السبت ٢٨ آذار (مارس) ٢٠١٥
بقلم نوزاد جعدان جعدان

ظلام دامس !

للشاعر الباكستاني: ساغر صديقي

أشعلي ظلمتي
كما أوقد سبحانُه الجبلَ
إنّني طور
وإنّكِ أنتِ أنتِ النورُ
فابعدي عن وجهكِ النقاب
وبدّدي كل هذه الظلماء
إنني أكَمه
وإنكِ اليد البيضاء
لن تمضي تلك العتمة
إن لم تكوني حولي وهج الضياء !
أريد أن أتفرج وحدي على هذه الظلمة السوداء
ابحثي معي عن ذلك النجم المكسور
على عرش السماء
لماذا لماذا لا ينير كل هذه الظلماء !
كأنكِ الصبحُ الكاذبُ بخيوطه الحمراء
تحسبه ضياءاً وما هو إلا ظلماء بظلماء
كأنكِ في أحاديث السكارى؛ إنتشاء
أبداً لستِ نوراً
إنما مَن بدّد هذا السواد هو سحر الإنتشاء !
أخبري حور العين في الفردوس ؛
أن الظلام جدا كثيف
ونحنُ عطشى لنورٍ منهم حتى ولو خفيف
هنا حور العين طيفهم
طيفهم جدا طفيف !

 [1]
 [2]
 [3]
 [4]

للشاعر الباكستاني: ساغر صديقي

[1جبل طور المذكور في القرآن الكريم والذي فسرّه بعض العلماء أنه الجبل الذي تجلى فيه وجه سبحانه وتعالى أمام سيدنا موسى عليه السلام.

[2اليد البيضاء إشارة إلى يد سيدنا عيسى عليه السلام؛ والتي كانت تشفي الأكمه؛ الذي لم يرَ النور في حياته.

[3النجم المكسور؛ ربما المقصود هنا حين تهوي كل النجوم وتصبح السماء كلها سوداء كما ورد في القرآن الكريم " والنجم إذا هوى ".

[4درويش الشعر الباكستاني ساغر صديقي: ولد الشاعر محمد أختار ( صديقي) في مدينة أنبالا الهندية عام 1928؛ الإبن الوحيد لعائلة فقيرة، تلقى تعليمه على يد الأديب حبيب حسن، كتب الشعر في سن مبكرة واتخذ اسما مستعاراً ناصر حجازي، ثم استقر على اسم ساغر صديقي، انتقل إلى لاهور عام 1947، وحقق نجاحاً منقطع النظير حتى امتدحه الشاعر المعروف جيكر مراد آبادي، عمل في عدة مجلات كما أصدر مجلة تم إغلاقها بعد صدور العدد الثالث منها لأسباب مادية، بدأت أحلام الشاب تتلاشى تدريجياً فاستأجر غرفة في لاهور وبدأ بالإدمان على المورفين، عانى من شظف العيش كثيراً حتى اضطر إلى بيع قصائده إلى شعراء أخرين مقابل مبالغ زهيدة، واشتهرت تلك القصائد في الإذاعات المحلية بأسماء شعراء أخرين.
بدأ فترة انعزاله عن المحيط الاجتماعي، واتخذ منظراً مهلهلاً ؛ شعر طويل ولحية طويلة وثياب ممزقة وجسد نحيل جدا، متسكعاً في شوارع لاهور؛ أسواق أنكارلي والطريق الدائري وطرقات دربار تعرف آثار خطواته جيدا ، كان يستجدي من الناس كفايته من المال فقط وحين كان بيبع كلمات أغانيه إلى الأفلام السينمائية، يوزع المال الفائض عن احتياجات مأكله ومسكنه على الفقراء؛ إيماناً منه أن هؤلاء الناس أحق بها،
بدأ في أيامه الأخيرة يعاني من السعال المزمن حيث كان يبصق دماً، كما أن بصره ضعف جدا ، ولم يكن يملك المال لإرتداء نظارة، فكان يتكئ على عصا، عُثر عليه ميتاً بجانب الطريق في شوارع لاهور عام 1974 ودُفن في مقبرة مياني صاحب.
لم يتزوج ساغر وترك وراءه كلبه الذي مات بعد عام من رحيل ساغر في نفس الشارع الذي رحل منه الشاعر.
يعتبر شعره من روائع الأدب الأردي، يعبر به عن نفس نقية طاهرة وحساسة جدا، أعلن فيها خلود الروح وفناء الخزانة الترابية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى