السبت ٥ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم رندة زريق صباغ

فكّرنا الباشا...باشا

تاري الباشا زلمه...وبيخاف كمان

مش حلوة بحقّك يا.....زعيم!؟

كم بتُّ أجلّ وأحترمُ أمثالنا الشعبيّة العربية...
وكم بتّ أدرك أن لا واحداً منها قيل عبثاً أو خطأً....!
أتعرفُ فلاناً؟....نعم أعرفه جيّداً!
هل جرّبته؟.....كلا،لم أجرّبه....إذن أنت لا تعرفه!
فالمصائب والمشاكل محك الرجال...وإن الرجل موقف،كرامة وكرم أخلاق....
ما أجمل هذا الكلام الذي تعلّمنا ه صغاراً وحفظناه كلاماً عن ظهر قلب....

ربما لم نعي حينها أننا سنجرّب هذا الكلام كأفعال ممن لم نتوقّع أن يتصرفوا بهذا الشكل البعيد كل البعد عن معاني الرجولة المحقة...وذلك خوفاً على مصالح ورغبات مقرّبين فارغين لا منطق في تصرفاتهم ولا ضمير في قراراتهم...!
قالوا:من يخطئ فهو إنسان...ومن يصر على الخطأ فهو شيطان....

وماذا يقال عمن يرى الخطأ والمخطئ فيقف في صفه والى جانبه مبرراً ذلك بشتى الحجج الواهية والأعذار العقيمة التي نعرّيه وتنزله من برجه الذي طالما تحصّن به واتخذه سلّماً لنجاحات وفرض هيمنة على غير المدركين للحقيقة المرة...!؟
لن أطلق أنا الألقاب ولا التصنيفات....فكل يعرف كنه نفسه... ويكفيني أن تعلمت الكثير وبتّ أميز بين الغث والسمين...
بين الحق والباطل وأيضاً بين الكاذب والصادق...والأهم بين النظيف وبين الانتهازي...!

إنها دروس لا نتعلمها في المدارس...فقط في مدرسة الحياة الغنية بالمواد والمعلومات....
منها الايجابية ومنها السلبية...منها الحلوة ومنها المرة...منها الموجعة ومنها الممتعة...والقائمة طويلة!
المهم في الأمر أن لا نترك هذه الدروس تمر من قربنا مر الكرام وكأن شيئاً لم يحدث...
بل أن نتعلّم ونفهم عسانا لا نلدغ من الجحر مرتين...!

كانت صدمتي في الزعيم كبيرة....
فانّ أكثر ما يؤلم المرء هو صدمته في من اعتبره ولسنوات طويلة قدوةً ومثلاً يحتذي....فإذا به ليس أكثر من إنسان عادي بل أقل...!
حين تسقط كل أقنعة المرء أمام التجربة الحقيقية الأولى...ينكشف أن كل ما كان يصوره لك ولغيرك بأنه ذهب، ليس بالواقع إلا حديداً مطليّاً بماء مع صبغة ذهبية اللون....

ومن شدة احتياجنا لمن ننبهر به وبقدراته صدّقنا أعيننا التي انخدعت بالبريق هي الأخرى...!
سرعان ما تساقطت أوراق التين لتكشف العورات....فيبدو واضحاً للعيان أنّ المصالح الشخصية ومصالح المقرّبين هي الأهم حتى لو كان ذلك على حساب مشاعر، حياة ومصير الآخرين....فان ذلك لا يهم ولا يعني المنتفعين وأصحاب النفوس الهشّة إطلاقا....!
ها هو "الزعيم" عادل إمام يصدم الجميع...

فقد كان نعته للثورة في مصر بأنها أعمال بلطجة وقلة أدب آخِر ما أمكننا تخيّله من فنان تحول لنجم عربي انطلاقاً من أدواره التي تصب في مصلحة الكادحين و"الغلابى" المصريين خصوصاً والعرب عموماً...!
حين وقف قبل ذلك ضد حماس وحزب الله أمكننا تفهم الأمر قليلاً.....أما أن يقف ضد أبناء وطنه الذين عملوا منه نجماً وزعيماً فهذا ما لا يحتمل....

لطالما كنت أختلف مع أبي حول عادل إمام....
لطالما اعتبره أبي منافقاً يعمل لمصلحته فقط ،وانه إن جد الجد ستنكشف حقيقته التي تدل على كونه أحد رجال السلطة...لصغر سني من جهة ولانبهاري بأدواره لم أوافق على ذلك حينها...وبالتالي كانت صدمتي كبيرة بمن اعتبرته زعيماً...
كنت قد شاهدت له مقابلة قبل فترة تغنّى فيها بالنظام الحاكم في مصر وبالرئيس حسني مبارك...

والآن بعد الثورة سمعته يدافع بشدة عن مبارك ويستغرب لماذا يشتمه المواطنون متسائلاً:ما الذي فعله مبارك حتى يشتم؟لقد سمعتهم يشتمونه شتائم نابية جدا عبر الشاشات والرئيس لم يرد على ذلك، بل سامحهم ووعد بالتحسين لأجل مصر!
هل يعقل أنه استخف بنا وبعقولنا طيلة هذه السنوات...!؟

وأنه لم يكن أكثر من صفارة "طنجرة ضغط " استعملها النظام للتنفيس عن الشعب المصري الكادح بكل وقاحة وانتهازية...!؟
ترى هل كانت أعماله ليست أكثر من مجرد حبات مسكّن يوزعها النظام من حين لآخر كي لا ينفجر المواطنون..!؟
ترى هل وصل به الحال حد جنون العظمة معتقداً أنه زعيم بالفعل من منطلق "كلب البيه بيه"...!؟
ها هي المواقف تثبت وتبيّن أن النياشين معادن إنسانية وقيميه قبل أن تكون معادن مادية...
النياشين قيم ومعايير أهمها حب الوطن... وحب الوطن ليس كلمة تباع وتشترى...!

بات واضحاً أن عادل إمام فنان البلاط الأول وقد حقق من وراء تقرّبه من السلطة مآرب شتى...
وهذه العلاقة الثنائية مهما اختلفت مجالاتها فهي وجهان لدكتاتورية واحدة...
وأعود إلى أمثالنا الشعبية واصفة ما فعله ب:"اجا يكحّلها...عماها"
فقد وضع جماهيريته وسمعته على المحك من دون أن يحسب حساباً لهذه الجماهيرية والمحبة من الناس ...

وإن عدنا للمقبلات التي أجريت معه فنرى أنه طالما خلق مساحات لنفسه مستندا إلى نفوذ النجم الذي أعمى عيوننا ببريقه...
فعادة لا يترك عادل إمام نفسه مفتوحا للجمهور...بل يفرض شروطه ليضمن أن لا أحد يمسه أو يحاول النيل من صورته من خلال سؤال أو استفسار قد يحرجه على الهواء....
ألا يشير كل ذلك. إلى دكتاتورية "الزعيم"...!؟

قد تتساءلون لماذا أصبّ جلّ غضبي على نجم مصري واحد رغم غياب أصوات الفنانين وحتى الأدباء والشعراء المصريين كما العرب...؟
فالسكوت دليل ضعف يمكن تفهمه إلى حد معيّن.... أما الدفاع عن الطاغية في مثل هذا الأوان العصيب من قبل نجم الشعب، فانه غير محتمل...فكما لو أنه صرحٌ وهوى محدِثاً جلبةً ودماراً نفسياً ومعنوياً...!

ويبقى سؤال الأسئلة طبعاً مزلزلاً:أين الفنانون، الشعراء، الأدباء، المخترعون، أين من يتسابقون على الإنتاج الفني وعلى نسبة مشاهدة المتلقين السذج كل رمضان...!؟
وهنا لا بد من تحية احترام للروائي المصري البارز (بهاء طاهر) الفائز بجائزة مبارك للآداب التي تعتبر أرفع الجوائز المصرية ردّه الجائزة التي تحمل اسم الرئيس الذي هدر دماء المصريين الطاهرة طوال ثمانية أيام من الاحتجاجات...وعلّق الطاهر على الأمر قائلاً:لقد قبلت الجائزة عام 2009 باعتبارها جائزة الدولة وتعتبر جائزة من المقام الأول...وأردها اليوم بكل راحة ضمير...!
عاشت مصر حرة أبيّة.

عيلبون

تاري الباشا زلمه...وبيخاف كمان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى