الخميس ١٤ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم رندة زريق صباغ

الغباء... بين القمة والنعمة

آو ليس من الطبيعي إن تستعمل كل حواسك وان تجير كل طاقاتك الايجابية لتفهم ما يدور حولك من امور، تصرفات، انتهاكات، اكتشافات، إضافة للتطورات السياسية والاقتصادية والعلمية عامة في هذا الكون؟!

او ليس من الضروري أن تستعمل عقلك وتناقش ما توصلت إليه من حقائق مع من حولك لتكتمل لديك الصورة وبالأحرى ليكتمل لديك نصف الحقيقة الذي حصلت عليه فتحصل على الحقيقة كاملة لترتاح؟!

تطرح الموضوعات والاهتمامات للنقاش أو لمجرد التفكير، لكن سرعان ما تصطدم بنوعين من ردود الفعل، فأما أن لا احد يتفاعل مع ما تقول، فهو بعيد كل البعد عن الهم العام عادة- فتتهم بقله العقل..

وإما أن من يوافقك الرأي لا يملك الجرأة للتعبير فيخاف...يتراجع وينصحك بالصمت لان ما تفكر به لا يجلب ألا وجع الرأس، أما أنت فتعترض على هذا الموقف الجبان فتوصف بالجسارة بل بالوقاحة، وهكذا تدرك أن نصف الحقيقة الذي حصلت عليه ليس فقط لا يكفي بل انه يتعبك ويثقل عليك، فيزداد شعورك بالغربة والغرابة في آن معا.

تفكر في نفسك لماذا لا أتصرف كما الجميع لما لا أتقوقع في بوتقتي الخاصة اهتم بشؤوني وابتعد عن الهم العام؟ فعلى ما يبدو لا يستريح في هذه الدنيا إلا الأغبياء والامبالين!
تظن انك وجدت الحل... وان سبيل الراحة بين يديك ولابد وان تصبح لا مباليا- أنانيا- لكن كيف يتم ذلك؟ لابد لك من التغابي!! نعم التغابي...

وهكذا تنفتح لك وأمامك عوالم وموضوعات تناسب هذه الحال الجديدة- موضوعات لم تفكر يوما لا بالأحلام ولا الأوهام أن تكون جزءا من اهتماماتك أو أجندتك الحياتية... فلنخبط بينك وبين ذاتك تتصارع أفكارك ومشاعرك الرافضة لهذه الغربة المؤذية للفكر التي وضعت نفسك فيها.. فتأخذك الغرابة إلى أماكن وحالات يصعب تحملها ويستحيل التعود عليها مهما حاولت... ومهما سخرت قدراتك وطاقاتك!

وهكذا تدرك أن هذه الوسيلة غبية بل مقترفة ليس فقط لأنها ابعد عن نصف الحقيقة الذي أدركته أولا بل لأنها جرفتك إلى اللاحقيقة واللااصالة وهما أمران لا يمكنك العيش في معزل عنهما مهما كلفك الأمر... فماذا عليك أن تفعل؟

كيف تتصرف وكيف يمكنك التصالح مع نفسك دون الشعور بالغربة والغرابة ؟ دون ان تفقد الحقيقة دون أن تخسر الأصالة وأسباب الوجود!!

لكن على ما يبدو فان عدم الشعور بالغرابة مقرون بشروط لا تقدر على الإيفاء بها على ما يبدو أن الشعور بالراحة منوط بتنازلات لست مستعدا لتقديمها.. وعليك الاختيار بين حالين.. بين نارين بين واقعين ورغم كل ذلك تدرك انه لابد من تدخل قوة خارقة قادرة، تتوجه اليها بالطلب قائلا وملخصا حالتك:

قدر المستطاع تحاول استعمال ذكائك في الحياة لكن ذلك يحيرك.. إذ لا تحصل إلا على نصف الحقيقة فيشعرك ذلك بالقلق والاضطراب!!

تقول لنفسك:

لا يرتاح إلا الأغبياء في هذه الدنيا!!

إذن، أفليس من الذكاء أن تخفي ذكاءك متظاهرا بالغباء؟

وهكذا تلجأ إلى التغابي!!

لكنك لم تحصل على الهدف المنشود!!

بل على الجزء الناقص من الحقيقة!

وكنت تظن نفسك ستسعد بهذا الجزء

لكن سرعان ما تكتشف انك خسرت بذلك نصف الحقيقة الذي تدرك وتحب!!

إذن أفقدك التغابي الحقيقة كلها بشكل آو بآخر وهكذا تتعب أكثر بل تشقى لان الحياة بلا حقيقة موت للعقل والروح والذات. ورغم إن الإنسان يتعب ويشقى في حياته بقدر معرفته وذكائه إلا انه يشقى أكثر كلما حاول إخفاءهما: فما العمل إذن؟

ماذا على الأذكياء أن يفعلوا ليرتاحوا؟

إذا كان التغابي أسلوبا فاشلا؟

تطلب من القادر أن يمدك

ولو بقليل من الغباء الحقيقي...!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى