الخميس ٢٤ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم
وقفة على أعتاب الثورة العربية
العزمُ يَصدُقُ ما في النفس من طَلَب | سَلْ فيه عـاقده عن ثورة العُرُب |
عن ذلك الشعب يطوي الأرض معتصِماً | والنصر بُغيَتَه في كلِّ مُطَّلَب |
شُمُّ العرانينِ ما ترقى عزائمهم | كانوا لها الأهلَ بل من خيرة القُرُب |
كانوا العَوانَ إذا يُسراهُمُ انقبَضتْ | يُمنـاهم انبسطتْ فيَّاضةَ الرَّبَبِ |
في زحمة البأس والأهوال تكنَفهم | من عصفها العصفُ ما دارت بِمُنقلَب |
شَدُوا الوثاق فما اهتزت ضمائرهم | أو جاسها الرَوْعُ ما في الروع من حَرَبِ |
أو أسلمـوا الأمر للأيـام قادمةً | حتى تَعَمَّ خـراباً، فوق ذا خَرَبِ |
ما صِنعةُ الفذِّ مأمولاً يطيب به | أحلى وأجمل من أفذاذها النُجُبِ |
هم الأسـودُ إذا عرَّفتَهم فلَهُـم | ما للأسود طباعُ الظفْر والغَلَب |
إن أشعلوا الأرضَ من ثُوارهم حمماً | أيديهمُ انتفضت حَمَّالةَ اللهب |
ما استَرْوَحُوا الجَهد حتى شَدّهم وَثَبٌ | نَهَدوا به في سُرعةِ الشُهُب |
حتى يقولَ منادٍ قَيلَ عنترةٍ: | أقْدِمْ لها الآن، تلكتْ حَظْوَ مَنْ يُجِبِ |
هي ساعةُ النصر حان اليوم موعدها | لمّا توحّد شملُ العُرْب في القُطُب |
لم تحجبِ الشمس عنهم من أشعتها | بل جادت الشمسُ فيهم ضِعْفَ ما تَهَبِ |
حيناً تفيّأَ ظلَّ المجدِ ثائرُهم | واللهُ كان وراءَ القصْد والطلب |
قال الدعيُّ هَوَىً: قد جُنَّ فتيتُنا | يا سُوء ما اقترفوا، يا ضَوْعَةَ العَرَب!! |
لو يَعلمُ القوم ما تُودي عواقبُهم | فيما هم افتعلوا ما هَبَّ ذو صَخَب |
قد كنتُ آمُلُ لا تجري دماؤهُمُ | مُهْراقةَ النزْفِ بين الكَلِّ والهَرَب |
وينطقُ البؤس: عودوا، لا نَتَاج لكم | فالصوت محتَجَبٌ من كلِّ محتَجَب |
عودوا إلى الدار أنّى يُرتَجى بكمُ | إلا كما يَرتَجي الميؤوسُ بالكَرِب |
لكنه الفجر قد لاحت مطالعُه | بيضاءَ لامعةً في شَذوِها الرَطِب |
وأفْصَحَ النصرُ عما كان مأربَه | هذا الدعيُّ بما في القِيلِ من أَرَب |
إنْ ما تَكَشَّفَ مِن لونٍ تَلَوَّنه | بان الخَبَاثُ به من قلبه العَطِب |
الآن أعرفُ من كانوا عباقرةً | وأبْصُرُ النصر لا يُسقى من الرِيَب |
وأعرف الشُمَّ من جابوا بسيطتَهم | تَصْلى بوقعتهم في كل مضطَّرب |
وأصْدقُ اليوم قولاً: إنَّ نطفتَهم | في طَورِها خُلقتْ من قامة السُحب |
من صرخة الشعب لمّا اليومَ يطلقُها | قد نال عزته من صوته الخَضِب |
يا شاهدَ العصر سَطِّر عن سواعدهم | ما كان من أدب أو حُفَّ في الخُطَب |