الثلاثاء ٢٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم نوزاد جعدان جعدان

إطفائي النور

عُين الأستاذ خالد الشاب الفاتن والمندفع للحياة مدرسا للمرحلة الثانوية في قرية نائية، وكان مختار القرية شخصا جاهلا أميا يكره المثقفين والعلم، فكلما لاح بريق النور في القرية كان يطفئه. في أول يوم داوم فيه الأستاذ خالد في القرية دعاه مختار القرية إلى مجلسه مساء لمأدبة على شرفه..

انطلق خالد في المساء إلى المختار حيث كانت السماء في ذاك اليوم جريئة والنجوم خجولة، وجلسوا تحت ظل الخيمة ووضع المختار وسادة بينه وبين خالد ليتلكأ كليهما عليها وبدأ المختار بحديثه عن كرهه للعلم ونبذه للمتعلمين وأنه يتمنى أن يحظى بلقب إطفائي النور والعلم، لقد كان حديثه الممل أكثر مرارة من القهوة المرة التي كان يحتسيها خالد، ثم لم يلبس أن انحط مستوى الحديث لدرجة غير معقولة فخاطب المختار خالدا:

لقد أفنيت عمرك في الدراسة ما الذي جنيته و قطفته من هذه الدنيا سوى أنك عُينت في قرية تبعد مئات الكيلومترات بعيدا عن منزلك وأهلك، فكم أنتم مغفلون أيها المثقفون؟.. أفنيتم عمركم بالدراسة وأهلكتم عيونكم بحروف لا ترنو لي أبدا ثم ما الذي تحصدونه والله أنّ حصادكم كحصاد هذه المنطقة (يؤشر بيده للصحراء).

كان المختار يتحدث وخالد ينصت إليه دون أن يغضب أو ينفعل وأخيرا باغته المختار بسؤال مستفر:

ما الحد الفاصل أيها الأستاذ خالد بين الغبي والمثقف؟..
فكر خالد برهة وحدق في عيني المختار دون أن يرف له جفن وقال:

هذه الوسادة أيها المختار، أظنها أعطتك إجابة عن أسئلتك وكلامك الذي صرع أذاننا.
انفجر كل جليس في الخيمة من الضحك، وتغير وجه المختار كألوان قوس القزح وكلون إشارة المرور يتبدل كلما بان له ظل خالد أو حتى طيفه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى