السبت ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠٢٤
بقلم عبد الكريم المحمود

اسم الحسين (ع)

من أيّ جرحٍ يثور الشعرُ ملتهِبا!
فاسمُ الحسين جراحٌ أعيت الأدبا
أيُّ المعاني أعزّيه بقافيةٍ !
فكلّ معنىً شريفٍ جاء منتحبا
اسمُ الحسين مدى الأعصار ملحمةٌ
بوصفها حيّرتْ مَن فاه أو كتَبا
فمِن دمٍ خطّ أنباءً مصدّقةً
قطعاً اذا دلّس التاريخُ أو كذَبا
إسم الحسين سماواتٌ بأحرفه
في كلّ حرفٍ سماءٌ تُرسِل الشُهُبا
بالنور تجلو عن الأرواح ظلمتَها
والنارُ تجعل مِن ظلّامِها حَطَبا
اسمُ الحسين جبالُ الدينِ أحرفُهُ
هيهاتَ تؤتي لريح الكفر منقَلَبا
وفي الحروف صخورُ الصبر راسخةٌ
فيها يُحطّم سيفُ الشرِّ إنْ ضرَبا
اسمُ الحسين بحارٌ من ندىً مُزِجتْ
فأغرقتْ في نداها الأبحرَ اللجُبا
وفي الحروف مصابيح ُ الهدى سطعتْ
عن كلّ مسعى ضلالٍ تهتك الحُجُبا
وفي الحروف أسُودٌ في الوغى زأرت
تردّ جيشاً على الأعقاب منسحبا
ومَن تقدّم تفريهِ مخالبُها
حتى يُغادَر في ميدانها إرَبا
اسم الحسين هو الفُلكُ التي مخرتْ
بحرَ الحياة لتُنجي مَن بها ركِبا
من عهدِ نوحٍ مع الطوفانِ ما غرِقتْ
فاسمُ الحسين على ألواحِها كُتبا
اسمُ الحسين تهُزّ القلبَ أحرفُهُ
فينثني هائماً بالحُبّ مضطرِبا
منه الحروفُ تثير الحزنَ نغمتُها
حتى يعودَ بها الجذلانُ مكتئبا
والعينُ منها تُفيض الدمعَ باكيةً
والنفسُ منها تضمّ الجمرَ واللهَبا
اسمُ الحسين تروع العقلَ نسبتُهُ
جَدّاً وأمّاً بلا مِثْلٍ لها وأبا
فالمصطفى جدّهُ والأمُّ فاطمةٌ
والمرتضى والدٌ، ما أروع النسَبا !
اسمُ الحسين لدى ذي العرش مستطَرٌ
في قائم العرش مذ للخمسة انتخَبا
فكان خامسَهم تحت الكساء وهم
نادى بهم آدمٌ في التّوب وانتدبا
اسمُ الحسين من الرحمن موهبةٌ
فلا سميَّ له مِن قبلهِ وُهِبا
كحالِ يحيى شبيهاً ما لغيرِهما
كلّ السماء بكتْ محمرّةً غضبا
اسمُ الحسين جِنانُ الخُلدِ تعرفهُ
في أهلها سيّدَ الشبّان قد نُصبا
ولقّبتْه الدّنى حتى قيامتِها
بسيّد الشّهدا، أكرمْ به لقَبا
اسمُ الحسين نداءُ العزّ نسمعهُ
مذ صاح هيهات منّا ذلّةٌ وأبى
عيشَ العبيد لدنياهم على وجَلٍ
والدينُ لعقٌ على أفواههم صُلبا
يُحاط فيهم اذا درّتْ معايشُهم
وفي البلاء نَعامٌ فُزّعتْ هرَبا
اسم الحسين فداءٌ نازفٌ شَمَماً
مِن رفضِهِ كلُّ حرٍّ صار مختضبا
فبالدّماء حمى للدين هيبتَهُ
اذ كاد يصبح ما بين الورى لَعِبا
أقام فيه أصولاً كمْ تعاورها
جورُ الطغاة بهدمٍ يورث العَطَبا
فهَدَّ منهم عروشَ الظلم مكتسحاً
في ساحة الطفّ تاريخاً لهم كَلِبا
اسمُ الحسين خطابُ العدل تَرهَبهُ
كلُّ العتاة اذا في أرضهم خُطِبا
يُملي دروساً على المسلوب نادرةً
فيغتدي ثائراً في وجه مَن سَلَبا
اسم الحسين هو الاصلاحُ في بلدٍ
أيدي الفساد رمتْه فارتمى خرِبا
تعدو عليه ذئابُ الجور آكلةً
حتى عظامَ بني الانسان والعصَبا
اسمُ الحسين قرينُ الحقّ في زمنٍ
لا تَصحَبُ الناسُ إلا باطلاً غَلَبا
حروفُهُ سُحُبٌ بالخير هاطلةٌ
فوق الضمائر تُحيي ميّتاً جَدِبا
اسمُ الحسين جَمالٌ فائحٌ عبَقاً
كلُّ المجالس تهوى ذكرَه العذِبا
لجرْسهِ لذّةٌ في السمع يَصحَبها
شوقٌ لرؤيتهِ في الأرض منتصِبا


الأعلى