

معراج الضَّوء
فرشتُ ما بجُعبتي من أحلامٍ على الطَّاولةأبحثُ عن مكانٍ لها بينَ أوراقي الجديبةوأقلاميَ الثكلى التي تعيشُ في مستنقعٍ ضريرٍيعجزُ ضوءٌ أن ينفذَ إليه.ليسَ عندي غيرُ زجاجة نبيذٍادَّخرتُها لليلةِ حبٍّ ..وغيرُ إفلاسيَ، وهذا الأرقوأعقاب سجائرَ في قاع منفضتي ..وبضعة أزمنةٍ منكسرةٍوحفنة من الأمل العابر في التيهْ.دعينا نتشرَّدُ كثيراً في وجهٍ للبكاءِنطيعُ صدى الصَّوت الغائصِ في الذلِّ ..المتراكم في الحقول المزروعة غباراًوخطوطاً في جبين الحيرةِ.دعيني أتوضَّأ بالحنينِ إليكِوأسجد واقفاً في معراجِ الضَّوءِليلُكِ، بانياسُ، يغريني بالموت،يقودني نحوَ ترنيمةٍ تنبعثُ فراشةًأو سنونوةً تخرجُ من ثقب الشَّفق.بانياسُ .. مدينةَ التعبِ، ...صلَّيتُ لأجلكِ ذات قلق اعترانيانحنيتُ فوق ركبة الوقتِ،وعمَّدني درُبكِ بالسَّفروقرأتُ لكِ مزاميرَ داوودَ:« هلِّلوا للهِ في كلِّ الأرضِ »« باركي يا نفسي للربِّ وجميع ما في باطني »انعقدَ اللسانُ، وانفتحتِ الرُّؤياملءَ أنفاسِ الأقحوانِ المغسولِ بالضَّوء.حين يصير موتي نبوءةًوتعبرُ في ألفِ مدًى .. صرختيتمطرُ المزاريبُ خطوةً تقودنينحوَ أغنيةٍ؛ في متاهاتِ لهبٍ منقوعٍ بالخطيئة.زمنٌ أخرسُ ... يهاجرُ في نسغ ياسمينةٍواقفةٍ في كفن اليباس..فجرُكِ الآتي من عمق الفناءخطواتُه زئبقيَّةٌ، وصمتُهُ معبدٌ للضَّوءِوالشَّمسُ تغمضُ جفنَها عنهُ، تتمرأى جموحَهالذاهبون إلى فوضى العدمينشبون هزائمهم في عنق المساءثمَّ يعودون خيوطاً وشمعداناتٍ تتوسَّلُ الانطفاءَأمام هبوب أوَّلِ فضاءٍ طافحٍ بالصَّقيع.فوقَ الدروب المتكئةِ على عطر نرجسةمررتُ وحيداًألقيتُ التَّحية على الشَّبابيكِ المفتوحةِ على الذّكرى،والأوجاعِ الفاغرة فاهاً بحجم عطشٍ للوميضِالمتفتِّق من سرَّة الرَّماد.قابَ شعاعين أو أكثر من الضَّوءيتبجَّسُ الصوتُ من حنجرتي تائهاًباحثاً عن مكانه بين ملايين الموتىيهدمُ السرَّ القابعَ في شفةِ السّؤال.أعودُ طفلاً إلى رحم اللغةِأصوغُ نبوءتيمِعراجاً للضَّوء في آخر النفق.