الأحد ٨ تموز (يوليو) ٢٠١٨
بقلم عادل عامر

الرقابة الادارية في مواجهة الفساد

هيئة الرقابة الإدارية ذراع الدولة لمواجهة الفساد، والحد من قضايا الفساد التي طالت أغلب القطاعات بالدولة. جهود مضنية بذلها ويبذلها رجال هيئة الرقابة الإدارية في الضرب بيد من حديد على كافة أوجه الفساد وممارساته، وتعقب المفسدين أيا كانت المناصب التي يشغلونها أو النفوذ الذى يتمتعون به في إطار سياسة الدولة بأنه لا أحد فوق القانون أو بمنأى عن الحساب، لتتوالى نجاحات الرقابة الإدارية في الحفاظ على مقدرات الوطن ومكتسباته.

أن جهود الرقابة الإدارية تساعد في تحسن مركز مصر في مؤشر الدول من حيث درجة الفساد بمنظمة الشفافية العالمية التابعة للبنك الدولي، ما يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. أن الهيئة كشفت العديد من قصايا الفساد عبر تاريخها، والآن يتم تسليط الضوء من خلال الإعلان حتى تحقق رسالة «الردع المعنوي»، وتأصيل منظومة ومفاهيم القيم ما يجعل المسؤول يفكر جيدا قبل ارتكاب أي مخالفات خوفا من «العار الاجتماعي».

أن دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي للهيئة مع التبعية المباشرة لرئاسة الجمهورية، والقانون الجديد، كل ذلك أعطى للهيئة صلاحيات تساعدها على أداء مهام عملها لكشف قضايا الفساد بشكل أكبر، لكن ما يميز الرقابة الإدارية عن غيرها أن لديها اختصاصات أخرى مهمة مثل بحث وتحرى أسباب القصور في العمل والإنتاج واقتراح وسائل تلافيها، والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التي تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة واقتراح وسائل تلافيها،
ومتابعة تنفيذ القوانين والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها إلى جانب مد كبار المسئولين بأي بيانات أو معلومات أو دراسات يطلبونها منها، ومعاونة الجهاز الحكومي والهيئات العامة في تطوير العمل والتحري عن المرشحين لشغل الوظائف العليا. وقد اكتسبت هيئة الرقابة الإدارية ثقة ملايين المصريين نتيجة الحيدة والنزاهة والتجرد التي تتسم بها في أداء مهامها، والحيدة الكاملة في مكافحة الفساد حتى أضحت رأس الحربة في هذا المجال.

وهذا يعني أن أجهزة الدولة الرقابية على علم بكافة شبكات الفساد في مصر، وأن الحرب عليها قد صارت إرادة حقيقية للدولة، ولكنها حرب ضد "كائن سرطاني" توغل في جسد الدولة والمجتمع عبر عقود كثيرة ماضية، ولهذا فإن مواجهته تحتاج إلى قدر كبير من الحذر والحيطة والواقعية، حتى لا يتم مرة واحدة فتح ملفات كثيرة، تزيد من أعداء النظام الحاكم، وتهدد الاستقرار، وخاصة في خضم معركة الدولة الشرسة ضد الإرهاب.

وأظن أن العمليات النوعية الأخيرة التي قامت بها هيئة الرقابة الإدارية في حربها ضد الفساد، مثل القبض على وزير الزراعة الأسبق، ونائب رئيس مجلس الدولة الذي انتحر بعد القبض عليه، ونائبة محافظ الإسكندرية، وسكرتير عام محافظة السويس، ومحافظ المنوفية، ووكيل وزارة الصحة بمحافظة الإسكندرية، ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات البترول الكبرى- هي أكبر دليل على صدق إرادة الدولة في محاربة الفساد، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014- 2018.

لا استثمار ولا تنمية ولا عدالة اجتماعية دون مواجهة حقيقية وشاملة لغول الفساد، ورغم أن لدينا أكثر من 30 جهة رقابية، يكتفى بعضها بكتابة تقارير فقط، وبحاجة إلى تفعيل دورها، ولدينا اللجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد، لكن تبقى هيئة الرقابة الإدارية هي كلمة السر ومفتاح النجاح في الحرب على الفساد باعتراف الجميع معارضو الحكومة قبل مؤيدوها، وبشهادة مؤسسات دولية لا تعرف التطبيل والنفاق، على سبيل المثال لا الحصر،
التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2016 أكد تحسن ترتيب مصر في مكافحة الفساد، ارتفع ترتيب مصر إلى المركز 88 من بين 168 عام 2016، مقابل المركز 94 في عام 2014، والمركز 118 عام 2012

جدير بالذكر أن المنظمة أعلنت في عام 2010 خسارة مصر لمعركتها ضد الفساد. في ظل سعى الدولة وجهودها الهادفة لمكافحة الفساد خاصة في المحليات التي تعتبر أكبر جهة تنتشر فيها وقائع الفساد، تمكنت أجهزة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة من ضبط عدد كبير من قضايا الفساد خلال الفترة الأخيرة.

وتقدر الخسائر المترتبة على الفساد وتأثيره المباشر على الاقتصاد المصري طبقا لدراسة أجريت بمعهد التخطيط القومي 50 مليار جنيه سنويا، كما يتسبب الفساد في هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية نتيجة معاناة المستثمر في إنهاء إجراءات مشروعه. وجاء توقيف الهيئة المسؤولين الرفيعي المستوى في وزارة التموين أول من أمس، ليدعم شعوراً بالاطمئنان لدى المواطنين حول «عدم تحصين المناصب أصحابها»، خصوصاً أن الضربة جاءت بعد شهور من توقيف محافظ المنوفية هشام عبدالباسط، وهو أعلى منصب إداري في المحافظة، في مطلع العام الجاري بتهمة الرشوة، وتزامن توقيفه آنذاك مع زيارة السيسي المحافظة لافتتاح مشاريع تنموية. تعاني العديد من الشركات والمؤسسات الحكومية من استشراء الفساد بعدة أوجه خاصة الإداري بأشكاله المتعددة سواء المالية أو الشخصية أو الفردية أضف الى ذلك التسيب الإداري الممنهج.

في ظل هذه التحديات يكون لزاماً على المؤسسة الناجحة وضع أسس رقابة صارمة سواء على الأفراد من المستوي الإداري الأول أو الثاني او الإشرافي وذلك لرفع كفاءة المشاركين في مجال الرقابة الادارية والمالية و اطلاعهم على استراتيجيات التميز و النجاح في مجال الرقابة الادارية و المهارات الادارية التي يجب ان يتقنها المراقب الاداري حتى ينجح في عملة تعتبر ظاهرة الفساد الاداري والمالي آفة مجتمعية فتاكة وهي قديمة ومخضرمة وجدت في كل العصور، وفي كل المجتمعات، الغنية والفقيرة، المتعلمة والأمية، القوية والضعيفة، وحتى يومنا هذا.

فظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة وتكون واضحة بصورة كبيرة في مجتمعات العالم الثالث وخاصة في مؤسساتها الحكومية حيث انه سبب مشكلاتها الاقتصادية وتخلفها عن مسيرة التقدم. وقد جاهدت الكثير من المجتمعات الحديثة للتخلص من هذه الآفة المجتمعية،

لأنها تقف عقبة في سبيل التطور السليم والصحيح لتلك المجتمعات وان تفشيها في مؤسسات الدولة تعتبر من اشد العقبات خطورة في وجه الانتعاش الاقتصادي حيث انه يظهر في استغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في تجارة الوظيفة او الابتزاز او المحاباة او اهدار المال العام او التلاعب فيه وسواء اكان ذلك مباشراً أم غير مباشر، وتنتج عنه اثار سيئة وهي تحويل الموارد والامكانات الحقيقية من مصلحة الجميع إلى مصلحــــة أشخاص حيث يتم تركيز المصلحة والثروة في يد فئة قليلة من المجتمع، وهذا ليس في صالح الدولة على المدى البعيد مما يولد مستقبلاً ذو اثار سيئة وضارة.

إن الفساد الاداري والمالي هو إساءة استخدام السلطة و استغلال المنصب الإداري في الجهات الحكومية وهو يزيد بزيادة هيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، ويظهر من خلال الرشوة وتعطيل الإجراءات الإدارية لإنجاز عمل معين من اجل الاستفادة الشخصية من ذلك النشاط، وتعيين الموظفين حسب المبدأ القبلي او العلاقات العائلية، وان الفساد الاداري والمالي عندما يتغلغل في جسد الدولة وبين أروقة مؤسساتها وجهازها الإداري يجعل الأداء الاقتصادي شبه مشلول، ويمكن لظاهرة الفساد أن تنمو وتتزايد بفعل عوامل شخصية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى