دمْع الأسى
.
يــا سـاكـبًا دمْــعَ الأســى تَـتَـوجَّعُ
مـاذا عـسى فـي النارِ دمعٌ ينفعُ؟!
لا أنــتَ بِـتَّ وَذي الـدموع بِـمُطفِئٍ
نـــارًا ولا هــيَ بـالـدموعِ سَـتَـرجِعُ
عــاد الـتّـرابُ إلــى الـتّـرابِ مُـلـثَّمًا
والــــروحُ بــاقـيـة تـــراكَ وتـسـمـعُ
كـفـكفْ دمـوعَـكَ إنّـهـا فــي جـنّـةٍ
أخــشـى عـلـى روحٍ تــراكَ تُـقَـطَّعُ
مـا كـنتُ أنْـكرُ فضلَ دمْعكَ لوْ هَوى
حـيثُ اللهيـبُ يَـشِبُّ فـيكَ ويُـوجِعُ
مــــا لـــي أراكَ مــودِّعًـا ومــودَّعًـا
مَـيْـتًـا عـلـى قـيْـدِ الـحـياةِ يُـشَـيَّعُ
مَـــن مـــاتَ مـــاتَ لــمـرّةٍ لـكـنّـما
مــا زلــتَ مــذْ مـاتتْ تـموتُ وتَـنْزِعُ
هـا أنـتَ لـسْتَ على الفراقِ بقادرٍ
أبــدًا ولـسـتَ إلــى سـماها تَـطْلَعُ
مــذْ فـارَقـتْكَ وأنــتَ تَـبـكيْ بُـعْدَها
هيَ في الـجنانِ وأنتَ وَحْدَكَ تَجْزَعُ
أنــظـرْ إلـيـها فــي عـلاهـا مُـنْـصتًا
هـل كـان يُـرضيها أسًـى وتَـفَجُّعُ؟!
إن لـم تُـرِحْ بـالصّبر مَنْ دَفنَتْ يداكَ
فـلـنْ يُـريـحَ الــروحَ دمْـعُـكَ أجـمـعُ
فالشمسُ ما غابتْ هنا إلا لتُشرقَ
مِـــنْ هـنـالـكَ والــدلائـلُ تـسـطـعُ
أنْظُرْ فَقَدْ جَثَمَتْ على غصنِ الخلودِ
لـتُـنْـشِدَ الأشــعـارَ وهْـــي تُـرَجِّـعُ
أتــنــامُ عَـيْـنـاها وقـلـبُـكَ ســاهـرٌ
والـدمعُ يُـذْكي مـا بـصدركَ يَهْجعُ؟!
مـا مُـنْقِذٌ كـالصبرِ مـنْ نـارِ الأسَـى
مــاذا عَـسـاكَ بـغـيرِ صـبـرٍ تَـصْنعُ؟!
فَـالـمـوتُ يَـسْـردُ كــلَّ يــومٍ قـصَّـةً
ويـقـولُ لـلأحْـياءِ "فــي الـغدِ يَـتْبَعُ"
مَــن كــانَ يُـدركُ مـا وراءَ الـموتِ ذا
أَفْــضَـى إلــيـهِ بــكـلٍّ يـــومٍ يُـهْـرَعُ
ومـشـى إلـيـهِ مُـهَروِلاً حـتّى يـرى
مـــا كــانَ أو مــا لــمْ يـكـنْ يَـتَـوقَّعُ
فَالله أرحـــمُ بـالـعـبادِ مـــن الـعـبادِ
وعَــفْـوُهُ مِــن كــلِّ شــيءٍ أوسَــع
فـارحـمْ فــؤادَكَ مِــنْ لـواعِجَ ذُقْـتَها
ويَــكــادُ مِــــنْ لَأوائِــهــا يَــتَـصَـدَّعُ
لا تـحـسَبنّ الـمَوتَ مـا ضـمّ الـثَّرى
مـــا الـمـوتُ إلا مــا تـضـمّ الأضـلـعُ
ارتجلت هذه القصيدة في أثناء مواساة الشاعر السوري محمد البياسيّ إثرَ وفاة زوجته إذْ قال فيها:
ودفـنـتـها بــيـديَّ ثــم بـكـيتُها
يـا ليتَ تُرجِعُ من يموتُ الأدمعُ
ورجعتُ في ثوب اليتيمِ أجرُّني
وظـنـنتُ أنــي بـعدها لا أرجـعُ
مشاركة منتدى
19 تشرين الأول (أكتوبر) 2016, 13:22, بقلم rokaia osma
جزاكم الله خيراً في الأولى والآخرة