السبت ٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم سعداء الدعاس

مدرسة النقد (الميت)

في إحدى الأمسيات الثقافية التي أقيمت على هامش معرض الكتاب الأخير، تجددت معرفتي بمدرسة نقدية إلتقيتها كثيرًا في الآونة الأخيرة، آثرت تسميتها بمدرسة النقد (الميت) !

أبرز مواصفات هذه المدرسة، كما أرى، اتكاؤها على تحليل مضمون المنجز الأدبي/ الفني، تحليلا لا يتعدى تقديم ملخص عن (الحكاية)، واكتشاف مقولته العامة، في أحسن الأحوال.

أما إذا عظمت قدرات الناقد المنتمي لهذه المدرسة، فإننا سنحظى ببعض المصطلحات النقدية الـ (متخصصة).

تتقاطع ملامح هذه المدرسة (المتخيلة) مع الورقة النقدية التي قدمتها الباحثة العمانية د. آسية البوعلي، في قراءتها للرواية النسوية الخليجية كما جاء في الندوة التي أطلق عليها حقلة نقاشية، وقد شاركتها كل من الروائيتين فوزية رشيد من البحرين، وفوزية الشويش من الكويت.

ما لفت انتباهي حقيقة، وصف (البوعلي) لورقتها بالـ (متخصصة) نقديا – قبل البدء بقراءتها- مؤكدة على نهجها العلمي في تناولها للمشهد الروائي النسوي في الخليج، مما جعلنا نتأهب لدراسة نقدية تنبش البنى التحتية لنماذجها، وتضيء لقارئ تلك النماذج ما غفل عنه.

لكن الآمال (التخصصية) تلاشت بعد مضي الدقائق الأولى من الأمسية، حيث أثبتت ورقة (البوعلي) أنها لن تخرج عن إطار (الحكاية) والمقولة (المعلنة)، دون نبش أو إضاءة، على مستوى الشكل أو المضمون.

لتأتي نتائج الباحثة عن روايات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي شبيهة بنتائجها عن روايات القرن الحالي، دون الأخذ بعين الاعتبار تطور تقنيات الكتابة، ومستويات اللغة.

هذه الفجوة الزمنية العميقة بين نماذج الدراسة أوقعت الباحثة في إشكالية منهجية أيضًا، حيث لا يمكن للدراسات (المقارنة) أن تبحث في نماذج تنتمي لمراحل زمنية مختلفة، خاصة وأن للزمن دور عميق في تشكيل الواقع النسوي الخليجي. فالمقارنة بين (وسمية تخرج من البحر) لليلى العثمان، ونساء المنكر لسمر المقرن، غير منصفة على جميع الأصعدة، وقد أثرتُ في مداخلتي حينها موضوع المنهجية، ولم أقنع – للأسف - بإجابة الباحثة التي تشبثت بقصر الوقت المتاح لكتابة الورقة وقراءتها.

عدم قناعتي نابع من إيماني بأن الباحث هو من يصنع وقته، وإن عجز عن صنعه فالأجدى أن يختار نموذجًا واحدًا حتى لا يتشتت جهده في ظل الوقت المتاح.

آخر ملامح (الموات) النقدي لهذه المدرسة التي تمثلت في ورقة (البوعلي)، عدم تعبير الباحثة عن وجهة نظرها الخاصة في نماذجها تلك، فالحيادية –التي قد يتحجج بها البعض- لا تعني تغييب فكر الباحث، بقدر ما تعني طرح هذا الفكر بما يحمله من مخزون قد يتقاطع مع الدراسة ويثريها.

بوح أخير: وُفـّق المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب باختيار فوزية الشويش، كأحد أبرز الأسماء المؤثرة في المشهد الروائي الخليجي/ العربي. فأمتعتنا الشويش (الروائية) بتقديم ورقة (نقدية) مميزة بلغتها، منهجيتها، ونماذجها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى