّاءُ بالسَّعَرِلسانُها ولسانُ المرءِ أصْغَرُهُلا يَرْعَوي كلسانِ الحيَّةِ الذَّكَرِلا مَسْحُ كفٍّ عليها نافعاً أبَدَاًولا كلامٌ بلفظٍ عاطفٍ عَطِرِتُرَى كَعَوْسَجَةٍ في الحقلِ مُزْهِرَةٍفإن لمسْتَ خَمَشْتَ الكفَّ بالإبَرِولو غَدَتْ حَجَراً لارْتَدَّ مَعْثَرَةًلسارِبٍٍ أو لسارٍ بِئْسَ من حَجَرِ**وتلكَ رابعةٌ قد صاغَ خالقُهامنها النّموذجَ من قَشٍّ ومن مَدَرِخَوْثاءُ لَوْثاءُ لا فَهْمٌ ومعرفةٌكَلاّ، ولا خيرَ بلْ شَرٌّ ولم تَصِرِإلاّ لتأكلَ حتى إن ألمَّ بهاقُرٌّ وقد أرْعَشَتْها لَفْحَةُ القُرَرِفلنْ تَزَحْزَحَ صَوْبَ النارِ من بَلَََهٍكأنما خُلِقَتْ من طينةِ البَقَرِإنْ قِيْلَ خارَتْ فَقُلْ خارَتْ تخورُ أجلْمن الخُوارِ، ولا خارَتْ من الخَوَرِإذا رأتْها شياطينٌ مُسَلَّطةٌلاذَتْ وعاذَتْ به من وجهِها الكَشِرِ**وتلكَ خامسةٌ لُغْزٌ وقد خُلِقِتْلنا بطَبْعينِ حازا حَيْرَةَ البصَرِإذا رآها غريبُ الدارِ ضاحِكَةًبها يُغَرُّ كسارٍ غُرَّ بالقَمَرِفبينَما هي مثلُ الزّيتِ صافيةٌفإذْ بها مثلُ تالي الزيتِ والعَكَرِوقد تُرى مثلَ وجهِ الصُّبْحِ مُشرِقَةًفإذْ بها كظلامِ الليلِ في الكَدَرِأو أنها البحرُ إذْ أمواجُهُ هَدَأَتْفأبْهَجَ السَّفْرَ والملاحَ في السَّفَرِفإذْ به ينثني سُخْطاً وعربدةًبالبرقِ والرّعدِ يدوي داهمَ الخَطَرِإذا أتاها ذووها فهي تُكْرُمُهُمْأما سِوَاهمْ فخَلْقٌ غيرُ مُعتَبَرتَرَى عشيرتَها أسيادَ بلدتِهاوغيرُهُمْ مُلْحَقٌ بالزُّطِّ والنَّوَرِ**خِتَامُهُنَّ هِيَ الفُضْلَى وقد دأبَتْكنحلةٍ تجتني أرْياً من الزَّهَرِقد صاغَها ربُّها شمساً وكَرَّمَهاونورُها فاقَ نُوْرَ الأنْجُمِ الزُّهُرِيزينُها عقلُها، والمرءُ زينتُهُعقلٌ، وما هو في طولٍ ولا قِصَرِولا بياضٍ يُرَى في الوجهِ أو سَوَدٍولا اسمرارٍ يُرَى في الشَّعْرِ أو شَقَرِلزوجِها قد حَبَتْ حُبّاً وما فَتِئَتْتُحِبُّهُ الحُبَّ إياهُ على الكِبَرِعاشَتْ وإيّاهُ ما مالَتْ إلى أحَدٍسواهُ يوماً ولو في خُلْسَةِ النّظَرِقد انجبَتْ من بنيها كلَّ ذي خَطَرٍشَهْمٍ ذكيٍّ أبيِّ النفسِ مُقتَدِرِتزيدُ فخراً على كلِّ النساءِ فإنحكينَ ما تشتهي الأنثى من الذّكَرِتَصُدُّ لا تَجِدُ الإصْغاءَ يُمْتِعُهاكأنّما ابتُلِيَتْ منهنّ بالضّجَرِإنْ مَسَّها الضُّرُّ يوماً فهيَ صابرةٌما كلُّ من مَسَّهُ ضُرٌّ بمُصْطَبِرِفَنِعْمَ ما زانَها من حُسْنِ سيرتِهاوقد بَدَتْ ترتدي ثوباً من الخَفَرِفهذهِ نعمةٌ كُبرِى وقد رَجَحَتْبكلِّ كَنْزٍ من الذُّهْبانِ والدُّرَرِلتلكَ أبكي فمنْ لي بالرجالِ معيتبكي بدمعٍ كقَطْرِ الغيثِ مُنْهَمِرِطوبَى لمن حازَها في العُمْرِ فهيَ كماتَرَى تَلَذُّ، وتُغني المرءَ في العُمُرِفإنْ ظَفِرْتَ بها فاحْفَظْ سلامتَهافللزّجاجةِ كَسْرٌ غيرُ مُنْجَبِرِ**هناكَ ثانيةٌ منهن ثعلبةٌقد أُرضِعت من حليب المكر في الصِغَرعليمةٌ بأمور الناسِ أجمعِهمْفكم وكم عندَها للناس من سِيَرِفإن سَعَتْ تلْقَها في الشرِّ ساعيةًتظلُّ ثقدحُ بين الناسِ بالشّرَرِوإن مشتْ مرّةً في الخيرِ جاهدةًفضعفُ أضعافِهِ تبغي من البشرِوقلبُها قُلَّبٌ لا يَستقرُّ علىحالٍ وقد لبسَتْ جلداً من النّمِرِ**وتلك ثالثةٌ لا شيءَ يعجبُهاقد حمََّلَت زوجها عبئاً على الدَّبَرِ
للشاعر اليوناني سيمونيدس (596 ق. م – 468 ق. م)