مينا كوماري ملكة الحزن في السينما الهندية
عندما بدأت بالكتابة عن هذه النجمة، بدا قلمي متحرراً من سيطرتي ، مطلقاً العنان لحرية حسن الكلامِ، مزخرفاً بالخطوط العريضة عن رحلة ممثلة مدتها أربعون عاما بدءا من ولادتها و حتى رحيلها.
فهي ممثلة لها التميز والخصوصية في رقة الصوت والنظرة الحزينة التي تفتح آفاقاً من سماءات الشجون، فالحزن و الجمال الطاهر صنعا منها أسطورة في السينما الهندية، و صورتها كبطلة معذبة بقيت محفورة في أذهان الجماهير لحقبة طويلة من الزمن،
فلنبدأ بمشوار تراجيدي تأخذنا به محطات حياة أسطورة، مارين بجزر الدموع والكآبة وعظمة التجسيد، فلنمضي مع مينا كوماري التي أبدعتْ في تصوير معاني الحزن بلوحاته و التي كانت دموعها طابعاً لرسائل الآهاتِ.
الولادة و التأسيس:
ولدت ماهجبين بانو-الاسم الحقيقي لمينا - في عيادة الدكتور غادري في الأول من آب عام 1932، البنت الثالثة لعائلة فقيرة، فكانت الأخت الصغرى بين أختيها (خورشيد-مادهو)، أسماها والدها ماهجبين لأن العائلة كانت فقيرة جدا لدرجة لمْ تكن تملك النقود الكافية لإعطائها إلى الطبيب حين ولادتها.
والدها علي بوكس كان يعرف بسوني المسلم وهو شخص متمرس في المسرح الفارسي وله لمسات خفيفة في السينما، بالإضافة لكتابته القصص و القصائد و تعليمه للموسيقى، كما لعب أدواراً صغيرة في أفلام مثل (أي دي إك تشاند) ولحّن لعدة أفلام صغيرة مثل فيلم (ساهي لوتير).
والدتها برابهاتي ديفي هي زوجة علي بوكس الثانية ومن أسرة تقليدية من تاجور تعمل راقصة و ممثلة، قبل أن تقابل علي بوكس كانوا ينادونها كميني و بعد زواجها من "علي" اعتنقت الإسلام و غيرت اسمها إلى إقبال بيجام.
عند ولادة مينا تركها والدها في دار أيتام تابعة للمسلمين (بسبب العادات البالية و الخرافات القائلة بأن الفتاة تجلب النحس للعائلة لذا على الأب تزوجيها ودفع مهرها)و لكنه استعادها بعد عدة ساعات.
بداية العمل المبكر:
عندما ولدت مينا كان والدها يعيش أوقات مادية عصيبة و كان منزلهم بجوار استديو روبراترا
متأملا أن يأخذ فرصته بدور، فأخذ ابنته مينا إلى الاستديو لتأخذ دورا ويكون أول ظهور لها عام 1939لكن الفتاة الصغيرة كانت تريد الذهاب إلى المدرسة وليس العمل في الأفلام فعلاقتها بالأفلام علاقة حب و كره حتى آخر لحظة من حياتها.
ظهرت في أول فيلم لها باسم الطفلة مينا في فيلم (فرزند أي وطن)عام 1939 من إخراج فيجاي بهات لاستديو براكاش بدور بائعة خبز صغيرة و تتالت عليها الأدوار لاحقا فلعبت أدوارا في قصص خيالية وأسطورية ( فير كاتاتكاتش) 1949، (شري جانيش ماهي)عام 1950 والفانتازيا "علاء الدين و المصباح السحري" عام 1952.
النجومية والتألق:
قضت مينا وقتا طويلا مع فيجاي بهات إلى أن جاء فيلمها القوي (بيجو باوارا) عام 1952 حيث أضفت مينا بعدا روحيا للفيلم ، فصرخاتها و ألمها و تناغمها مع الموسيقى الغنية أضافت إلى الفيلم نموذجا جديدا و رشحها لجائزة أفضل ممثلة.
كان عام 1953 عاما خيرا على مينا حيث لعبت دورا جميلا في فيلم (دايرا) في شخصية امرأة حياتها عقيمة و ما يتبعها من فقر وعوز جسّدتها مينا بروعة ليُسطر اسمها في دفاتر التاريخ و يصنع أعظم لحظات حياتها.
نقطة الحسم الأخرى في حياتها كان فيلم (شاردا)عام 1957 بتجسيدها شخصية زوجة أب راج كابور و حبيبته، لكن لسوء حظها جاء فيلم (أمّنا الهند ) في نفس السنة و حصدت بطلته نرجس على كل الجوائز إلا أن الاتحاد العام للصحفيين الهنود اعتبروا أن مينا تستحق جائزة أفضل ممثلة عن عام 1957 .
في حقبة الخمسينيات بدأ أداء مينا ينضج و تتحول من دور قوي إلى أقوى لتجسد معاناة المرأة الهندية، بيد إنّها سقطت في هاوية الأدوار التراجيدية المكرّرة حيث إن المخرجين كانوا ينادونها ملكة الحزن، فحاولت الابتعاد عن الأدوار الميلودرامية لتلعب أدوارا خفيفة الظل غير تقليدية إلا أنها فشلت ولم تستطيع الخروج من نمطها التراجيدي ولم يتقبلها الجمهور في النمط الكوميدي أو حتى الميلودرامي، كما في أفلام (ميس ماري)1957(آزاد) 1955 (شرارات)1959,ولكن معظم أدوارها لم يصل لمستوى أدائها في فيلم (ساهيب بيوي أور غلام)عام1962 من إنتاج العبقري غورو دت حيث نلاحظ القواسم المشتركة بين بطلة الفيلم و مينا.
حياتها العاطفية:
عند تصويرها أحد الأفلام وقعت في حب المخرج والمنتج كمال أمروهي، الذي يكبرها بخمسة عشر عاماً، فأحبته وتزوجا عام 1952رغم أنه كان متزوجاً وقضيا شهر العسل الذي كان عبارة عن مشروع فيلم جديد يعكس قصة حبهما وهو (دايرا ) عام 1953، كان كمال يدلل زوجته ويناديها مانجو وكان ابنه من زوجته الأولى يناديها بالأم الصغرى.
لم تنجب مينا منه أولاداً وبدأت علاقتهما بالفتور، لتنتهي بالطلاق عام 1964، فعبرت عن حزنها بكتابة الشعر وزيادة كمية الكحول.
صفحات حياتها الأخيرة تكتب خاتمتها:
على الرغم من حياتها العاطفية التعيسة وزيادة كمية الخمر إلا أنها لعبت دورين قويين هما "آرتي" ،"مين تشوب رهونج"عام 1962، بالإضافة إلى فيلمي((كاجال)) 1965 و ((بهول أور باتار))1966 مع النجم دهرام إيندرا، فالفيلم جعلها تتربع القمة في هرم النجمات .
في صفحاتها الأخيرة وحين بدأ برق الموت يطوف في سمائها، بدأت تفقد جمالها لإفراطها بالشرب، وبدا الأسى واضحاً على ملامحها بالإضافة إلى زيادة وزنها حيث يبدو ذلك جلياً في فيلم((جواب)) 1970 و((دوشمن)) 1971وعلى الرغم من الظروف الصعبة إلا أنها لعبت دورا ملفتا للنظر في فيلم ((باكيزاه )) 1972 الذي أطلق بعد شهر من مماتها .
وفي 31 آذار وحين تغدو الهند أرضاً خضراء ترحب بالربيع ودّعت الهند مينا كوماري عام 1972 حيث تم إسعافها إلى المستشفى وعاشت عدة ساعات على صمامات الأوكسجين وتوفيت في الساعة الثالثة والنصف صباحاً إثر التهاب كبد شديد جراء إدمانها على الكحول.
تركتْ مينا وراءها أشعاراً ومذكراتاً تماماً كالمرآة التي تعكس جميع خفايا وأسرار حياتها نشرها الشاعر المعروف جولزار بعد موتها.
كان فيلمها الأخير ((جومتي كي كناري )) عام 1972.
بعض من جوائزها:
- جائزة أفضل ممثلة عن فيلم بيجو بي باوارا عام 1953بمهرجان (فيلم فير).
- جائزة أفضل ممثلة عن فيلم بارينتا عام 1954 بمهرجان (فيلم فير).
- جائزة أفضل ممثلة عن فيلم ساهيب بيوي أور غلام عام 1962بمهرجان (فيلم فير).
- جائزة أفضل ممثلة عن فيلم كاجال عام 1965 بمهرجان (فيلم فير).
مصادر وهوامش البحث باللغتين الإنكليزية والهندية :
مشاركة منتدى
20 تشرين الأول (أكتوبر) 2018, 01:41, بقلم ali
بسم الله الرحمن الرحيم
اولا حياتها غير حزينه
لم تقم الا بنشر الحزن للناس بافلامهها