ِعمر الورد
لأن الربيع اقصر من أن يحتوي كل أحلام السنابل، لأن أحضان السماء لم تمنح عصافير جذلي سوى انطلاقات شاحبة، سأمنح وردة دفلى نبتت في يباب قلبي أن تعيش أبدا.
وحيدة بعلبة كبريتي المضرجة بمطري حتى لب قلوبها اخب كثبان الصقيع، يرمقني ببرده عالم تصدر فيه الجليد روح الأرض قبل أرصفة الشوارع، بياض... بياض... بياض يتلبس كل الأشياء حولي وينأى بنفور مذهل عن قلوب تحث الخطى على أرصفة الشوك، قلوب احترفت الرسوخ بموتها الأسود...!
هي أنا...وهو.... البرد...لا غير....!
لفحات صقيع تصفعني تعبث بمدامعي المتجلدة عبثا، ترفرف أسمالي تستجدي رحمة برد أحال شوارع المدينة حقولا لخيول ريح صرصر ترمح فيها ممزقة جمود اقفرارها بصفير الخوف المشبوك بأسواط السنابك...
علمت لوقتي لم تنتحر الشموس....عند انسكاب دقائق الوقت...!
عند نفاد الضي من قناديل المحبة.
لم تغطس بكل عظمتها صامتة بانخذال لا يليق بالملوك....!
علمت...
لم تنطو الورود على نبضاتها بذبول وخرس فيرعوي أريجها الفتاك صاغرا أمام سطوة اللاشيء...
لم انها برغم عشق العصافير لسحرها، برغم كل ترانيم الحياة المحلقة فراشات في زرقتها....تبقى تشهق ألما...ضنينة بقلبها.... حتى ألأفول.
افهم الآن أن الورود خلقت لأزمان أخرى لذا فعمرها لا يحسب بحسابات أرضية...
صمتت نباهتي فلم أعد أتساءل....
لمّ عمرها اقصر من أن يعد عمرا...؟
وأنا أتحرى أناملي متصاعدة للأثير متوغلة بصلاة عشق لسماوي لم يكن ليوجد أبدا إلا في يباب خيالي...خلف أستار ممالك النبلاء المنقرضة،عشق يتملكني حد اختناقي....حد ذهولي وانزوائي في ركن قصي من حافة العالم... تلك الأقرب لوجه الله....
أجدني أهش الأشباح وحيدة في حقول الظلام....
لا يسمعني سوى صوتي... ولا يهديني بجواب إلا صفير قطارات الرحيل...
يمنحني تذاكر انزلاق لانهائي في أنفاق موت متكرر يمتص رحيقي بانتشاء...
من نفق لنفق أراني أنضب وأتلاشى...!
يمكنني الآن أن أتشبث بيقيني مشتتة انسكابات النهار بروحي...
أحتضن بتلاتي الناصعة وانزوي بانتظار الريح عند أطراف الخريف....
أرتجي الظلام سلب ضيائي لأمارس هناءة الانسياب في موجه الأسود....
إليّ يا سكون اسلب ترنم دقائق لم تزل تنبض رغمي...
مزق نياط قيثاري الوردي واركني... بلورة.... في هدوئك الأبيض...!
مثلهم....كنت أتمنى ارتواء الشموس...يمنحني لون الفريزيا * في زمن اللالون....
و برضا يبرر سكينتي أجدني أتقبل موتي، مجترة سغبي ، مندسة بهدوء في عتم نقاء لا يليق....
لا يليق أبدا... بالأرضيين.
فأنا...بت اعلم....
لمّ تنتحر الشموس كل مساء
لم تغمض الورود أجفان عشقها الملونة مستسلمة لموت داكن،
كل أسئلتي التائهة في لجج تمورت بصخبها طويلا وجدت موانئها أخيرا...
وحديث الفنارات المتكلفة لم يعد يضيئها فرحا بالوصول....!
ساد السكون وطفت كل الكذبات التي توارت طويلا فأفشاها البحر مستلا مدامع جلدي
نوارسي المحتضنة ابدآ لعنان الزرقة استنامت لهدهدة الريح
أعلمني...
الساذجة...القادمة من عالم آخر....أمارس نقائي فيزدريني عالم الأجساد.
وسأبقى اغزل صمتي بدقائق الوقت... محلقة بشواهق أسواري....ارتدي أكفان قهري راضية و انتظر....
حري إذا بتلك الشمس أن تنتحر ككل يوم....
و بالورد أن يختزل عمره ليمارس موته كما يشاء.
فأزماننا الأرضية قضمت حقوق السماء فينا...منحتنا حق أن نموت أو ننضوي بأجسادنا صاغرين...
يمكنني الآن بعد أوبتي من نهارات تفتح ضاع بها أريجي عبثا في لجاج العتم المكدس في أزقة الضباب....بعد كل اكتشافاتي المتفتقة عن فطنتي الطارئة...
تلك اختبرتها متأخرة بنبضي ويقيني....
أن... أطفئ....أضوائي....
لأ تكور.... بهدوء
على ألمي...
وأنام....!
......
* الفريزيا.......زهرة برتقالية بشحوب لونها ساحر وعطرها لا يضاهى