الثلاثاء ١٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٤
بقلم محمد فاضل

الكلمة بين المواسم والمراسم

نبحث عن الكلمه في زماننا كمن يبحث عن قطة سوداء في ليلة ظلماء بواسطة رجل أعمى ...تحوّلت الكلمة الى أرقام تُوزَن بمقادير مادية كانت الكِيلة فيها على مقدار صدقها وخروجها من نفس طيبة ..تحولت الكلمة إلى أنَّات مكتومة ..في الأنفس مصدومة تَحرق وروداً حمراء وأخرى بيضاء ..تَحوَّلَتِ الكلمة إلى رماد بلا نيران .. سفن تائهة بلا مرفأ ... أصبح مُسْتَقَرّ الكلمة في مرافئ السراب ومواسم الخريف ... القلب مكلوم ، متروك ..مهجورة غرفه بلا سُكان أو زوَّار ...تاهت الكلمة في غياهب نفسٍ غائرة الجرح ... تناثرت أحرفها بين عناقيد الشجن وترانيم الفرح ... مَخاضٌ عسير هو... لمن ينتظر ولادتها في قلب نابض .. أحيانا تأتي طَيفُ خيالٍ عابرٍ في زَفَّةِ حزن ..في حُلمٍ مختَزَل ، أو قَولٍ مُستَتِر أو بَوحٍ مُحتَدِم في حَدقةِ عينٍ أضناها كرى الانتظار ...كم كان قاسيا أن تُوضَع الكلمة في سجِّلات الحسابات بدلا من وضعها في بساتين المشاعر .. ليس من العدل أن لا تجد لها في الواقع مكانة ...تَحوّلت الكلمة إلى آهاتٍ دَفينة ...عَبَراتٍ مميتة أمواج بلا شُطآن ...جَفَّت الشِفاة أصابها الجَدْب والقَفْر فَلَم تعد قادرةً على البَوح ، أصابتها تشققات القسوة وظمأ الارتواء بهمس المعاني ،اللسان ينطق الأرقام بطلاقة ويتلعثم بالأحرف كرضيع لا يفقه سوى بضعة أحرف بلا إدراك ..أحيانا تخرج الكلمة من نفس ، وتصبح ذنبا لا يُغتَفَر وتستقبلها أخرى كخطيئةٍ لا تُخطِئها الأزمان ...
أصبحت الكلمة مُكَبَّلة ، مُنزعجةً من الهجرمتواريةً خلف أسوار السطور وضغائن النفوس وأشباه الإنسانية ..
احتَضَر التواصل وتعدّدَت الفواصل وتشابهت المواسم واغتِيلت الكلمة بتواجدها فقط في مراسم المآتم ...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى