الأحد ١٨ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم محمد يحيى ذهني

السلاح السري

أنا السلاح السري. أنا وأقراني سبب حالات الوفاة المنتشرة في البلاد منذ فترة. و رغم أنهم حذروا مني،إلا أن الناس مازالت لا تتعظ، ويهلكون أمامي في منتصف الليل أو في الفجر قبل الشروق. لم يكن تحذيراً مبهماً . فهم أتوا وعلقوا على صدري ورقة، وجاء أحدهم وقرأها فعرفت ما فيها:

 عزيزي المواطن: احذر السلاح السري. هو سبب حالات الوفاة المنتشرة تلك الأيام. ينقل لك السلاح عدوى مميتة بمجرد الاقتراب منه في حالات ضعفك الجسدي. لذا احذر من الاقتراب منه بعد الساعة العاشرة مساء وحتى الفجر.

الأعراض: لوحظ على من ماتوا من الوباء حالة حزن شديدة تتحول إلى اكتئاب حاد.

الوفاة: بعد عدة أيام من الإصابة بالعدوى . وهي تتسبب في حالة هذيان وضرر بالمخ وعظام الجمجمة، ثم يتبعها نزيف داخلي.

الوقاية: لا تسر وحدك خاصة في الفترات المحددة سابقاً. و حاول أن تقاوم أي فكرة سلبية.

عزيزي المواطن: السلاح السري زرعه في البلاد أعداء الوطن عن طريق جواسيسهم. حمايتك لنفسك خدمة لبلدك.

لكن لا أحد يتعظ . حتى من علق تلك الورقة مر أمامي بعدها وقد بدا عليه الاكتئاب. ثم وجدته ميتاً ذات صباح. و من قرأ تلك الورقة وسمعت منه ما فيها. رغم أنه ضحك عندما قرأ، إلا أنه اكتأب بعدها بعدة أيام. ثم اختفى. أنا لا أذكر بالطبع متى زرعني الجواسيس هنا. ولكنني أتألم من أجل الضحايا. ألم يجدوا علاجاً لتلك الحالة؟ . لماذا لا يقضون علي فيستريح الجميع. الموضوع يزداد خطورة،كل من يمرون أمامي بمرور الوقت أصبحوا مصابين بالحزن. أما من يبتعد عني فأجده دائماً سعيداً. لماذا لا تقلدونهم؟ الكهل الطيب عسكري المرور. يقف في منتصف الشارع مبتسماً ، في الحر أو البرد يؤدي عمله بنشاط، لا يعرف الكلل ولا الهم. هذا لأنه بعيد. أصحاب السيارات أيضاً لم يبد عليهم المرض. هناك فقط حالة واحدة شاهدتها اليوم. ربما ليست عدوى. شاب صغير برتبة ضابط. نزل فجأة من سيارته الواقفة وسط بقية السيارات في الإشارة. هجم على العسكري. صفعه بشدة وقال:

 ألا تراني يا ابن القحبة. كيف تقفل الإشارة وأنا مار أمامك؟!.

لم ينطق العسكري. ظل محملقاً وقد احمرت وجنته. لما وجده الآخر هكذا لكزه في صدره و صاح فيه:

 افتح يا (..) أمك.

تحرك العسكري من فوره. رفع يده لعسكري الكابينة وقال:

 افتح.

لم يكن أحد قد تدخل. لم يقترب منهما أحد. لذا أظن أن هذا الضابط هو من نقل للعسكري العدوى. ويبدو أنها من النوع المتقدم. فهي لم تدم سوى ساعات. ظل العسكري واقفاً، اختفت الابتسام ومات النشاط. يلوح بيده كأنه يغرق. وبمجرد أن غربت الشمس وسلم الوردية، ودع زميله المصاب بالعدوى على ما يبدو من أحد أقراني. ربت على كتفه، ثم قطع الشارع نحوي في سرعة. اخترق حشود الناس المكتئبة حتى وقف أمامي. عاد برأسه للخلف، ثم هوى بها عليّ بكل قوته. وأخذ ينطح في دون أن يمنعه أحد.من نظر منهم إليه ظهرت عليه إما الشفقة أو السخرية. حتى سالت دماؤه و سقط ميتاً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى