السبت ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 14
جدّي الذي كان يصلي في العراء والبراريقال لي وهو ينظف بندقيته التي كانت أطول من قامتيأن المراعي طهارة الرعاة الحفاةوأن المطر الذي تتنفسه غلاصم التراب أوقات الجفافسكن قريتنا عندما طبخ القرويون حلة واسعة من الطعامكانت النار متقدة جدا كعيني فلاح وزع الفطائر على المزارعينلم تك تلك الملاعق الخشبية التي تناقلتها الأفواه حطب الشتاءجدّي الذي اصطاد العصافير ببندقيته القديمةدفناه تحت شجرة زيتون تاركاً بارودته في فناء الداروأذكر جيداً أن مخرن الرصاص كان خاوياًورائحة البارود كانت بعضاً من رائحة جديكانت شيئاً لم يعد يخيف عصافير قريتي***هناكَ كان ثمة صوت ما لم يكْ صوت الشاي المغليرغم غياب ضيوف المساءبحث هناك ووقف قريباً هناكانت القوارب المبحرة في الليل كناسكٍ فقد كل تعويذاتهحين يهرم البحر ويصبح القمر عكازاًجمعَ النجوم كحبات قطن في السلة التي تركها يوماًفي ذلك الكوخ الذي سرف فيه القبلة الأولى و بعضاً من حبات اللوز المسروقكانت السماء قريبة حين مرّ بائع البوشار قريباً بعربتهلم يك هناك اطفال حوله عندما ركن عربتهو لم يضع أحجاراً وراء عجلاتهاوحدها الأشجار التي بدّلت ثوبها حين مرّت الريحكانت تدفئ أقدامه في الشتاءعندما بدت السماء كعاشق يرمي أحجاره في البحيرةكان هناك ثمة صوت ماصوتٌ يملأ الغرفة بالدخان***بريئاً كأحلام الأطفالأُلبس قبعة نومي الطويلة بعض المهرجين وأخفي فيها القنابلمجنوناً كجدران المراهقينأشمر عن عضلاتي المفتولةأضع وشماً بكل الأسماء يخفي تشوهات الحروبوحيداً كالعجائز أضع كرسياً أمام عتبة البيتيأخذني العكاز الأطول من كنف جدّي إلى المراعيالتي كان العشب فيها أخضرالقارب الذي مضى وحيداً قدّ من أغصانتلك الأشجار التي ظللت المقبرة عندما نام جدّي ذات حكايةجدّي الذي حزن كثيراً ذات مساءعندما استيقظ ولم يجد أشجار الرمان في فناء دارنا***لي حزن مقدس أحياناً ولي صمتي الموحش كمقبرة في الليل أحياناًممتلئاً بالذكريات كجرة ماءتعرفني الطرقات منذ أن فاضت بقطراتيوإني لا أعجب وأعجب بتلك النوافذ اليومالمذيعة الجميلة في النشرة الإخبارية قالت أن الخارج غباروأن الأبواب الخشبية سخرية الريح وحطب المتسكعينكانت الأشجار الأب الضالوتلك الأبواب التي لا تطرق إلا لأهازيج المطر اهترئ خشبهالي كل هذا الفضاء الجاذب كوجبة غداء عمال البناءتجعلني أحمل خيمتي***أحيانا أشعر أني سعيد جداً لدرجة أدق بها أبواب الجيران وأختبئسعيدٌ كمحارب ينام لدقائق وسط الحربعندي صندوق مليء بالذكريات كصندوق الدنيا أستطيع أن احدثك عته كل مساء ...وأحدثك عن تلك التي كانت في العيد لا تخبئ حزنهاتوزعُ علينا السكاكر وبعضا من دمعهاكان لها أسئلة عديدة وأنا بسيط جدا تستهويني قصص الجن وأفلام الرعبوحين لا أعرف الجواب أكون عنيفاًأحياناً أكون سعيداً جدا أكتب اسمك على جدار الكنيسة القديمواحفظ كل التعاويذ التي ربما تمسح عن ثغرك الاسئلة وطعم السكاكين الصدئةلأزرع مكانها شجرة غاردينيا بيضاء بيضاء جدا لا تهرب عنها الحمائمأشغل أغنية و أعطي البقال بقشيشاًأوزع الحلوى على كل الجيرانعندما اكون حقاً سعيداً سعيداً جدا***كانَ عليَّ أن أكذبَ عليكِ مرتين!قلتُ لكِ لا أحبُّ الصيفيشتعلُ الصباحُ ولا أبحث عن أحد !أمسك الجريدة بيدٍ وبالأخرى رغيفاً ساخناًأبحثُ عن بائعِ اليانصيب وأوزع أحذية لتلك الأقدام التي تيبّست من تسلق الجدرانكانت المصابيح اغنية الأجنحة يا صديقي !يؤلمني هذا الصباح أن أنظف مداخن المدينةمن حطب الغابة التي بنينا من أخشابها بيوتناوكم كانت تدفئ خبزنا الأسمر في فرن التنور وأيدي الضيوف قبل أن يلبسوا القفازات !كان يجب أن أكذب عليكِ مرتين هذا الصباحإنه نيسان والكذبة بيضاء بيضاء جدا كصحن مهلبية في الصالحيةكالسحاب الذي مرَّ قبل قليل سريعاًهل رأيته؟!.. افتحي النوافذ هل من مطر ؟!..