شعب لا يريد

وطـــنٌ أقـــامَ عــلـى الـوهـادِ فـمـالا
وعــلـتْ بـــهِ كُـــوَمُ الـفـسـادِ جـبـالا

وطـغـتْ سـيـول الـظـلْمِ فـي أرجـائه
وتــجــمّـدَ الــقـانـونُ فــيــهِ فَــســالا

واســتَــوْرَدَ الــتّـجّـارُ فــيــهِ مـذاهـبًـا
والــدِّيــنُ أمــســى لــيـرةً وريـــالا؟!

فـجـرى ضـميرُ الـكذْبِ فـي أخـلاقِهم
وغـــدا الــحـرامُ مـــعَ الـحـرام حــلالا

وإذا نــظـرتَ إلـــى الـنّـفـاقِ وجـدْتَـهُ
مَـرضًـا تَـفَشّى فـي الـنفوسِ عُـضالا

والــحـقـدُ يــكْـمُـنُ خـلـفَـهُ مـتـخـفّيًا
كـالـذئـبِ يَـلْـطـأُ كـــيْ يـصـيدَ غــزالا

وإذا اسـتَـنـرْتَ بــمـنْ يُــريـكَ عـدالـةً
أُشــبِـعْـتَ مــنـه تَـفَـلْـسُفًا وجِـــدالا

إن قـلْتَ: حـقّي.. قال: حقُّكَ عندَ مَنْ
خَــلَـقَ الـــورى، سـبـحـانَه وتـعـالـى

أو قـلْتَ: حـقُّكَ..! قال: حقّيَ واجبٌ..
أو قـلتَ: إِسْـمَعْ..، نـابَ عَـنْكَ.. وقالا:

لا تــنــسَ أنَّـــكَ مِـــنْ تـــرابٍ مــيّـتٍ
هـل أنتَ أحـسنُ مِنْ جـدودِكَ حالا؟!

فَــلِــمَ الــحـيـاةُ ولا حــيـاةَ لـمـوطـنٍ
عــبـثَ الــرّعـاعُ بـــه فـكـانَ رمــالا!؟

أيـــنَ الـــذي بــلـغَ الـنّـجومَ بـمَـجده
والــشـمـسُ فـــي آفــاقِـه تــتـلالا؟!

أيـــن الـــذي مِــنْ أرزِه شــعّ الـسَّـنا
وتَــفَـيّـأتْ مــنــهُ الـنـسـورُ ظِـــلالا؟!

أيــنَ الــذي سَـكَبَ الـقصائدَ حُـسْنُهُ
واسـتـمطرتْ مـنْـهُ الـحروفُ جـمالا؟!

أيـــنَ الـــذي كــتـبَ الـزمـانَ بِـحـرفِهِ
وَمَــــلا الــمـكـانَ فـخـامـةً وجــلالا؟!

هـــذا هـــو الــوطـن الـــذي أحـبـبتَهُ
لــمْ يــبـقَ فــيـهِ لِـفَـرْدَتـيـنِ مــجـالا

فـوضى عـلى فـوضى جَـنَى صـبيانُهُ
وقـضَـوا عـلـى مَــن صـال فـيه وجـالا

أيــــن الــذيـن تـعـانـقوا فـــي حــبِّـهِ
وكـلامُـهمْ فــي الـحـبِّ كـان فـعالا؟!

عـصفتْ بِـهم ريـحُ الـسّياسةِ خُلسةً
ومـضـتْ بـهـمْ، وهـمُ الـعِظامُ، ضـئالا

وتــفــرّقـوا بِــعَـصـا الــذيــن تــفـوّقـوا
زورًا، فــــذاقــــوا ذِلَّـــــــةً ونَــــكـــالا

فـتـرى قـطـيعًا شــاردًا نَـحـوَ الـيـمينِ
وبـعـضـهـم قــــادَ الـقـطـيـعَ شــمـالا

شـعبٌ تَـشَعَّبَ فـي الـضلالِ سـبيلُه
حــتـى غــدا خـيـرَ الـشـعوب ضــلالا

يـمشي بهم من سادَ فوق ظهورِهم
مــثــل الـــدّوابَّ إذا احْـتـذَيْـنَ نــعـالا

"يُـسْـتَـحمَرونَ" بــرغـمِ أنـفِـهِمُ ومــا
زالَ الـــخـــداعُ عــلــيـهـمُ يــتــوالـى

شعبٌ يريدُ.. ولا يُريدُ..، سوى الكلامِ،
فــلــيـسَ مَـــــنْ بــــاعَ الإرادةَ نــــالا

خــانـوا نــداءَ الـحـقِّ فــي أعـمـاقِهم
ومــضَـوا إلــى دربِ الـسـقوطِ عِـجـالا

شــعـبٌ طَــغـامٌ لـيـس فـيـهِ رجـولـةٌ
أيـــنَ الـرّجـولـةُ والــرَّجـالُ ثـكـالـى؟!

وَلَّـــــوْا عــلـيـهـمْ مــثْـلَـهـمْ لـكـنّـمـا
عــبــثًـا تُـــلاقــي لــلــوَفـيِّ مِــثــالا

يُــهــدونَــهُ أرواحَـــهـــمْ ودمـــاءَهــمْ
ولَــهــمْ نــفــوسٌ بـالـوعـودِ حـبـالـى

مـــا أفــلـحَ الـشـعبُ الــذي حـكّـامهُ
"الـشّطّارُ" و"الـمُستحْمَرونَ" كسالى

كـمْ مـستحيلٍ أمـسِ أمـسى مُـمْكِنًا
والــيــومَ تــبـدو الـمُـمْـكِناتُ مُــحـالا!

فــتـرى الـسُّـلَحْفاةَ اسـتـحالتْ أرنـبًـا
وعــلا الـحـمارُ عـلـى الأســودِ وبــالا

وتــــرى الـتَّـطَـلُّـعَ لـلـحـيـاةِ مُـعـلَّـقًـا
مـــــــا دام ذاكَ تــوهُّــمًــا وخـــيـــالا

عفوًا، أطلتُ، وهلْ حَسِبْتَ الخيرَ في
مَـــنْ ظــنَّ أنَّ فــي الاتِّـكـالِ نــوالا؟!

"مــا كـانـت الأوطــانُ يَـفْـسُدُ أمـرُهـا
لــو كــانَ مــا حَـوَتِ الـشعوبُ رجـالا"

فَـسَـدوا فـكـان فـسـادُها بـفسادِهم
مَــنْ رامَ فــي الـبـحرِ الأجــاجِ زلالا؟!

فَـهُـمُ هــمُ، لا شــيءَ عَــدَّلَ مِـنْـهُمُ
وســواهُــمُ بــلــغَ الــسـمـاءَ نــضـالا

مَـــن قـــال إن الــمـرءَ يـصـبِحُ غـيـرَهُ
إنْ بـــدّلَ الـطـربـوشَ فــيـهِ عِــقـالا؟!

لــبـنـانُ.. والــتّـاريـخُ يــعــرفُ وزْنَـــهُ،
غـــالٍ، ولـيـسَ سـواهُ مَــنْ يـتـغالى

لــكـنَّ فــيـهِ مــنِ اسـتـخفَّ بـشـعبهِ
فـتـحـكّـمـتْ فــيــهِ الــقـيـودُ ثِــقــالا

أخــشـى إذا قَــلَـبَ الــزمـانُ مِـجَـنَّهُ
أن يــكـتـبَ الــتـاريـخُ فــيــه مَــقــالا

أن يــكـتـبَ الــتـاريـخُ آخـــرَ صـفـحـةٍ
هــــذا الــجـوابَ لــمـن أرادَ ســـؤالا:

كــانـتْ هــنـا أصـــداءُ لـبـنـانَ الــذي
عــاثـتْ بـقـايـا الـخَـلْـقِ فــيـه فـــزالا

ولُّـــوا عــلـى أعـقـابـكمْ، قـــدْ فـزْتُـمُ
وكــفــى الإلــــهُ الـمـؤمـنـين قــتــالا

د. كوكب دياب
6- 8 - 2015