خارج سياق منساق
البداية:
استيقظت في السابعة إلا ربع قبل أن يرّن المنبه بخمس و عشرين دقيقة، فقد كنت قد ضبطت ساعة قلبي و عقلي بكامل ردهاته: باطن و ظاهر.. يمين و يسار.. على الموعد العظيم.
هذا يوم لن يتكرر، و لم يسبق له الحدوث، و مع كون (جوربي) مثقوب و مخلّ بوظيفة حفظ القدم من البرد، فأنا أشعر بعزة نفس ما بعدها عزة نفس، (و هيك بدكم تقولوا معنوياتي متل نخوة "الشوام" بطلوع و حياتكم، بطلوع...).
كان "غيث" و "معتز" ينتظران طلتي في أول الحارة بأنفين أحمرين من شدة البرد، ينطّان بثيابهما البسيطة كي يشعلا الدفء في جسدين، و في انتظار مملّ.
– طولت (يا زلمة)، (هادا) مكتب محافظ (مو) بيت حماتك...
– لاو لو، أنا جايي بكير...
موعدنا في مكتب المحافظ في تمام الساعة العاشرة، لكنه يستحق الخروج من المنزل في الثامنة صباحاً، كما يستحق أيضاً (تكسي) أصفر وسخ، و( خناقة ع الدفع).
دخولنا مكتب (سيادتو) كان في الواحدة ظهراً، و هذا غير مهم فما وجه أهمية( ساعات) من حياة ثلاثة مهندسين عاطلين عن العمل، و عن الزواج.. و تحت خط الفقر، و فوق خط الواجب الوطني!
كنّا منفعلين في نقل خوفنا بشأن قطعة الأرض، و التي تشكل متنفساً و حيداً لحيّنا، و التي تعهدها بالرعاية أحد المسؤولين، و تبنّى فوقها عمارتين تكملان تنسيقية علب الثقاب (الصحيّة).
و الظاهر أنني تجاوزت حدود الأدب عندما قطب " المحافظ" حاجبيه، و قال لي:
– هس، أنت بمكتب المحافظ، ما بيصير ترفع صوتك..
طبعاً خجلي الريفيّ الغبيّ كان حاضراً، لكن "معتز" نظر إلى (سيادتو) باستعلاء، و وقف و هو يعلن انتهاء الزيارة:
– (معلش) حضرتك، اسمحلنا.. قهوتك مشروبة.
غادرنا نتعثر ببعض، و نلوم "معتز" الذي قال لنا:
– نحن بحاجة إلى (نَفَس ثوري) حتى نعيش.
المفصل:
عندما غنّى الرائع (سميح شقير) أغنية "يا حيف" لم يكن أحد ليتوقع أنّ من سجن و عذّب أطفال "درعا" سيخرج من معادلة الدماء حيّاً يرزق، و في قصره.
و مع أن (الضنا غالي)، و الأطفال (حبايب الله)، لكن "سميح شقير" تلقى أولى طعنات التخوين، يعني تم العمل بمثل ( كل العيون تبكي إلا عيون طفلي)، و من تلك اللحظة بدأ مسلسل (كل مين حارتو إلو).
خارج السياق:
المنتوف " أبو جحا" رماني البارحة بجملة حديدية أصابتني في منتصف (فص الضحك) من عقلي (الصغير)، و حتى قبل أن يمتني بسهم (جملي) آخر، كان قلبي الحزين انفرط من الضحك:
– (لو كانوا قرروا يعملوا (دجاجات) عربيات، بدل الثورات كان ممكن، بس الثورات (اشي) بيخوف كتير، كمان كلنا جاي على بالنا كم (جاجة) مشوي على مقلي على مسحب.. بس لحم الثور قاسي ما بيتاكل.
و أصلاً:( شعوبنا غير جاهزة للديمقراطية)..شعوب بدها كتير...)
هذا ما ينادي به المنتوف" أبو جحا" الذي أبحر عبر ليل الغربة، حتى رمته (البطاقة الخضراء) في أمريكا، ليصبح بعد فترة غلاب (الجمهوريين) في سب أوباما، و ليسمع صمت زملائه (الأمريكان) و هو ينتقد قانون الضمان الصحي الأمريكي.
و" أبو جحا" المنتمي أساساً إلى شعب (غير جاهز)، جاهز دائماً للدفاع عن الحكومات العربيّة، عن العرين، عن الملك، و عن الوريث.. لأنه يحب قضاء العطلة الصيفية هناك حيث الماء و الخضرة و الوجه الحسن.. و الأهم الأسعار الرخيصة.
العطلة الماضية عاد ليحكي و يتغنى عن الوضع المريح:
– ما في مشكلة.. خالفت بسيارتك، ضربت مرتك، لعبت بتعهد لأرض، رشيت فلان، زبطت علان.. يعني ( مصاري و فيه .. وين المشكلة، فكينا الخنقة شوي يعني هون (الأمريكان) ما عندهم ماما ارحميني، ناس عقد..عقد.
ليست نهاية:
صديقي (الثورجي) طردني من بيته(الفيسبوكي)، و حذفني لأنّ أحد والديّ من (طائفة) أخرى- باعتباري خارج هذه الترهات- يعني هذه ليست أخلاق (الثوّار)، و لا هي النهاية.. صدقوني ليست هي النهاية.
بدايات أخرى .. مفاصل جديدة .. و أيضاً خارج سياق منساق في:
يتبع...