الثلاثاء ٢٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم
صمت الكلام
يا جرح غزَّةَ في الضميرِ تسنّمِ | وعلى رعافِ النازفينَ تقدَّمِ | |||
صمتَ الكلامُ أمامَ نزفِك راجفاً | خجِلاً، ورقَّ لنبضِكَ المتكلِّمِ | |||
فوددت أن أُحي الكلام بصرخةٍ | عربيةٍ في بؤسنا المستحكم | |||
أبَتْ البطولةُ أن يدنِّس حُلمَها | غربٌ تغرَّبَ كالغرابِ الأسحمِ | |||
فمنَ الظلامِ إلى الظلامِ إلى الطوى | ومن الحصار إلى الحصار المحكمِ | |||
شعبٌ يلوكُ قيوده ويفلُّها | فيكسِّر الأغلالَ نبضُ المعصمِ | |||
شعبُ سما فوق الخطوبِ وأهلها | ولوى الزمانَ وغدرَه المتجهِّمِ | |||
وسما على خضرِ الجراح وسودِها | وأبى الهوانَ بحلَّةِ المتكرِّمِ | |||
نثرَ الجراحَ على الجراحِ فأسمَعَتْ | صرَخاتُهُ الصخرَ الذي لم يفهمِ | |||
وعلى الثرى غرسَ الإباءَ، ومجدُهُ | فجرٌ تهلَّل في عيونِ اليُتَّمِ | |||
فجرٌٌ تعلُّ من الأسى بربوعِه | روحٌ تهوِّمُ في المدى المتوهّمِ | |||
ظمئ الثرى إذ جفَّ صبحُ روائهِ | وسجا الظلامُ على الظلام المعتمِ | |||
أطفالُ غزّة يذبحون وحلمُنا | قَدَحٌ، وقدٌّ تحت ظلِّ الأنجمِ | |||
سقط الشهيدُ على الشهي، وصبحُهُ | تاريخُنا المغزولُ من قطرِ الدم | |||
فرمالُ غزةَ قد تورّدَ وجهها | بِسَنا الجراح ووردِها المتبسِّمِ | |||
ورمالُ غزَّةَ بلَّلَت أحداقَها | الدمعاتُ في الليلِ الطويل المظلمِ | |||
لا بأسَ غزَّةُ فالمنيَّةُ تنحني | أبداً أمامَ شموخكِ المتعظِّمِ | |||
لا بأس فالدّمُ إذ يفوحُ عبيرُهُ | يروي حكاياتِ الزمانِ المؤلمِ | |||
ويقصُّ ألوان البطولة عابقاً | عطراً على وطني وشعبي المعدم | |||
ويصيحُ فينا كي نعُدَّ وينتخي | فنلوذ بالحانِ القريب ونحتمي | |||
قدْ أنكرتكِ هنا اللغاتُ وما شفى | جرحاً سوى القاني بحدِّ اللّهزمِ | |||
قد جاش ذكرُك في الضميرِ، وهاجهُ | عنفُ الجدودُ بوهجه المتضرّمِ | |||
فخضَبتُ شعري من نجيعِكِ علَّهُ | يشتارُ ناراً من لهيبِ جهنًّمِ | |||
لِتَرَيْ حروفي السارياتِ كأنها | أعلامُكِ الحمراءُ طلَّت من فمي |