الجمعة ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢١
بقلم رندة زريق صباغ

مش حلوة بحقّك أستاذ ياسر

توسّمت خيراً كما معظمكم لعودة ياسر العظمة الى الشاشة بعد انقطاع ثماني سنوات، فلنق تسع، فموسمه الأخير من سلسلة مرايا عام 2013 والتي أنتجها في الجزائر نظراً للأوضاع في سوريا كان ضعيفا بسبب ضيق الامكانيات. صراحة يمكن اعتبار ذلك كبوة حصان وانتظرنا القادم الذي جاء على شكل مسلسل يحمل اسم السنونو.

تجدر الاشارة لصالح الأجيال الشابة التي لا تذكر الأستاذ الكبير ياسر العظمة ولا مراياه الصافية الصادقة التي ثبّتها أمامنا لنرى وجوهنا دون أقنعة والتي استمرت 35 عاماً.

ياسر العظمة (16 مايو 1942، دمشق)؛ ممثل وكاتب ومؤلف ومنتج سوري، اشتهر من خلال مسلسل مرايا 1984 الذي ألّفه وأعدّه لمدة تزيد عن خمسة وثلاثين عامًا قام خلالها بتمثيل العديد من الشخصيات التي غالبًا ما تحمل الطابع النقدي الكوميدي. عاد إلى بلده سوريا بعد ست سنوات من الغياب أمضاها مع عائلته بين مصر والإمارات في 20 اّب 2020 ظهر ياسر العظمة عبر حساباته الموثقة على مواقع التواصل الاجتماعي ليعلن عن تقديم برنامج أسبوعي عبر حسابيه الرسميين على اليوتيوب والفيسبوك من تقديمه وإعداده "مع ياسر العظمة".

بداية أتمنى للأستاذ ياسر العظمة دوام الصحة والعافية ودوام التألق والوسامة، فلا زال كما عهدناه منذ سنوات بهي الطلّة، باسم الجبين ومحبّاً للقيم والمبادئ.

لم يشارك مسلسل السنونو في السباق الرمضاني الأخير رغم الاعلان عن ذلك، فيبدو أن عمليات التسويق والترويج للعمل ولمن يقف خلفه لم تكن جاهزة بعد. خاصة مع توقعات طاقم المسلسل أنه سيحظى بمتابعة منقطعة النظير اعتماداً على اسم الأستاذ ياسر وشهرته الواسعة من خلال سلسلة مرايا ومن خلال مشاركته القيّمة في مسرحيات ضيعة تشرين وغربة للأستاذ دريد لحام (غوار الطوشة) ونهاد قلعي ونخبة من الكبار.
تم تصوير العمل في باخرة اسمها "السنونو" في دولة الإمارات العربية المتحدة وتجوب السفينة البحار وتتوقف بمحطات وأماكن معينة وهناك ركاب جدد يصعدون في كل محطة، حيث توجد في كل محطة حكاية تجمع بين الدراما والكوميديا والرومانسية، لذلك يمكن القول إن هذه الباخرة هي عبارة عن دبي المصغّرة حيث تضم أناس من شتى أنحاء العالم وشتى الجنسيات واللغات.

المسلسل ليس عبارة عن لوحات مختلفة مثل سلسلة "مرايا" إنما هو مختلفا تماماً، إذ تدور الأحداث حول شخصية تدّعي أنها تعرف كل شيء "عوني الناكش" التي اشتهرت في إحدى حلقات مرايا عام 1997.
ويتحدث "السنونو" عن عوني بعد أن أصبح ثرياً وقرر شراء يخت ضخم ليكون مسرحاً لأحداث المسلسل.
يشارك في العمل مجموعة من الممثلين السوريين الذين كانوا نجوماً أساسيين في "مرايا" مثل بشار إسماعيل،

مرح جبر ومحمد قنوع.

بالإضافة إلى الوجوه الشابة مثل أيمن عبدالسلام وستيفاني عطاالله وليا مباردي، كما يضم المسلسل عدداً من ضيوف الشرف من مختلف الجنسيات، مثل الممثل السوري عابد فهد والممثلة اللبنانية تقلا شمعون والممثل المصري حمدي الميرغني. فادي ابراهيم، ديما الجندي وغيرهم.

عدم اختيار العظمة شخصية جديدة وضعه في ورطة لم يحسب لها حساباً وهي مقارنة المشاهد المخضرم بين أداء 97 وأداء 21 الذي جاء ركيكاً، مبتذلاً، سطحياً لا حياة فيه فمن خلال العودة إلى اسكتش "الرجل الذي يعرف كل شيء"، نلاحظ أن "عوني الناكش" كان فضولياً وحشرياً وسليط اللسان ومندفعا ومغامراً لا يتوقف عن الكلام والتباهي بمعرفته وثرائه. أما الشخصية التي نراها في "السنونو" فهي لا ترتقي لأن تكون ظلاً للشخصية الأصلية، فيبدو "عوني الناكش" فيها شخصية رصينة قليلة الكلام، تتعامل بلطف وحكمة مع الجميع.

انتظرت "السنونو" بفارغ الصبر، بعد تأجيل عرضه في الموسم الرمضاني الفائت، فالمسلسل يمثل عودة العظمة إلى التمثيل بعد انقطاع دام ثماني سنوات، وأعلن عنه العام الماضي من خلال إيقاف برنامجه الأسبوعي على "يوتيوب"، مع منشور اعتذار يوضح أنه يريد أن يتفرغ لصناعة مسلسل درامي؛ ظن الجميع أن المسلسل سيكون جزءاً جديداً من سلسلة "مرايا" التي لم يخرج من عباءتها منذ 40 عاماً.

انتظرنا مشاهدة "اسكتشات" كوميدية محملة بالنقد السياسي اللاذع الذي اعتدنا عليه في "مرايا"، لكن جاءنا العظمة بنسخة مغايرة، ليلقي قصائد شعرية، تحكي عن أفكار قديمة ومستهلكة، كالعدوان الخارجي والوحدة العربية ورفض التقدم التقني بأشكاله. فكل ما نشاهده على الشاشة يبدو وكأنه خدعة افتعلها المنتج والفنان ياسر العظمة لجذب الجمهور، فالاستعانة بممثلي اللوحة القديمة، مثل عابد فهد ومرح جبر
اللذين يحضران في المسلسل بشخصيات مختلفة غير محبّبة لم يؤت ثماره.

انتظرنا مسلسلا يحاكي فيه العظمة الطبقات الاجتماعية المختلفة من فلاحين وموظفين ورجال أعمال، لكن المسلسل ليس سوى دعاية سياحية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي حصل العظمة على جنسيتها أخيراً، بل إن العمل لا يهتم حتى بالوصول إلى جمهور ياسر العظمة الأصلي، ويتجلى ذلك بوجود عدد كبير من المشاهد التي قدمت باللغة الإنكليزية من دون ترجمة، فـ"السنونو" مسلسل ترويجي موجه لطبقة محددة لم ينجح العمل أيضاً بالوصول اليها. فقد أدرك الجميع أن المسلسل إعلان أكثر منه عملاً درامياً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى