الأربعاء ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 13
لا أخبار عنكِإذاً دعيني أطفئ التلفاز ولنحيا يوماً بلا نشرة أخبارأحب المطر المفاجئ حين تفتح كل النوافذ والشرفاتلي قصة طويلة مع كتب الطالع والتنبؤات الجويةالعرافة التي مرت أمام عتبة بيتنا ذات يومقالت إن جدّي سيتزوج أربع مراتويزرع أربع شجرات برتقالوقريتنا تلك الجميلة كوشاح أمي والخشنة ككف جديلا تهطل فيها الأمطارلا أخبار عنك ولا أذكر شيئاً إلا أني حين سألتك أين بيتناقلت لي أمامك الغابة لا تحاول طلي جدران غرفتكالطحالب لا تموت إلا بالشمسكان ذلك في الأسبوع أو الشهر الفائت لا أذكر جيداًنشرات الأخبار تتكرركان متسكع الحارة يجمع العلب الفارغة ويغني بصوت عالٍحين يجد جيراننا الذين لا يخبزون طحين القمريرمون الطعام في أكياس القمامةأما أنا فكنتُ أقشر لك البرتقالوإصبعي ينزف بسكين جرحت بها يدي كثيراً***منذ أن دفن العالم قلبه في القبر الذي انتشر وسط أبنية مدينتنالم تعد الأزهار تنمو أما أنا فأصبحت كسولاً جداً في الرياضياتأؤمن بالأبراج والصدفوعندما أرى الكوابيس المنتشرة في غرفتي كأعقاب السجائرأروي حلماً قديماً رويته ألف مرة وأشرب كأساً من النعناعالمدينة التي لا أعرف عنها أكثر مما يعرفه المدخن عن النيكوتينأخطئ كثيراً في الحسابإذاً حدثيني عن البحر وحقول الفستق الأخضردعينا نحصي النجوم سوية من دون أن أتعب نفسي بعدّ القبلات المسروقة منها والنظامية ولكن حين تغادرين لا تنسي حقيبتك على الشاطئهناك رائحة سمكزجاجة العطررقبة البحر وهو يراقب أغاريد البحّارةأصبحت كسولاً في الرياضيات ربما أو في الجغرافيامنذ أن أصبح العالم يشاهد نشرة الأخبار كأي برنامج وثائقييحكي عن السناجب وهي تخبئ البندقولكن ألم يسمع هذا العالم الأسود كعيني فقمة صوت البنادق؟!***أنتِ مثلي تماماً لا تجمعين الفطر غداة المطرلكن لمَ كلما أمرّ قرب نافذتك أجد الرجل «كان»الرجل «كان» الذي كانت نباتات الزينة في غرفته لا تنسيه الغابةيضع ربطة العنق كل صباح كما يضع حبل المشنقة كل مساءيغسل يديه من جرحه وحين لا يجد فوطة ينشف يديه بقميصهالرجل «كان» خشب الدنيا لا يصلح إلا أن يكون قارباً أو كفناًوفي أحسن حالاته مناديل ورقية للدموعالغول الذي أشعل ناره في الكهفلا يشعر بالنجوم البائسة كحبات التين المجففةولم يشعر بالرجل «كان» الذي يمسح الغرفة مراراًعندما تمتلئ برائحة الضيوفأنتِ مثلي تماماًتحبين أكل المثلجات في الشارع أكثر من أحدث أنواع السياراتوتعرفين مثلي أن الفرح الجميل لا علاقة له بقوانين الجاذبيةأنا وأنت نطير ولا نملك من العالم سوى ألبستنا وحقيبتك الزرقاءتلك التي كنت أضع فيها قصائدي وتخرجين منها تذاكر الحافلةأنتِ مثلي تماماً لا يفصلني عنك سوى الرجل «كان»وتلك اللحظة التي تغلقين فيها عينيك حين أريكِ جرحي الذي أتألم منه كثيراً***الأشياء الصغيرة جداً تمر كل صباح كفنجان القهوة وعناوين الجرائدالسماء زرقاء وأغاني راعي القرية طبقة مختلفة عن الديناميتمنذ زمن لم أنم نوماً عميقاً ولم أستيقظ على جرس المدرسةبائع البرتقال الغشاش باع ما زرعناهوضع عليه ملصقاً أجنبياً وقال إن هذا البرتقال أحضره العطار على ظهر حمارأو ربما على متن طائرةكان يجب ألا نشتري منه حتى لو أصاب الزكام نصف أهل المدينةالمدينة خاوية وأنا لا أنام جيداًجيوبي كثيراً خاوية لكن لي بوتقة تذكر محاسني مهما أصحبت تنيناًتمر كالشهاب تزود عربة شمسي بوقودهامنذ زمن لم أنم جيداًكوني قربي ودعيني أنامكما كنت أنام مطمئناً في بيت الضيوفووشاح أمي يغطي جسدي الصغير!