شرفة انتظارك
وانت تمضي ....
تسرج الوحدة خيولها لغزو قبائل اخضراري ... تسكب السماء مدامعها فيرتديني الشتاء ، تصدح أبواق مدينة قطبية تفتح ذراعيها لأوبتي من ربيع خجول معك ....
أنضوي بين السائرين ...
مواطنة شوق بين شعب مضنى يمشي نائما ، يبكي كلما همّت البسمة بالتنفس على شفتيه رغم يقينه أن الحزن الأخضر سيرعوي بطوفان عودة .
هكذا قالت الكتب العتيقة ....
وها أنا ذي ... أتنفس بصيص ضوئها مسورة بكل حلكة الغياب ... بانتظار طوفانك تحول عالمي لشرفة سبات تتحرى عطر طيفك فتفيق ...
بنفسجية ...
عيون المساء وشوارع المدينة يتامى تلحفت دثارات انتظارها ونامت خاوية .
تتماوج الوان الشفق تعيث بسحرها أنامل العتم ،تشكلها كائنات جديدة تمتد لقلبي تبعثر صرر حزن ركنتها قباء ذاكرتي ...
ككل مساء .... قطار ذكريات يملؤني ضجيجا يمنح فضاءاتي الشحيحة الأوكسجين دفقات دخان أسود وكثيرا من مترجلين قدامى جاءوا من إصقاع ذاكرة نائية .
يصدح القمر مرنّما حوالق اللبلاب ، تتدفق نبضاتي فيض رصاص يردي جلدي ، أتقدم خطوة أخرى بطريق إحتراقي .
طقوس انتظارك مراسيم مقدسة تعمدنّي مواسم جوى جديدة ، قدري أمضي بزوادة عشقي حافية حدّ تمزّقي وقدرك السادر أصمّا في رحيل .
مازال يبللني مطرك وتعصفني قوتي الكاذبة بعد كل عصور هاجرت فيها اسراب حنينك لتتلفع اغصاني قلف يبوسها متخشبة عن الحياة مازلت اراك مطأطاً تبتعد بانتصار الملوك ... وانا أميرة العبيد ارفل بسلاسل بلهي ساكنة كوجه بحر ... تقتلع اوردتي تمورات نبض اهوج ، يستكين ويصرخ لأسواط دكتاتور انتهت نوبات اعتداده الاعمى بغرق في بحور ندم لا قرار لها ... تتوالد دوائر المي عند سطوحه المائية واغور متباعده كما الثواني المتسربة من جراب الزمن ، لم يك لي أن أدرك ... أكان لي؟
تتناثر كلماتك المبتعدة في اغواري فراشات تساقط دقيق سحرها على خدود وردي فأتفتح بك ، وانت ... تتسرب بكل عالمي للبعيد.
يالسذاجتي ....
تركتك تمضي بي وبقيت ... رمحت بفرس غجرية تحترف الرحيل ، و اكتفيت ببقاءكالغياب .
أين أنت ...؟
وانت الباقي الوحيد هنا وهنااااااااك .
قلبي المجهد متشرد اعمى يفترش ارصفة الضباب وحيدا بعد انفضاض خطاك وهطول ندمي متكئ بحيطان حكايا ما خبا نارها وقودها كل مسراتي و سنيني .
دم هانئا بغابات ذاكرتي المعمرة ، لن تنفض أشجاري أوراق عشقك يوما ولن ترتدي بعدك الا إخضرار حكاياك .
أين أنت...؟
وهويتي المنفى حتى تفئ .
يدك العابثة بخرائط قلبي استعمرت جيوش عطرها ارضي شبرا فشبرا ، حتى اصبحت كل مدائني مدينتك وكل بواصلي تؤشر قبلة واحدة ...
خذني لوطن ...
شريدة دون موانيك سفائني والبحر دقائق صبر تقضمني فتنتزع سنيني قلفا .
مزروعة بيديك انتظارا اشجار الخوخ تلونها الفصول وتكتفي بفصلك ورودي فلايمسني شتاء .
الكون ... تهيأ للرقصة الاخيرة قبل النوم ، رقصة فالس تليق بمساء شائخ وليلة فتية ، تتململ الطيور بين استفاقة وكرى ترمقني أغتسل بذاكرة لناك ، واغنيك تهويدة سلام فاحيا .
ينام الكون والكرى امانيّ التي اهرقتها ، بباب سلطانك .
نزلت لقراصنة وسنك العذب عن سفائن يقظتي وطفوت عزلاء بسفوح موج صبابتي ، قريرة بموتي انتظارا ، هل لي من موتة أكثر مجدا وعذوبه .... ؟
أيخذلني الأرق ووجهك مطبوع أزلي يفترش حوائط افقي ... ؟
أيكون لي وجهة غير وجهك وانت كل الوجوه ... ؟
نائحة الحي مرت منذ برهة رمقتني وتبسمت ، تحصي دخل يومها وتحصيني بيقين رقما مؤجلا
تكاد تغفوني الحياة عازفة حمقاء انفضّ جوقها والجمهور فاستسلمت وحيدة لموسيقى الريح في حقول سنابل صفر عند مغيب فيض الارجوان .
ثملة سنيني بخمر انتظارك ، لم تفق يوما ولا تفقدت ابنائها والزوال يعربد الافاق .
ترمقني الشوارع غفلة تتثاءب صمتا وحيرة تترقب معي فئ عطرك ، تتنهد ، تتلوى وتمضي لقصص جديدة ... وابقى قصة واحدة بلا انتهاء .
تخبرني الطيور ان المنافي أدمنت عشقك وأدمنت كذبها ، ألم ينبئك خافقي المطوّى بين اردية الرحيل .... ؟
الم تنبئك حقائب الغياب الحبلى بدموعي بسفر طيوري التي نبضت خلفك حتى تحولت تماثيل ثلج على رؤوس ابنيه هجرها الدفء ، تصفّعها الريح ولا ترعوي تؤشر وجهتك .
مرصودة انفاسي حتى تعود بطابور خامس يؤسس لجمهورية تستعبد نبضاتي الأكثر حياة ، لا تفلت الا سرب شيوخ وهنوا بسنين بعدك ، مشوا نصف الطريق الى السكون بعدك .
روحي نوارس حيرى تتحرى بين الوان الموج موجة هدهدت أحلامها ومضت .
أغفلت ان البحر زمن بلا ذاكرة يحترف التغيير .
يأمرني عرجون قديم يعتلي عرش السماء ناصحا ، ان اقتلك فيّ او ان احيا بك ، مطرقة قلبي تنهي حيرتي انزل عن تاج بقائي لبقائك ، ارتضيك دون اجمل ألواني سواد موت بهيج وامضي بانتظارك متقدة الأضواء في بحر العتم .
عدّ فلم يعد ـ كما كان قبلا ـ من الفولاذ طيني .
مفتت جلمود جلدي بمطحنة البعد ورملي مسكوب بانامل الشوق لبحر صبابة متخم كل الدهور بضحايا جوى وافتراق .
أملي عاجز يلقم الفوانيس زيتا وهو يدري عتمتي تنين متناسل الرؤوس لا ينطفي حريق ظلمته الا بترنيمة سحرك .
عدّ ... فأحسن الحياة أو أمضي ، توّج ضلال سفني برسو في موانئك او في قلب المحيط .
أخبرتني مرة اننا التقينا في عالم الدرّ ، قلبت ذاكرتي واحترت ، مضيت وتركتني لذاكرة مرسومة بالدرّ بانامل من نضار .
أعترفك اليوم ....
حواسي إماء لم يكسر قيودها ... فيستعبدها حرة الاّ سيد واحد .
سأخبرك عن نهارات اخرى لو جاء الغد بابتسامتك ، انا شمسك فيها وبحور ورودي لن تختبر سغب الافول .... فيك ابدا .
حتى تفيء... سأحوك شرانقي وارتجي ولادة اخرى ، عالمي شرفة انتظارك .
الليل يدخل في مخاض جديد ، قريبا ستولد شمس لا أعرفها ...
سأسألها عنك ، ليتها تكسر التكرار الاخرق لل (لا) فتخبرني انك لعالم الدر عائد
حينها تعود ... خلاياي ترتشف الضوء واجنحتي تلونها الحياة ، حينها سيكون لقلائد الورد وأساور اللوز وخواتم القمر انفاس اخرى ... تستفيق ورودي من اكمام سباتها . وقتما تكسر سكون نافذتي طرقات عصافير ايابك ....
ستعود فصولي تدور من جديد .