السبت ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم شاهر سيف عبد العظيم

المدينة ُ في اسر المدينة

المدينة في لا شعورها فكرة الموت دائما , لا لانها تعيش محنة وجودها , فوجودها في عين فكرة الموت , فكيف يكون الشئ علة ذاته ؟, ان هذا هراء ٌ ,الا ان يكون ذلك الشئ هو ما العقل لولا تصوره كنهاية لا نهائية لابد من لابديتها لانتثرت كل مجراته بكل ما فيها من كواكب النور في عماء الازل !
يكفهر ّ وجه المدينة من حفلات الزفاف المستمرة للشاعرات , واين هن ّ الشاعرات ؟
كل ما في المدينة منهن فحمة يقال عنها انها تزني مع فحم تزوجها اخيرا ليستر فضيحة السواد .
المدينة تصوم في غير شهر الصوم في سنتها سنة وضعفا , ومع ذلك فالمدينة حبلى , والجنين نحن , ونحن نحن الصائمون !
المدينة ترفع خنجرها لتطعن قاتل ابناءها , وتنسى فتطعن نفسها , وتبرر هذا بان طعن نفسها امام قاتل فلذات اكبادها له صورة في عين بارئها تشبه وجه جبرئيل وهو جالس جلسة العبد في صعيد عشق لا يُرى داخل قلب محمد .
وحتى عندما تموت
ترفض ان توضع في قبرها ....عارية الا من الكفن ....لانها ببساطة لم تمت
بل غابت عن وعيها فقط
في لحظة انغماسها في شهوة عزرائيل
أهذه المدينة ....امنا هذه المدينة يرضع اثداءها الموت ؟
اذن الموت اخ ٌ لنا ان كان يرضعها بغير نزوة
وهو في مقام والدنا
او هو والدنا
ان كان ساعة الرضاعة منكمشا ً عقلُهُ من ضخامة القلب
اخانا ايها الموت ....
او
ابانا ايها الموت
ان كنت طفلا تبنتك منذ الصغر ,فقد آن فطامك ...فاعتق ثدييها ....ودعنا نعد نعد برحيلك عنها صغارا ً يشرنقون عشقهم في القماط , ويرشفون من ثدي امهم المتحرر من رضاعتك آخر رشفة حب قبل ان تجف ّ ...
وان كنت ماجنا
فخذ وطرك منها ودعها رجاء
تؤدي غُسل َ جنابتها
وتصلي بنفسها
صلاة الجنازة على نفسها
حتى اذا دفناها في التراب , صارت جديرة براي شاعرها ان يبني فوق قبرها ضريحا , ويعمل حتى يموت فيدفن الى جنبها فيه سادنا ً ...
تتشعب الطرقات في خيال المدينة , والمدينة في الحقيقة محجوزة عند مدخلها ...

تمتد ابصار الناس نحوها , فلا يعرف انها هي تلك المدينة المطرودة من قلب قلبها الا انا .....
فاصرخ ويلكم انها هي , لكنما شرطي ٌّ ليس يفهم في الطب ّ يطلق على راسي رصاصة ً فيصير مشفى تنام على اسرتها كائنات الجنون !
لا المدينة تحفظ علاقتها الطيبة بنفسها
ولا نفسها توّاقة ٌ اليها
وانا بينها وبين نفسها اقف برزخا ً
وانادي القيامات
فلا تجيب منهن الا قيامة واحدة تسفر عن كل مواطن اللذة في بدنها ثقة ً منها بان مجاز الشاعر لا يمكن ان يخون ...
يا لسذاجة الشاعر اذ يتصور انه بؤبؤ عين قلب المدينة , بينما هي تقذفه في القمامات مثل المخاط ...
يالروعة الشاعر اذ يسلخ ابدا جلد ذاكرته ليكون تمثال مدينته آخر ومضة تقدح شررا ونارا بين حقولها الملغومة قبل آدم بالنفط والغاز

يقال بدني هذا من تراب المدينة
بدني يرفض , او ترفض هي
ان يمشي عليها
هي بسرفاتها تطأ بدن الشاعر فيومض
هذا البدن يومض
حتى يكاد يصير برقا
بدن الشاعر ليس من ضوء كما حدثتنا قصائده
بدن الشاعر طين ايضا
بفرق واحد عن طين ابدانكم
طين بدن الشاعر احيانا تحسه جمرا ً
احيانا تاكله خبزا حارا ً
واي ُّ رجس ٍ في حقيقته طهر ٍ
يصلح ان يكون معه اداما ً
طين ابدانكم انتم
المسه فلا احس ان فيه شيئا من برودة الموت
ولا شيئا من حرارة عشق الحياة
طين ابدانكم ياسادتي
بلون الندم في مخيلة الله
لا الموت يشتهي لذة النوم فيه
لا النوم حبل الوصل بحبيباتكم في ارجاءها
لا ارجاءها برحبة الى درجة انها تستوعب الحياة
طين ابدانكم يخضر ّ احيانا ً
كقرص خبز ٍ تعفّن
اما بدني انا
فيخضر ّ ايضا ً
يخضر ّ كالنعناع
حول ساقية الماء
يخضر ّ بدني
يخضر ّ عشقا ً لاي ّ شئ ٍ
طافح ٍ بالحنان
حتى لو كان ذلك الشئ
موتا يدغدغ
اسفل َ قدمي ّ
ساعة الاحتضار

مرة اصبحت في يد المدينة عكازا , فزادت مهابة الشيخوخة في اوصالها .. شاهر سيف عكاز في يد المدينة ....؟ يا لروعة المشهد ....لا تخبروا البير كامو عن هذه القصة , فلا شك انه سيموت ضحكا ً ... فما زال يذكر اني عندما كانت جمجمته مدينة مصابة ً بالطاعون , وكانت كل كائناته مستنفرة ً جهودها لنقل المرضى , كنت انا الوحيد امسك بذيل بذيل اليته واضحك

شاهر سيف عكاز في يد المدينة
ربما لدى هايدجر عذر يلفــّقه
فهو يعرف ان في النفاق سرا عجيبا
يجعل الارض المشوهة هذه
تطيق النظر طويلا الى وجهها في المرآة
 
شاهر سيف عكاز في يد المدينة
الملاّ صدرا رجل ٌ يحلق في الخيال عاليا
وتعرفون الملاّ صدرا
رجل ٌ مهووس ٌ بالوجود
ويحط ّ كبقــّة ٍ على انف الماهيـّات
فيعطـّل حاسـّة الشـّم ّ فيها
 
شاهر سيف عكاز في يد المدينة
الملا صدرا يقول
حتى وهو عكاز في يد المدينة
فان شاهر سيف
قص ّ جدائل شعر فلسفتي
فلم تعد قادرة على تمييز نفسها
أهي بين الذكور ذكر ٌ ؟
أهي بين الاناث انثى ؟
شاهر سيف
ليس وجودا
ولا هو ماهيـة ٌٌ
ولا هو هذا وتلك معا ً
ولا هو ليس هما تماما ً
الافضل
ان اتغاضى عنه
حتى يقتنع بلاحكمة ِ ان يكون عكازا ً
وحينها
ساسافر
سفرا خامسا ً
نحوه
او اتخيل ان عينيه سِفْر ٌ
فاخطفه
بشعاع ٍ
من عيني ّ انا
وافصله عن ظهر الحمار

ستصير المدينة ملكا ً لساكنها يوما ً عندما تتحول كل ابنيتها
فنادقها
وعماراتها
مدارسها
ومستشفياتها
شوارعها
وجماجم الاطفال فيها
الى عصير طيب جدا
في مذاق الخيال
المدينة جند ٌ على نفسها
تهرس عظامها
وتبول على جثث القصائد المذبوحة توّاً
من اجل رثاءها
حتى رثاؤها
جريمة ٌ في نظر رثاءها
فمتى
اذن
يكون
الماتم
معقولا ً ؟

تسيطر الغيوم على سماء نفسي ...فلا يفرح النبت الظامئ فيها
صحراء نفسي طلـّقت غيمها ثلاثا

طلـّقته هي
فالغيم كان فاقدالاهلية ان يكون زوجا ً
جنونه
كان
غابة ً
ناريّة ً
مرعبة


لا ارى في المدينة ماربا ً
خذها ايها الرب ّ ُ
فعالج عطب َ روحها
عالجه سريعا ً
فالحياة
تمضي

المدينة قابعة ٌ في الفؤاد
تعرفون ان مسقط الراس
حتى لو كان رمحا ً
فهو عزيز ٌ على الراس
خصوصا عندما يقف الجند هاتفين بموت مجد الموت على الجانبين
بيد ان المدينة يا احبائي
افعى
واحيانا تهدّئ من روعها
فتصير عقربا ً
الغار انا
لي الفة ٌ مع كائنات ٍ كهذه
وكثيرا ً ما انسى كوني شاعرا ً
فاغازلها لدغا ً بلدغ ٍ
لا يجمل بالشاعر اذ هو افعى
واذ هو عقرب ٌ
ان ينظر الى نفسه في المرآة
فمن سكن الغار مثلي
فعليه اولا
ان يفخر نظراته جيدا
حد ّ ان تصبح حجرا فاخرا
ويطلقها نحو تلك المرآة
فيجعلها شظايا
 
زمن المدينة ليس هذا
زمن المدينة يبدأ من حيث تموت
موتها
نشورها
نشورها
يعني
انني قبلة ٌ ما بين عينيها
آنذاك فقط
حين تسلخ جلد حياتها هذه
حياتها المتغضّنة من شدة الضد ّ فيها
حياتها المرعبة اكثر من خيال عزرائيل
حياتها المغروزة خنجرا ً في صدر عاشقها
اعود
فامارس معها كل نزواتي
كل فجوري
كل شوقي الى ان اجرّدها
من احتكاك الارواح غيري بروحها
عندها
من يقول انك بها فاجر ٌ
او انك ياشاهر تزني بروحك
ساقطع صلاة فمي بين نهديها
اقطع صلاتي بما هو جزء منها
فابصق فوق قمامة روحه
واقول تبا لكل مراحيض العالم
ان لم تصر جسدك
 
هل ترون العاشق الحقيقي َّ عاهرا ً
حين يشرب جسد حبيبته فراتا ً
ويحلم ؟
الحبيبة حتى وجسدها
لا صق ٌ بجسده ِ
ليس الا حلــُما ً
الحبيبة تثار منه
بطعن واديه بزمزمها
وهو يثار منها
بان يطلب منها
ابتسامة ً خجولة ً
مثل بلح ٍ ناضج ٍ
تطرحه فسيلة ٌ
بعْد ُ لم يستقم جذعُها
ويبكي
 
ان كان ربكم حرم هذا
فلماذا
تستقبلونه يوميّا ً
بكل مواكب الفخار
وهو لا ياتي
ولماذا
كلما فكرت بهذا
شطر رأسي بلذة ٍ
لا تفهمونها طبعا ً
وراح يدندن في فضاء جمجمتي
حتى يستحيل
كل ُّ كياني
غزلا ً ؟
 
انا اكره المجوس
حتى لو عبدوا النار
من اجل انها
غزل النفوس بالنفوس
في قضية الاخت بالذات
اذا هام بها اخوها
فشاء لروحها
ان تنصهر بروحه
اعدهم حكماء َ جدا ً
الا ان يقصدوا
ان جسدها عورة ٌ
في حضن زوجها
في هذه النقطة بالذات
يصيرون انذالا ً .
فيما يخص ّ المدينة
الوضع ليس كذلك
المدينة اخت ٌ \نعم
بيد ان جسدها
للاخ حق ٌّ
لان المدينة
ليس من جنسها
احد ٌ
الا اخوها
وتعرفون كيف ان الله
جعل هذا
ايّام َ قابيل َ
مباحا ً

المعنى في راسي يتكسّر ....ما هذا يا شاهر ؟ اما ترى بدنك مزروعا ً كله بهذه الشظايا ؟ تقول :انها ليست شظايا بل كتاب ٌ مقدّس ٌ مبعثر ٌ ليس الا ...قل لجبرئيل ان يضعك دقيقة ً في جوف قلبه علّك تشفى من جنوح روحك الى ما ليس منها ..عل ّ بدنك يشفى ايضا ً من جنوح بدنك الى اسفل ما فيه ...
هل بقي من بدنك شئ ٌ يجنح الى اسفل ِ ما فيه ؟
بدنك روح ٌ ...اما تعلم ؟
فاذا دخلت قلب جبرئيل فدونك قلبه فحوله رمادا ً بنار بدنك وصيّره مزارا ً
ايها الشرر
ايها المتطاير كالرصاص من فرن هذا الكلام
لا يكن آخر اللقاء بك
ضريح الله المحاصر هذا
بعمائم الآيات


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى