السبت ١٥ آب (أغسطس) ٢٠٢٠
بقلم سعيد مقدم أبو شروق

أهمية العربية الفصحى للأهوازيين

(هذه محاضرة ألقيتها عبر مجموعات التواصل الافتراضية.)

يُقال إن اللغة العربية انحدرت من قوم عاد وثمود، فهي من أقدم اللغات على وجه الأرض.
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، ويُعد تعلُّمها وفهمها أمرا ضروريا لمليار ونصف مليار مسلم، حيث إنهم يحتاجونها لأداء شعائر العبادة.

وأن الكثيرين من غير العرب يحاولون جادين أن يتعلموا هذه اللغة العظيمة لتساعدهم على فهم ثقافة العرب، وعلی فهم كتب الأدب العربية، والتاريخ العربي.

أما بالنسبة إلى الفرد الأهوازي الذي عليه أن يحتفظ بعروبته، فعليه أن يبذل ما في جهده ليتعلم لغته؛ هذه اللغة التي إن خسرها، خسر كيانه الثقافي ووجوده العربي، وضاع ضياعا ما بعده ضياع.

يظن بعض الأهوازيين وأن هذا الظن إثم، أنهم إن علّموا أطفالهم اللغة الفارسية قبل دخولهم المدرسة، وإن لم يكلموهم بلغتهم العربية خوفا من تأثير اللهجة العربية على الفارسية، نجحوا في استيعاب الدروس التي سوف يتلقونها باللغة الفارسية!

والحقيقة أن هناك أسبابا كثيرة تتعلق باستيعاب الدروس للأطفال؛ منها وراثية، ومعظمها ترجع إلى مدى الجهد الذي يبذله الطالب للتعلم.

تكمن أهمية تعلم العربية لدى الشخص الأهوازي في أن يكون أو لا يكون، في أن تكون عربيا أهوازيا، أو أن تُجتث من أصلك فتُشتل في أرض أخرى غريبة لا تناسبك تربتها ولا بيئتها، فتظل بلا نمو ولا ثمر.
وفي هذا الحال، سوف تمسي مذبذبا لا تنتمي إلى أهلك ولا إلى التربة الغريبة التي تبقى تنبذك مهما حاولت أن تتكيّف مع بيئتها، أو أن تندمج مع شعبها.

ويعتقد الكثيرون أن الشخص الذي يرغب عن لغته العربية ولا يتكلم بها، هو ضعيف الشخصية ليس لديه ثقة بنفسه؛ ولا شك أن سبب تركه لغته وتشبثه بلغة الغير، إنما يدل على جهله بعظمة هذه اللغة الجميلة التي يتكلم بها أكثر من 400 مليون عربي.

إن مثل هذا الشخص يفتقر إلى الشجاعة التي تثبته في أصله، فينهزم ويتزحزح بسهولة مقابل الثقافة الغالبة؛ ويستسلم استسلام الجبناء حيث تجده وبعد مدة يهجر لغته العربية ويمسي يتراطن مع أطفاله حتى في بيته!

فيا أعزائي، يكفي أن نعرف مكانة اللغة العربية في العالم، يكفي أن نرفع رؤوسنا لنرى أهميتها في تراثنا وفي مستقبلنا؛ فإن فعلنا، سنصبح حريصين على حفظها، ولا نكلم أطفالنا بسواها، ولا نتكلم في بيوتنا بغيرها، ولا نسمح لغير العرب أن يخاطبونا بها.

ولا أقول ألّا تتعلموا اللغات الأخرى، بل تعلموها كلغات ثانية وثالثة، وتكلموا بها عند الضرورة؛ ولكن احرص على ألّا تحل اللغة الثانية محل لغتك، وهل يرضيك أن يحل غريب محلك فيطردك من بيتك؟!

فالأهوازي دون اللغة العربية كالمشرد عن داره، سوف يمسي غريبا، محتارا، فقيرا.

كيف نتعلم العربية ونحن لا ندرسها في المدارس؟

هل سنبقى إلى آخر العمر نكرر هذه الحجة بأننا لم نتعلم العربية في المدارس، إذن نبقى أميين بالنسبة إلى لغتنا؟!

صحيح أنكم لم تتعلموها في المدارس، ولكن هل سُدت جميع أبواب التعلم أمامكم؟!
أليس هناك من طريقة لنتعلم من خلالها لغتنا؟!

وأتساءل بجرأة فأقول:

كيف تدعي بأنك عربي ولا تجيد الكتابة والقراءة بلغتك؟!

وكيف أنكِ عربية ولا تجيدين الكتابة والقراءة بلغتكِ؟!

ألا يُعتبر هذا تضاد؟! بل نقص في كيانك العربي؟!

أصدقائي، لا حجة بعد اليوم وقد توفرت كتب التعلم في الشبكة العنكبوتية...

هذه الحجة التي تتعكزون عليها بأننا لم ندرس العربية في المدارس الإيرانية، أمست حجة واهية.

وهل تنتظرون اليوم الذي يسمح لكم النظام التعليمي في إيران أن تدرسوا بلغتكم؟
وهل تتصورون أن هذا اليوم سوف يأتي؟!

الجواب هو كلا.

إذن عليك أن تشمر عن ساعد الجد وتستعد وتجتهد ...

حمّل الكتب النحوية البسيطة والكتب الأدبية التي تستطيع أن تختار ما يناسبك منها وقد أضحت في متناول اليدين بفضل المكتبات الإلكترونية، واقرأها.

عيّن لك وقتا لتتعلم هذه اللغة العظيمة التي إن لم تتعلمها ونحن في القرن الحادي والعشرين
تُعد عربيا جاهلا ليس لك أي حظ من الثقافة.

برمج لنهارك ساعة أو أكثر وتعلم لغتك.

وفي قاموس المرء القوي المُجِد، ليس هناك مستحيل.

الأسئلة

السؤال الأول:

عندما يتكلم الشخص بلغة عربية سليمة، قد يواجه من يستهزئ به، فما الحل؟

الحل يكمن في قوتنا أو ضعفنا، إن كنا ضعفاء... نتأثر ممن يستهزئ بلغتنا فنتراجع.

وإن كنا أقوياء، ثبتنا واستمررنا، بل وأثرنا على الذي يستهزئ بأن يلتزم بسلامة لغته، وألا يشوب فيها ما يضرها، فإن لم يلتزم بسلامة لغته، أضر بنفسه حيث وضعها موضع السخرية.
السؤال الثاني:

ما أهمية التكلم بالعربية دون مفردات فارسية أو أخطاء لغوية؟

يا أخي تصور نفسك جالسا في مجلس يحضره خمسون شخصا، وجاء دورك لتتكلم عن موضوع ما ... وأنت الآن أجب عن هذا السؤال.

كيف سينظر إليك الحاضرون إن صنعت من كلامك معجونا غريبا لا يباع في أي دكان؟!

وإن كنت ملتزما بلغتك تؤديها بشكل لائق، سترى بعينك الاحترام والإصغاء والاهتمام.

والبيوت تلعب دورا مهما في التكلم باللغة العربية السليمة، في كل بيت يجب أن يكون شخص يحفز الآخرين بإتقان العربية والالتزام بها؛ فلتكن أنت المحفز، أو فلتكوني أنتِ.

السؤال الثالث:

حول الجيل الجديد، هل سيكون محافظا للعربية ملتزما بسلامة مفرداتها؟

أنا لدي أمل كبير بالجيل الجديد، هذا الجيل لن يكون مسجونا بالكتب الفارسية كما كنا، لن يكون لديه تلفزيون واحد ينطق بغير لغته، بل لديه الشبكة العنكبوتية وما يشاء من كتب خُطت بلغته، لديه الفضائيات التي تنطق بلغته، ولديه الأفق المفتوح ليحلق بحريته في فضاء الأدب والمنطق والحقوق ....

ولا ننسى مسؤوليتنا تجاه هذا الجيل بأن نسلمه روح الاعتزاز بعروبته ولغته لغة الضاد الرائعة.

السؤال الرابع:

إذا رأينا شخصا يخلط في كلامه مفردات غير عربية، فكيف نوجهه؟

نوجهه بمحبة وصداقة واحترام، أن يحس بأننا ومن خلال توجيهنا له لا نبتغي الاستعلاء أو الأفضلية، كل ما نبتغيه هو حرصنا على لغتنا وعلى أصدقائنا أن يتكلموها بصورة صحيحة.
وإياكم والسخرية أو الإهانة للأشخاص الذين يخلطون في كلامهم كلمات غير عربية، فهذا التصرف يبعدهم عن لغتهم، ويبغضهم لثقافتهم؛ وقد يجرفهم إلى ثقافة الغير، وهذا ما أعتبره خسارة، أو بالأحرى كارثة.

السؤال الخامس:

بعض الطلاب الأهوازيين يحبون قراءة الكتب العربية، لكنهم قد لا يستوعبون نصوصها، فما الحل؟

الحل هو أن يبدأ الطالب من كتب بسيطة، نصوصها سلسة، قصصها سهلة؛ فإن استمر بالقراءة، ارتقى رويدا رويدا ليقرأ بعد مدة ما يروق له من الكتب العربية من قصص وروايات، وحتى كتب الفكر والاجتماع والفلسفة.

السؤال السادس:

أنا طالبة في المرحلة الإعدادية، أخاطب بعض زميلاتي بالعربية، لكنهنّ يجبن بالفارسية، فما الدليل وما الحل؟

الدليل هو عدم التوعية، بعض البنات الأهوازيات وكذلك بعض الأولاد يعتقدون أن التكلم بغير العربية يعني التقدم والتمدن!

وهذا مرجعه الجهل بحضارتنا العربية وبمكانة لغتنا العظيمة.

هذا الإحساس بالدونية جاء من تأثير الثقافة الغالبة واستخفاف الآخر بلغتنا،هذه الطامة مرجعها التقهقر والضياع الثقافي لدى الوالدين، بعض الوالدين تركوا الحبل على قارب البيت لتجري به الرياح أينما شاءت.

فترى الفتاة تتأثر من ثقافة الشارع، أو من بعض مجموعات التواصل غير العربية، أو من الكتب الأدبية في المدرسة، والتي لا ترى فيها إلا تعظيم الفارسية وشعرائها، وتقزيم العربية وطمس أدبائها.

وما الحل؟

أظن أن هذه المشكلة تجعل رسالتنا كأشخاص مثقفين رسالة ثقيلة علينا أن نكون على قدر المسؤولية، لا أن نتنازل ونتراجع؛ بل أن نصرّ على تصحيح المسار حتى لو كلفنا هذا التصحيح بعض الوقت، أو تعرضنا للمضايقات، أو إلى النقد الجارح؛ علينا أن نسترجع ثقة أبناء شعبنا بأنفسهم ، وأن نجعلهم يعتزون بهويتهم العربية؛ فإن وُفقنا، استطعنا أن نمنحهم القوة للوقوف أمام العواصف التي تعصف بلغتهم وثقافتهم وتنوي ذوبانهم في الثقافة الغالبة.

السؤال السابع:

ما رأيك باللهجة الدارجة الأهوازية؟

لكل لهجة دارجة حلاوتها، ولكن في جغرافية محدودة، كاللهجة المصرية واللبنانية والعراقية والخليجية؛ واللهجة الأهوازية لا تُستثنى عن نظيراتها في الوطن العربي..

ولكني لست مع الذين يكتبون باللهجة الدارجة، الكتابة لا تستقيم إلا باللغة العربية الفصحى.

هذه اللغة التي تجمعنا كلنا في وطن وسيع اسمه الوطن العربي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى