الأحد ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
خاطرة
بقلم ناصر الريماوي

رياح الأربعاء

(مهداة إلى الأخ الدكتور فوزي سليم بيترو)

ما أجمل هذا الأربعاء حين يُطلّ مصحوباً بطيفك الوردي، وفراشات خلتها ترقص فرحاً تنشرها في سماء حديقتنا بالمجان من خلال سطورك، من لهذه الزهور بعد أن غدت معتمة على زهرياتها المركونة في فناء أيامنا التي تغادر مسرعةً من الأربعاء إلى الأربعاء؟ غير هذا الطيف المحلق ... يمرغ صدغيه بتربة اللوز وعنبر التين قبيل الصبح، يلهج بسحر آخر الوصفات المرصوصة على أرفف العطارين، هذا الطيف وطيفك المسكون فينا منذ الأربعاء الأول لأشجار الطريق بين رام الله وبيتونيا، وطيف من نحب ونعشق، كلها شواخص على الطريق ترشدنا بمعية من رحلوا كي لا نضل أو نتوه، نسير خلفها وهي تتبع الريح المقدسة، نحو الخلاص (تبارك الرب في الأعالي وعلى الارض السلام) ... يا أبتي من يقرع الطبل في أذني؟ إجعلني ذبيح يوم الخلاص في يوم توسد الآحاد.

عند هذا الدير، قمتُ للمرة الأولى، حملتني البشارة طفلاً يسرح مع إنجيل مقدس في ساحة الدير القديمة، حملتني الريح المقدسة بعدها منذ طلعة يومي لترمي بي ها هنا كهلاً مذنباً ويائساً من نعمة الغفران، يا أبتي لم آت وحيداً لهذا تأخرت في المجيء، أضف انني تهتُ في الطريق إلى نفسي سنيناً فتأخرت قليلاً عن يديك تمسح فوق وجهي بطهر ماء القداسة، حملتني رياح الأربعاء بين الصباحات الكثيرة إليك، فاطلب الغفران لي والصفح... أمي كانت هنا تعجن للفقراء في هذا الدير قبل ولادتي بسنين، ألا يشفع خبزها لي عند ربي؟ حملتني الريح المقدسة، تمرغتْ بتربة الزيتون ومسك أشجار السرو والكينا، هبتْ مع أحاديث الأربعاء، فحملتني إلى دير الخلاص، لم أكن وحيداً لهذا تهت ما تيسر من سنين عن وعظ نفسي لآتي مذباً أطلب المغفرة ... وحيداً في إنتظار يوم الأحد وعظة الأحد، إشتقت إلى أجراس رام الله فوق أبراج الكنائس في الاعياد، ولشجرة الميلاد... ولنفسي.

يا أبتي هات يدك تمسح بالميرون المقدس على صفحة الألم المزمن... لأشفى من هذه الغربة الطويلة، فأنا أتيتُ بالأمس فقط مع أحاديث الأربعاء، لم اكن وحيداً، كنت برفقة الزيتون وشتلة أخرى لحملة التشجير، تكفيراً عن غيبتي لرام الله، زرعتها بمعية الأهل هناك لتبقي سنيناً ... لهذا تأخرتُ قليلاً ... فهل يغفر لي ربي؟

(مهداة إلى الأخ الدكتور فوزي سليم بيترو)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى