يوم الفراق
.
أخـي ثِـقْ بِـمَنْ كـانَ خـيرًا وَلـيَّا
وصِــلْـهُ دعـــاءً وَدمْــعًـا سَـخِـيَّا
وقـلْ: "إنَّ لـيْ في حِماكَ لَروحًا
تُـعَـذَّبُ لـمْ يُـجْدِها الـطِّبُّ شـيَّا
فــأفـرغْ عــلَـيَّ أيـــا ربُّ صــبـرًا
وأسْــبِـغْ عـلـيـها شـفـاءً ورِيَّــا"
عـسى اللهُ يـرضَى وقَلبُكَ عنها
لـتـحـظى لــديـهِ مَـكـانـاً عَـلِـيّـا
فــلا تَـبـكِ إنْ كــانَ ربُّــكَ أهْــدَا
كُـمـا أجْــرَ مَــن كــانَ فـينا نَـبيّا
عــسـى ولــعـلّ يُــفـرِّجُ عـنـهـا
وعــنـكَ بـعـيـشٍ يَـــدومُ هـنـيًّـا
فـمـا كـانَ شـيءٌ عـليهِ بِـصعبٍ
إذا بـــاتَ أمْـــرٌ عَـلـيـنا عَـصـيَّـا!
ولــكــنّـهُ كـــاتــبٌ كــــلَّ أمْــــرٍ
وَنــقــرَأَ نــحـنُ الـكـتـابَ جـلـيَّـا
وهـــلْ يـعْـجـز اللهَ أمْــرٌ عَـسـيرٌ
وأخــرجَ يـونسَ مِ الـحوتِ حـيَّا؟!
وأخــرجَ مِــنْ عَــدَمٍ كـلَّ شـيءٍ
ولــيــسَ ســـواهُ بـــذاكَ حَــرِيَّـا
أتــذْكــرُ أيّــــوبَ كــيـفَ ابــتـلاهُ
بـعـجْـزٍ وبـالـصَّـبْرِ عـــادَ قـويَّـا؟!
ويــعــقـوبَ إذْ يَــتَـفَـطَّـرُ حُــزْنًــا
وكـــانَ مِـــنَ الـصـابرينَ تَـقـيَّا؟!
وعـيسى وموسى وطهَ ويحيى
ومـنْ سَلَكوا الصبرَ نَهْجًا سَويَّا؟!
ألـيـسَ لـهـمْ كــلُّ أجــرٍ عـظيمٍ
وقــدْ بـلـغَ الـصَّبرُ مـنهمْ عِـتيَّا؟!
فـصـبراً ومـا الـصبرُ إلا احـتِسابٌ
ومـا كـان ذو الـصَّبرِ يـومًا شَـقيَّا
فَـرضوانُ ربِّـكَ فـي الصبرِ يُرْجى
فــلا تـبـغِ مــن دونِ ذلــكَ شـيّا
لـعـلّ الــذي وضَـعَ الـدّاءَ يُـحْدِثُ
مِــنْ بَـعْـدُ أمــرًا يُـضيءُ الـمُحيَّا
وإلاّ فـــإنَّـــا نــســلِّـمُ طَـــوعًــا
بِــمــا كـــلَّ حــيـنٍ لـــهُ نَـتَـهـيَّا
فَــمــا الـــداءُ إلاّ بـــلاغٌ مُـبِـيـنٌ
يُـنادي بِـصمتٍ: إلـى الـعَوْدِ هيَّا
قـضى اللهُ أمـرًا بِــ"كـنْ فـيكونُ"
ومـــا حــكْـمُ ربِّــكَ بــاتَ خـفـيَّا
نُـريـدُ الـثَّـرى أن يَـعـيشَ طـويلاً
وروحُ الــثـرَى تَـتَـخـطّى الـثُّـريَّـا
***
أخـي كُـنْ كَـما كـنتَ قـبلُ قَـويّا
فـكـلٌّ سـيُـطوَى إلــى اللهِ طـيَّا
فــهـذي الـحـيـاةُ مــجَـرَّدُ حُـلْـمٍ
ويـمـضي، ونُـمْـعِنُ فـيـهِ مُـضِـيًّا
وَمــــا هــــيَ إلاّ مَــمَـرٌّ قـصـيـرٌ
وظــــلٌّ ضــعـيـفٌ بــــهِ نَـتَـفـيَّـا
ومـــا عـنـدَ ربّــكَ خـيـرٌ وأبـقـى
ومـا فـي الـدُّنـى لا يُعادِلُ شـيَّا
فرحمةُ ربّي على مَن غدَتْ في
جــنــانِ الــخـلـودِ بــهــا تـتَـزيَّـا
وصَـــبّــرَكَ اللهُ يــــومَ الــفــراقِ
وأنــــتَ تُـسَـلِّـمُ رُوحَـــكَ حَــيَّـا
***
نظمت الشاعرة هذه القصيدة في صديقتها "بشرى" زوجة الشاعر الكبير محمد البياسي، وهْيَ على فراش الموت... معارضة بها قصيدةً للشاعر نفسه...