الأحد ٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم صلاح بن عياد

عين الحيوان

صراخ الحيوان.
الهامات النّابضة المتمسّحة على الحجر.
ذوات الوجع الأبكم.
الذوات المتخبّطة في اختلاط الينابيع.
 
صراخ الحيوان ذي الشمّ الثاقب العالق بالأعشاب.
ذوات اللغة الأجنبية.
لغة كوكب من أساطير.
 
"البلبلة" والململة
والصراخ.
خربشتنا الأولى على الحجر الذي احمرّ الآن.
احمرّ من فرط الأساطير.
 
صراخه الموقظ للعيون البرّاقة في الليل.
صراخه المثير للشهوة العاجزة في الليل.
للدفء المأزوم في الليل.
للخائفة اللامسة لأصابع نائمة في الليل.
 
هي الثيران ذوات القرون الحاملة لأرض جدّتي البالية.
هي الشاة اللاهثة وسط دخان احتراق الفطائر الصباحيّة.
هي الوعول ساعات الزوال
تحرّك السنابل المنحنية.
هي ذئاب الهنود الحمر المتقافزة في المعبد.
هي الرّؤوس الحليقة الوردية المتراصة
أمام أقدام "البوذا".
هي الأفاعي النافخة في اللاشيء.
هي الدموع الخرساء المبللة لوسائد الليل.
هي الورود الحمراء المتعانقة.
الشرود وسطور من نمل بنّيّ بلا معنى.
 
هي زغاريد العرس وتقافز الضفادع تباعا في العين.
 
الحيوان.
راكض رابض
آفل في لوحة الرسام الذي بلا حبيبة.
لغة للوحيد في الزحام.
 
الحيوان منقوش في جدار مصفرّ
وفي قلب الصوفيّ ذي الزبد.
خرافة الطفل اللامس للنعومة الأولى
والهامس بأولى الحروف الغريبة.
 
هي خيول الرّومان المحمّرة تحت شمس إفريقيا.
هي قطط اليهوديّ الصارخة فوق السّطوح.
هي الجاموس الذي بلا حدّ.
وتماسيح الزنوج الناقرين لفراغ جرار الماء.
أثداء الزنجيات الراقصات على الطنين.
هي مرور الصبيّة أمام مجانينها بلا موسيقى مرافقة.
 
الحيوان.
اللهفة والشهقة ومعادن تبرق في صمت.
الشهوة.
نار العاري الحميمة في منبسط من رياح.
الربكة ورقصة البدويّ الجافة،
الأٍرض التي بلا اسم ولا جسم
الأرض المحروقة بشوق أولادها.
 
الحيوان.
ذو العينين البراقتين في الليل
ذو التماثيل الفطريّة المتراصةّ على ساحل الجزيرة.
ذو الكتب الصفراء الصارخة في الشارع
ذو الكمنجة الوجلة بين يديّ
الحيوان المتململ وسط القلوب
الصاحي فوق الفراش الليليّ لحبيبين من تربة وغربة وعمى.
 
الحيوان ما يصحو في نهاية كلّ حرب
ليعيد المفاصل المبتورة أمام الأبواب الموصدة.
 
الحيوان نعومة الصبيّة
تلك الصبيّة المارّة في صمت
بينما الموسيقى تدور حول قبة خضراء.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى