أخذتني اللحظةُ إليكِ.!؟
( حبيبتي.. في كل لحظةِ حبٍ، يجب أن نتذكر من اسْتُشْهِدوا كي نحيا، كي نحب، كي نتفيء جذع شجرة عند ساقية ماء حيث يتوسّدُ رأسكِ كتفي، نتأمل زرقة السماء.. أو ترنيمة عصفورٍ في عبّ شجرة أسندنا ظهرها إليها ينشد لحن أنس بنا دون أن يرعبنا هدير الطائرات).
الصوت: أخذتني اللحظةُ إليكِ،
فتسللتي إلى خاطري بثوبٍ زهريٍ هفهافٍ تتهادينَ كضبابٍ من عَبقِ الحنينِ، يَنْسَكِبُ في وهادِ العاطفةِ، تحملهُ إغفاءاتُ العيونِ في الحُلُمِ الجميلِ.. تتطايرينَ كفراشةٍ أصبَحتْ في مرجٍ مليءٍ بالزّهورِ، تتهادى، تحمِلُ من هذهِ الوردةِ عبقاً، ومن هذهِ الزّهرةِ أريجاً، ومن تِلكَ لوناً قَانياً آخّاذاً، تطبَعُهُ فوقَ جَناحيها كما تَنْطبِعينَ على أجنحةِ أحلامي..
الصدى : (حبيبتي.. قيل أن شقائق النعمان ترمز إلى دماء الشهداء، وحين زرتُ جنوب لبنان وجدت منها مروجاً هناك، أخبرتني واحدة منها أن لها أخوة كُثُر في العراق وفلسطين)
الصوت: أخذتني اللحظةُ إليكِ،
فتسللتي إلى خاطري كَعَبَقِ ذلك البخوّرِ حين تذري حُبَيباتُهُ أنامِلكِ فوقَ جَمَراتِ الشّوقِ المتأججْ، تحملينهُ بيدْ، وبالأخرى تُمسِكينَ طرفَ ثوبكِ، تتهادينَ كروعةِ النُّورِ في انبلاجِ الصّباحْ، يتعبّقُ المكانُ، فتتأجج جمرات الشوق في أحاسيسي، ويمتلىءُ الفناءُ كما روحي، بطيْفكِ المتخاطرِ مع إشراقةِ البسمةِ الـمُسْتَلقيةِ فوقَ شفتيكِ تتلمّسُ لماهَا، وتنعمُ بتقبيلها.
الصدى : ( حبيبتي.. حين زرت مقابر الشهداء، وجدت أعداداً من مجامر البخور، قيل لي أنها استعداداً لاستقبال رفات الشهداء ـ الأسرى)
الصوت: أخذتني اللحظةُ إليكِ،
فتسللتي إلى خاطري كانْسِلالِ الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر بسكينتهِ البهيجة، يَزْرَعُ في حنجرةِ العصفورِ ترانيمَ التمجيدِ وآياتِ التسبيحِ لِخالقٍ أبدعَ حسنكِ وأحسنَ جمالكِ، فكنتي آيةً تهلّلُ الورودُ وتزغردَ الأزهار لطلتها، فاستويتي عند قبلتي مجلّلة بآياتِ التهجّدِ وتراتيلِ الرجاء، تُومِئينَ بخيوطِ روعتكِ فتنشرينَ النّورَ في فضاءِ الله، ليسبّح لله مَا في السمواتِ ومَا في الأرضِ، ويتهادَى الكلّ، كخاطري، حين يستأنسُ في سكناكِ بينَ حدقاتِ العيونِ أو تراقصِ نبضاتُ القلبِ فرحاً بكِ.
الصدى : (حبيبتي.. حين سألت عن مكارم الشهداء، قيل لي أن روح الشهيد تحضر عند الفجر إلى داره، توقظ ساكنيه وتتلو آيات التسبيح، فتستيقظ زوجة الشهيد باسمة.. وأمه داعية)
الصوت : أخذتني اللحظةُ إليكِ،
فتسللتي إلى خاطري كاشْتِهَاءِ العتمةِ للنور، تُضيئينَ أيامَ العمرِ المتراكضِ نحو الغروب. الباحثِ عن فيءٍ يستظلُّ بهِ من غربةِ الأحلامِ المتراكمةِ من خيالاتِ الصّبَا، ترتابُ بها الأيامُ كذعِ وردةٍ أكَلتْ زهورها صُروفُ الدّهرِ وأذهبَ عطرها يباسُ الانتظار. فيزمجرُ غيمَ قدومكِ، وينهطلُ مطرَ وجودكِ، يسقي شرايينَ الروح، فتزهرُ أوداجُ القلبِ. تعودُ الأحلامُ تملأُ سماءَ الذّاكرةِ كأريجِ عطركِ يعبقُ في مساربِ الأفكار. وتتراقصُ الكلماتُ أمامَ ناظريكِ. والهمساتُ تسكنُ عندَ فَوْدَيكِ. والشوق ينتظر بسمة شفتيك.
الصدى : (حبيبتي.. كانت خواطري تطير إليك رغم المسافات الشاسعة بيننا، فلا يشيخُ قلبٌ محبٌ، ولا يذبلُ جمالُ روحٍ عاشقة. ولا تنتهي أحلام الأمل.. وتبقى ذكرى الحبيب تتراود كالمطر كلما تأججت العاطفة أو عبق الشوق في الوجدان.. حبيبتي داهمني الفجر وأنا أسبح مع عينيكِ، وصوت آتٍ من تلك المروج الحمراء يتلو: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
وبرغم صمتك المقهور أخذتني اللحظة إليكِ لأقول لكِ: حبيبتي أنتي...