الأحد ١٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
قرأت كتب الطاهر وطار وأنا في المعتقل
بقلم عمار بولحبال

حوار مع الكاتب والأديب الفلسطيني زياد جيوسي

يطل الأديب والكاتب زياد جيوسي عبر مواقع الشبكة العنكبوتية يوميا ليحمل إلى الأمة العربية آلام وآمال الشعب الفلسطيني من رام الله . فتنسكب الكلمات وتأتي العبارات مدججة بقوة الألم والمعاناة .. الكاتب زياد جيوسي يقاوم الحصار وينفخ في روح المقاومة .. عشق الجزائر وهو صغير ، ويتذكرها كل مرة وهو كبير .. وفي هذا الحوار يعترف بما اختلج به قلبه.

تميزتَ بكتابة يوميات من رام الله، جعلتنا نطل على وجعنا هناك.. فهل هي تأريخ للمكان والزمان ؟ أم هي تعبير عن معاناة الذات ؟

زياد جيوسي : بداية أعتز أن أكون معكم، مع شعبنا في الجزائر، هذا الشعب الحر الأصيل الذي تفتحت عيناي على ثورته وكفاحه، فكانت ثورته هي المعلم الأول والأكبر في مسيرتي النضالية، وقد أشرت لذلك في العديد من نصوصي وخصوصاً في صباحات الوطن، ومن هنا أحب أن أشير إلى يوميات صباحكم أجمل من رام الله، والتي بدأت في كتابتها منذ 15\12\ 2005وهذا صادف عيد ميلاد ابنتي الوحيدة التي تعيش في خارج فلسطين، وحتى أني لم أتمكن من حضور زواجها في المنفى بسبب إجراءات الاحتلال، وهذه الصباحات تحمل في طياتها مسيرة الشعب الفلسطيني، رحلة الشتات والمنافي، ذاكرة الوطن التي يحرص الأعداء والاحتلال على شطبها، لكنها تبقى عصية على الشطب، هي ليست تأريخا بمفهوم التاريخ، هي مزيج من حديث الذاكرة التي تعود إلى الطفولة المبكرة، مع بعض من حديث الآباء والأجداد، ربط هذه الذاكرة بالحاضر، ورام الله مدينتي التي أعشق والتي تسكنني، مع الحلم بالمستقبل الجميل الذي أحلم، بالصباح الأجمل الذي أنتظر، فقد آن لنا أن نفرح، لذا جاءت هذه الصباحات لتعبر عن هذه الذاكرة بأسلوب سردي، يبحث في العام والخاص في آن واحد، يرسم ذاكرة للمستقبل لأجيال لم تعش ما عشناه، ولم تعرف ما عرفناه، إنها المعاناة والفرح والحلم.

شهدت الجزائر تنظيم الأسبوع الثقافي الفلسطيني ضمن الجزائر عاصمة الثقافة العربية.. فهل تابعت الحدث ؟

زياد جيوسي : الأسبوع الثقافي الفلسطيني ضمن الجزائر عاصمة الثقافة العربية حدثاً مميزاً، وقد تابعت هذا الحدث عبر الإعلام والشبكة العنكبوتية والصحافة المحلية، وحقيقة كم شعرت بالاعتزاز وأنا أرى فرقنا الفنية وهي تؤدي عروضها في الجزائر بلد المليون شهيد، وكأنها تستمد من دم هؤلاء الشهداء الأبرار، مشعل نور يدفعنا للاستمرار حتى تحقيق الحرية والنصر، وبعيداً عن كل اللغط الذي جرى في الصحافة هنا حول أسلوب تشكيل هذه الوفود المشاركة في المناسبات والمهرجانات، والاحتجاجات على الفوقية باتخاذ قرار المشاركات، إلا أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، تجعل إمكانية المشاركة مسألة بغاية الأهمية في أي مهرجان ومناسبة، فهي فرصة لإظهار الصورة الحضارية والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، التي يحاول الإعلام محاصرتها وإشاعة أننا لسنا إلا شعب إرهابي يعشق القتل، وليس شعباً محتلاً ضارب الجذور ويعشق الحرية، يمتلك كل مقومات الفن والثقافة والحضارة، مما يؤهله أن يكون شعباً حراً بدولة مستقلة.

كيف تقيم الحركة الثقافية بفلسطين .. وهل تمكنتْ من إيصال رسالة الشعب الفلسطيني المكافح ؟

زياد جيوسي : أعتقد رغم تشتت الحركة الثقافية الفلسطينية، وتأثرها بالتجاذبات والانقسامات السياسية، إلا أنها تمكنت بشكل عام من النجاح بإيصال رسالة الشعب الفلسطيني عبر العالم، وإن كان هذا لا يمثل الطموح الكافي الذي آمله، والذي أعتقد أن توحد الأطر الثقافية والفنية يمكن أن يكون وسيلة أفضل من أجل إيصال رسالة الشعب الفلسطيني للعالم.

زرت الجزائر من قبل.. فهل وجدت فيها الصورة التي كانت تعيش في مخيلتك ؟

زياد جيوسي : الحقيقة زرت الجزائر مرتين، لكن في الحالتين كنت في عضوية المجلس الوطني الفلسطيني كمراقب، لذا كان الوقت محصوراً جداً، ومع هذا اتيح لي القيام بجولات سريعة قد لا تكون كافية، وكان أول ما قمت به هو زيارة حي القصبة، الذي ارتبط بذهني منذ الطفولة بالكفاح والنضال، وكم كنت فخوراً وأنا أسير في هذا الحي التراثي والتاريخي، وأشعر أن الجدران والطرقات تهتف ما كنا نهتفه بطفولتنا: "وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر"، إضافة لتمكني من اللقاء بعدد من المجاهدين القدامى الذين حدثوني عن مرحلة الجهاد والتحرر، وكم تمنيت لو أن الوقت كان يسمح للاحتكاك بالحركة الثقافية والفنية الجزائرية.

الحركة الثقافية في الجزائر بلغت أشواطا هامة.. فهل وصل أثرها إلى رام الله.. أقصد إلى فلسطين ؟
زياد جيوسي : اتصال المثقفين الفلسطينيين بالثقافة الجزائرية قديم، فالأدب الجزائري وصلنا قبل عصر الانترنت والشبكة العنكبوتية، وخاصة للفلسطيني في الشتات، لكن بداخل فلسطين كان وصول الكتب محدوداً بسبب منعها من سلطات الاحتلال، وإن لم يمنع هذا وصول العديد من المؤلفات بشكل أو آخر، وان لعبت الشبكة العنكبوتية دوراً أكبر في التمازج والتواصل أكثر.

هل استطاع الأدب الفلسطيني أن يوصل القضية الفلسطينية للعالم ؟

زياد جيوسي : أستطيع أن أقول نعم ولكن ليس بالشكل الذي نطمح إليه، وقد أشرت أعلاه إلى بعض هذه الأسباب التي حدت من استكمال هذه الرسالة، ونحن جميعاً نعلم حجم سيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام والنشر في العالم.

تمكن الانترنت من كسر جدار الصمت عن كثير من الأعمال العربية.. فكيف تنظر إلى هذه التقنية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة؟

زياد جيوسي : نحن الآن نعيش في العصر الرقمي، إنها ثورة المعلومات الحقيقية، هذه التقنية التي تجعل العالم بين يدي المهتم إلى قرية صغيرة، ومن هنا كانت المبادرة لتشكيل اتحاد كتاب الانترنت العرب الذي أنا عضو فيه، وتشكيل اتحاد كتاب الانترنت العرب فرع فلسطين، في محاولة لتوحيد الجهد من أجل الارتقاء في الاداء واستغلال هذه التقنية الهائلة لخدمة الوطن، ومنذ بدايات دخولي لهذه الشبكة حرصت على نقل صورة عن النشاطات الفنية والثقافية في فلسطين إلى العالم، فأنشأت مجموعة بريدية تحمل اسم رام الله للثقافة والفنون "رام الله آرتس"، تجاوز عدد أعضاؤها الثلاثة الآف عضو في العالم، تهتم بالنشاطات الثقافية والفنية في فلسطين، وتنشر للكتاب العرب الأعضاء في هذه المجموعة، إضافة لإشرافي على مجموعة اتحاد كتاب الانترنت العرب البريدية، وموقع منتدى الاتحاد بالتعاون مع العديد من الكتاب العرب، وأواصل النشر بالعديد من المنتديات الثقافية في العالم العربي، إضافة لمدونتي الخاصة "أطياف متمردة"، فهذه التقنية الهائلة سلاح فعال لا يجوز إهماله.


لمن قرأت من الكتاب الجزائريين ؟

زياد جيوسي : تفتحت عيناي على الأدب الجزائري في منتصف السبعينات على كتابات الطاهر وطار، وكنت في فترتها معتقلاً على خلفية نشاطي في الثورة الفلسطينية في أحد "مقار الضيافة العربية" لمدة خمس سنوات موقوفاً بدون محاكمة، وكان الأصدقاء يهربون لنا الكتب للمعتقل، وحقيقة كانت فترة قراءة زخمة في حياتي، فقد قرأت بمعدل كتاب كل ثلاثة أيام في تلك الفترة، وفيما بعد قرأت كتب الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، وكتبها تلقفتها جماهير المثقفين والقارئين في فلسطين، وما زالت تمثل نسبة مبيعات جيدة حسبما يفيد أصحاب المكتبات وحسبما المس بالجيل الشاب،

وقد أتاحت لي الشبكة العنكبوتية الإطلاع على الكثير من الأدب الجزائري صعب تعداد كل الأسماء، وإن كنت مواظبا على قراءة يوميات الحصار للكتابة زكية علال، والتي حين قرأت لها في البداية ظننتها فلسطينية من غزة، لأفاجئ بكاتبة جزائرية متميزة تجتاحها فلسطين وتسكن روحها غزة، كما أتابع كتابات كل من الشاعرة والإعلامية نوارة لحرش، وصديقينا الرائع بلطرش رابح وأبو بكر زمال وخالد ساحلي ومحمد اسليم وعبدالله جدي وحنين عمر والعديد من الكتاب في الجزائر.

كلمة أخيرة تتوجه بها إلى قرائك الذين يتزايدون يوما بعد آخر وخاصة في الجزائر.

زياد جيوسي : إلى أهلي وعشيرتي العربية عامة والجزائر خاصة، نحن منكم وبكم ومعكم، ننتظركم ذات فجر حرية، وحتى يأتي ذلك الفجر كونوا معنا ولو بالكلمة والحرف، ففلسطين أرض الرباط والتاريخ والحضارة تحتاجكم أن تكونوا معها وتتابعوا قضاياها بأقلامكم وأرواحكم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى