السبت ٢٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم عمر حكمت الخولي

ليلة في جوار القمر

هذه المرَّة لم أسهر وحدي
مع رفيقي القمرْ
هذه المرَّة كانتْ معي
– رغم بُعدها –
كانتْ معي
وفي أحضاني تسهرْ
تمسح دمعي
وإنْ انطفأ شمعي
تكشف نهدها
فتـُنار الصوَرْ
وحدي قد كنتُ أسابق النجومَ
في رحلة الليالي
وحدي قد كنتُ يا حبيبتي
أحارب اشتعالي
وحدي
جاهدتُ بردي
وانتزعتُ عقدي
من عنق شيطان خيالي
فألبستكِ إيَّاهْ
ويا حبيبتي
كم من آهْ
رددتُ وقلتُ
حين غبتِ أنتِ
وغاب هلالي.
 
سهرتِ معي
وأنتِ في داركِ
وبعيدة ً كانتْ الدارْ
سهرتِ معي
ورقصتِ
وغنـَّيتِ
وصنعتِ لي أكاليل الياسمين والغارْ
كيف يا حبيبتي
وأنا لا أراكِ
أراكِ؟
كيف يا حبيبتي
في غضبكِ
ألمح رضاكِ؟
كيف يا سيَّدة العشق ِ
تحتفلين بنصرنا
في ليلة الانكسارْ؟
محظوظ ٌ أنا يا ناسُ
محظوظ ٌ بحبيبتي
بحبِّها
بجسدها
بامرأة ٍ غريبة الأطوارْ
ترمقني هياما ً
وتـُغرقني في بحار الثلج والنيرانْ
تحسبني يوما ً خليفة المماليكِ
ويوما ً تظنُّ أنني جنكيز خانْ
محظوظ ٌ بامرأة ٍ
لا تصرِّح بحبِّها
حتى وهي بين ذراعيَّ
بامرأة ٍ تـُخفي ولعها بي
ولو كانتْ تأكل شفتيَّ
بامرأة ٍ تـُعطيني الدفءَ
لأعطيها الأمانْ
بامرأة ٍ تسرق الحبَّ مني
حين أقبِّلها
وتمتصُّ الحنانْ.
 
حبيبتي لم تكن معي
لكني كنتُ أشمُّها مع رائحة القهوة ِ
كنتُ أسمعها تغنـِّي
حين أفتح الكتابْ
كنتُ ألمسها حين تدغدغني النسماتُ
وأقبِّلها في ظلِّ الأبوابْ
لم تكن معي
لكني كنتُ أرقص معها
ونصلـِّي سويَّا ً في المحرابْ
جسمها هويَّتي
حبُّها وصيَّتي
وصوتها الذي ملأ الرحابْ
أفاقني في الصبح ِ
فالتأم جرحي
وشُفيتْ الألبابْ
لم تكن معي
لكنها كانتْ تسامرني في ذكرياتي
كانتْ تنام بين صفحاتي
كانتْ حبيبتي
تطرد صديقاتي
تطرد القصائد والنساءْ
تطرد العصفورة َ ، والنجمة َ
تطرد المساءْ
وتأسرني في غرفتي
غيرة ً عليَّ
حتى من نفسها
فأبقى وحيدا ً ، يسليني القمر المنتظر خلف البابْ
حبيبتي لم تكن معي
لكني كنتُ أراها
في وجه أمِّي
ومشاكسات أختي
وكلمات أخت الزهر ِ
رفيقة العمر ِ
كلمات ربابْ
التي حين أخبرتها عن صحبتي للقمرْ
أوصتني بألف خبرْ
أكتبهم على جدران المعابدِ
وأوراق المصحفِ
أوصتني أنْ تكون تحفي
هديَّة ً لكلِّ الأعرابْ
فيا ناسُ احسدوني
حبيبتي أنا معي
ولو كان بيننا ألف حاجبٍ
وألف حجابْ
احسدوني
فأنا محظوظ ٌ بحبيبتي الحسناءْ
تلك التي حين لفـَّتني الظلمة ُ
فاقتْ الشمس ضياءْ
من أجلي
وأنا كلي
أصبحتُ لها على طول الزمانْ
محظوظ ٌ بطفلةٍ
حبُّها لعبٌ
وقبلاتها على خدِّي
تـُرسم بالألوانْ
محظوظ ٌ بصبيَّةٍ
حين زارتني مرَّة ً في بيتي
زارني اللهُ
ومن يومها
بيتي والجنة جيرانْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى