

إميسَّا
إلى الحضن الذي احتضن سبتيموس وجوليا دومنا، وديك الجن، وابن الوليد!
هَمَسَتْ (إِمِيْسَّا) [1] للصَّبَابَةِ: أَقْبِلِي | وَتَقَدَّمَي نَحْوِي وَمِنْ خَمْرِي اثْمَلِي | |||
قَالَتْ: تَعَالي يَا صَبَابَةُ إِنَّني | أَرْجُو ارْتِعَاشَةَ عَاشِقٍ في أَنْمُلِي | |||
لَكِنَّني أَخْشَى عِقَابَ رِجَالِنَا | أَخْشَى وَأَخْجَلُ مِنْ عِتَابٍ مُقْبِلِ | |||
هَمَسَتْ وَحُزْنُ البُعْدِ يَغْلِي في الرُّبَا: | إِنَّ العَذَابَ مُحَتَّمٌ لا يَنْجَلِي | |||
إِنَّ اللِّقَاءَ مُؤَجَّلٌ في مَوْطِني | وَالعِشْقُ يَرْجُو غُرْفَةً في مَنْزِلي | |||
إِنِّي أُرِيْدُكِ جَارَتِي سِرَّاً فَكَمْ | عِشْقٍ قَضَى بِصَرَاحَةٍ كَالمِرْجَلِ! | |||
غَضِبَتْ صَبَابَةُ قَلْبِنَا مِنْ أَرْضِنَا | قَالَتْ لَهَا: يَا أَرْضُ لا، لا تَخْجَلِي | |||
يَا أَرْضُ إِنَّ الحُبَّ لَيْسَ مَذَمَّةً | بَلْ مَالِكٌ للسَّعْدِ عَرْشَهُ يَعْتَلِي | |||
يَا أَرْضُ كُوْني للسَّمَاءِ حِكَايَةً | بَلْ سُوْرَةً للكَوْنِ، قُوْمِي بَسْمِلِي | |||
يَا أَرْضُ زَكِّي بِالمَشَاعِرِ عُمْرَنَا | أَنْتِ الَّتي مَلَكَتْ فَلا تَتَسَوَّلِي | |||
يَا أَرْضُ زِيْدِي بِالمَحَبَّةِ نَصْرَنَا | أَنْتِ الَّتي حَكَمَتْ فَلا تَتَوَسَّلِي | |||
يَا أَرْضُ تِيْهِي إِنَّ حُسْنَكِ غَالِبٌ | زِيْدِي جَمَالَ الكَوْنِ لا تَتَمَهَّلِي | |||
يَا أَرْضُ ضِيْعِي في الغَرَامِ وَشَيِّدِي | قَصْرَاً لِعِشْقِكِ لا يُقَاسُ بِمَنْزِلِ | |||
وَهِبِي شَبَابَكِ حُبَّكِ الأَبْهَى فَكَمْ | زَادَ الغَرَامُ بَهَاءَنَا دُوْنَ الحِلِيّ | |||
أَخَذَتْ صَبَابَتُنَا تُنَادِي مُنْقِذَاً | نَادَتْ بِصَوْتٍ فَاقَ أَلْفَ مُهَلِّلِ | |||
فَارْتَدَّتِ الأَصْوَاتُ للدُّنْيَا عَلَى | سَجَّادَةٍ سِحْرِيَّةٍ مِنْ مُخْمَلِ | |||
جَابَتْ بِهَا أَكْوَانَنَا كَي تَسْتَقِي | كَلَفَاً وَأَشْعَارَاً بَدَتْ كَالمَنْهَلِ | |||
زَارَتْ بِهَا (هِيْرُوْدُسَ) المَجْنُونَ في | ارِيْخِهِ الظُلُمَاتُ أَمْسَتْ مِشْعَلِي | |||
وَقَفَتْ عَلَى صَرْحٍ عَظِيْمٍ شَامِخٍ | بَيْنَ الشَآمِ وَنِيْلِنَا وَالكَرْمِلِ | |||
فِيْهِ الحِكَايَةُ تَبْتَدِي، وَمِنَ البِدَا | ـيَةِ قَدْ غَدَا كَذِبُ الحِكَايَةِ مَوْئِلِي | |||
زَارَتْ أُمَيَّةَ في (دِمَشْقَ) فَغَرَّدَتْ | رَايَاتُ عَبَّاسِيَّةٍ في (المُوْصِلِ) | |||
ثُمَّ انْتَهَتْ أَيَّامُهَا ضِمْنَ السَّمَا | حِيْنَ اخْتَفَتْ شَمْسٌ لَنَا لَمْ تُكْمِلِ | |||
سَجَّادَةُ الأَحْلامِ حَطَّتْ عِنْدَنَا | قُرْبَ الصَّبَابَةِ تَشْتَكِي للمُرْسِلِ | |||
قَالَتْ: إِلَهِي جُبْتُ كُلَّ بِلادِهِمْ | مَا شَاهَدَتْ عَيْنِي هَوَىً لَمْ يُقْتَلِ | |||
أَيْنَ اللِّقَاءُ بِعَاشِقٍ مُتَلَهِّفٍ | لِلِقَاءِ بِنْتٍ دُوْنَ مَوْتٍ مُقْبِلِ؟ | |||
رَدَّتْ صَبَابَتُنَا: (إميسَّا) عَالَمٌ | زُوْرِيْهِ كَيْلا تَشْتَكِي أَوْ تَسْأَلِي | |||
فِيْهَا الأَزِقَّةُ تَنْحَنِي لِجَلالِنَا | فِيْهَا الشَّوَارِعُ يَخْتَفِي فِيْهَا الجَلِيّ | |||
فِيْهَا مَآذِنُ أَنْشَدَتْ لَحْنَ الجَوَى | وَكَنَائِسٌ بُنِيَتْ لِعِشْقِ المُرْسَلِ | |||
فِيْهَا الضِّيَاعُ كَجَنَّةٍ تَرْعَى الوَرَى | إِنَّ الجَمَالَ عَرِيْنُهَا، هَيَّا ارْحَلِي! | |||
رَحَلَتْ أَخِيْرَاً نَحْوَهَا سَجَّادَتي | مَا عُدْتُ أَذْكُرُ،(قِزْحِلٍ أَمْ زَيْدَلِ) [2]! | |||
زَارَتْ مَضَافَةَ ضَيْعَةٍ قَدْ أَصْبَحَتْ | للعَالَمِيْنَ مَنَارَةً بِالمُجْمَلِ | |||
فِيْهَا حُقُوْلٌ أَنْبَتَتْ أَعْنَابَنَا | لِذَّاتِ جَنَّاتٍ يُزَيِّنُهَا العَلِيّ | |||
وَالحَافِيَاتُ رَقَصْنَ فَوْقَ تُرَابِهَا | كَي تَعْصُرَ الأَعْنَابَ أَقْدَامُ الطَّلِي | |||
القَاصِرَاتُ الطَّرْفِ مِنْهُنَّ الهَوَى | النَّاعِمَاتُ الجِسْمِ مِنْهُ مَقْتَلِي | |||
فِيْهَا شَمُوْلٌ عَتَّقَتْهُ صَبِيَّةٌ | سَكْرَى تَمِيْلُ عَلَى الضُّيُوْفِ بِمَحْفَلِي | |||
رَدَّتْ أَيَادِيَهُمْ بِكَأْسٍ عَاشِرٍ | غَنَّتْ لَهُمْ بَعْضَ الغِنَاءِ المُثْمِلِ | |||
جُنَّ الضُّيُوْفُ بِهَا فَوَدَّتْ جَمْعَهُمْ | رَقَصَتْ لَهُمْ فَانْصَاعَ كُلُّ مُهَلْهِلِ | |||
خُلْخَالُهَا الذَهَبِيُّ أَمْسَى قَائِدَاً | حَكَمَ الرِّجَالَ بِهَزَّةٍ في الأَرْجُلِ | |||
فَتَمُوْجُ ضَيْعَتُنَا وَتُمْسِي مَسْرَحَاً | (جُولييتُ) قَامَتْ وَ(رُوْمِيُوْ) أَمْسَى الوَلِيّ | |||
رَقْصٌ وَسَعْدٌ للنُّجُوْمِ فَيَنْبَرِي | قَمَرٌ يَجُوْدُ بِدَبْكَةٍ في المَشْتَلِ | |||
طَبْلٌ وَنَايٌ تِلْكَ سِيمْفُوْنِيَّةٌ | تُهْنَا بِهَا واللَّيْلُ لَمَّا يَنْجَلِ | |||
زُرْتُ الصَّبَابَةَ عِنْدَمَا الحَفْلُ انْتَهَى | أَخْبَرْتُهَا عَنْ رِحْلَةٍ لَمْ تُكْمَلِ | |||
أَخْبَرْتُهَا عَنْ ضَيْعَتي الأَسْمَى وَعَنْ | سَهَرَاتِنَا عَنْ مَسْرَحٍ عَنْ مِنْجَلِ | |||
أَخْبَرْتُهَا أَنِّي سَأَبْقَى دَائِمَاً | أَشْدُو (إِمِيْسَّا) عَاشِقَاً للأَجْمَلِ | |||
أَخْبَرْتُهَا أَنِّي أُقَدِّسُ رِحْلَةً | فِيْهَا الْتَقِيْتُ بِمَدْفَنِي وَبِمَنْزِلي | |||
جَمَّلْتُهَا بِالعِشْقِ فَارْتَاحَتْ لَنَا | أَوْصَيْتُهَا بِالشِّعْرِ أَمْسَتْ مَنْهَلِي | |||
رَجِعَتْ صَبَابَتُنَا وَقَالَتْ للهَوَى | بَشِّرْ (إِمِيْسَّا) بِالحَبِيْبِ المُقْبِلِ | |||
بَشِّرْ حَبِيْبَتَنَا بِعِشْقٍ خَالِدٍ | حَتْمَاً سَيُهْدِيْهَا حِلِيَّ الأَنْمُلِ | |||
فَرِحَتْ (إِمِيْسَّا) وَاسْتَحَتْ مِنْ فَرْحِهَا | تُخْفِي ابْتِسَامَتَهَا أَمَامَ المُرْسَلِ | |||
اسْتَلْقَتْ عَلَى كَتِفِ السَّمَاءِ وَوَسَّدَتْ | غَيْمَاتِهَا حَتَّى تَنَامَ وَتَخْتَلِي | |||
نَامَتْ (إِمِيْسَّا)، وَالصَّبَابَةُ بَارَكَتْ | أَحْلامَ مَيْسَاءٍ تَبَاهَتْ بِالحِلِيّ |