الاثنين ١٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم
لا تستحوا من طيبتكم
رحل رسول حمزاتوف
أرجوكم، أيها الناس، كرمى لله،لا تستحوا من طيبتكم.لم يعد ثمة أصدقاء كثر في الدنيا،فاحذروا أن تفقدوا أصدقاءكم.** ** **أيها المسافر، إذا لم تعرج على منزلي فليسقط البردُ والرعد على رأسك، البَرد والرعد.أيها الضيف، إذا لم يرحب بك منزلي فليسقط البرد والرعد على رأسي، البرد والرعد.** ** **عندما سأغادركم في طريق طويلةإلى ذلك المكان، حيث لا عودة منه،فإن الغرانيق وهي تطير حزينة،سوف تذكركم بي.** ** **سئل أحد الطلاب الآفاريين عند الامتحان في المعهد الأدبي: ما الفرق بين الواقعية والرومنطيقية؟وبما أنه لم يكن قد قرأ شيئاً عن هذا الموضوع، فقد فكر قليلاً ثم أجاب:الواقعية هي حين ندعو النسر نسراً، والرومنطيقية هي أن ندعو الديك نسراً.انفجر الأستاذ ضاحكاً ووضع له علامة النجاح.** ** **كان أبي يقول: لا تمزح مع النار!كانت أمي تقول: لا ترمِ الحجارة في الماء!** ** **أياً كان الذي تقابله في الطريق،عدواً كان أو صديقاً،فهو إنسان مثلك تماماً،فلا تنس ذلك وأنت تحمل خنجرك." حفر على خنجر "** ** **الفتى غير العاشق لا تحق له كتابة الأشعار.** ** **تحزنني الشجرة التي لا تغرد عليها العصافير.من قصائده:1-الغرانيقيبدو لي أحياناً، أن الجنود،الذين لم يعودوا من المعارك الدامية،لم يدفنوا في ترابنا يوماً قط،بل تحولوا إلى غرانيق بيض.و هم منذ تلك الأيام البعيدة وحتى الآنما زالوا يطيرون ويبعثون إلينا النداء.أليس لهذا غالباً ما نصمتبحزن ونحن نتطلع إلى السماء؟و اليوم، في وقت المغيب،أرى عبر الضباب، كيف إن الغرانيقتطير في انتظامها المعهود،كما كان الجنود في الأرض يمشون.تطير وتختتم طريقها الطويلوهي تستدعي بعض الأسماء.أليس لهذا ومنذ الأزل تشبهاللغة الآفارية نداء الغرانيق؟يطير ويطير في السماء سرب تعِبٌ –يا أصدقائي السابقين وأحبائي.وثمة في رتله فراغ صغير –ربما، هذا المكان يعود لي!سيحين يوم، وسوف أطيرمع سرب الغرانيق في مثل هذه الظلمة الزرقاء،منادياً بصوت الطيور من تحت السماواتجميع أولئك الذين تركتهم على الأرض.2 –إذا كان ألف رجل في العالمإذا كان ألف رجل في العالممستعدين لأن يتقدموا لخطبتك،فاعلمي، أنه بين هؤلاء الألف رجلأكون أنا – رسول حمزاتوف.وإذا ما أغُرِم بك منذ زمن بعيدمائة رجل دماؤهم تجري كالهدير،فليس بالغريب أن تكتشفي بينهمجبلياً اسمه رسول.وإذا ما أُغرم بك عشرةرجال حقيقيين،دون أن يخفوا نيران حبِّهم،فمن بينهم، وأنا أهلل جزعاً،سأكون أنا أيضاً – رسول حمزاتوف.وإذا جُنَّ بك واحد فقط،يا مَن لا تهوى الوعود،فاعلمي، أنه جبليٌّمن قمم الضباب باسم رسول.وإذا لم يغرم بك أحدوحزنتِ أكثر مع أمسيات الغروب،فاعلمي أنه في السفح البازلتيللجبال قد دُفِن رسول حمزاتوف.4-ورود شيرازإلى ميرزو طورسون – زادهتكلل كَرْمةُ الأشعارصدرَ كلِّ قَرن.أنت تذكر، يا ميرزو،كيف إن ورود شيرازودّعتنا وإياك عند الرحيل.قد يكون، لا تُحسَد قسمة غيرها،حيث قبة الصبح مليئة بالزهور.ومهما انقضى من وقت عليها،فإن حافظ لن يدعها تذبل.ها قد تصاعدت فوق المدينة أولى العواصف الرعديةوراحت تحلّق أوائل الخطاطيف.إنك تذكر، يا ميرزو، كيف إن الورودبدَت كما لو لبست الخُمر وهي تودّعنا.راحت تهمس لنا:" من الإثم العجلة،لتؤجّلوا سفركم ولو ليوم واحد.وستنكشف وجوهنا أمام ناظركم،كما لو أنها أجمل عرائس شيراز.صدٌقني، يا ميرزو،كنتُ قادراً لأن أمتِّع ناظري بجمالهامنذ الفجر وحتى المغيب.آه، يا ورود شيراز!وقد تغنّى بها حافظ يوماً،فإنه لن يسمح لها أن تذوي!5-مِن أين أنتِ، أيتها الفتوة؟مِن أين أنت، أيتها الفتوة؟ "" أنا من كل صوب! "" مَن ستكونين للعالَم؟ "" سوف أكون يوم الغد "." وأين تبنين أعشاشك؟ "" على جروف الأمل "." ومن هم الغرباء عنك؟ "" الأغبياء والجُّهال ".ومَن هم، أيتها الفتوة،أبطالك في الحياة؟ "" أحرار جميع البلدانمن أيام طروادة! "" بماذا تشتهردروبك في الدنيا؟ "" ليست شديدة الانحدار ,وليست مطروقة جداً "." وأين تبدأدروبك تلك؟ "" هناك، حيث تركالآباء آثار أقدامهم "" بماذا يُقارَنُ الحب لديكفي وقتنا الحاضر؟ "" إنه يشبهالنار الخالدة "." والكراهية إذن بماذا تقارن –مع اليوم الذي مضى؟ "" لا، هي أيضاً تشبهالنار الخالدة "." لأية قبيلة،تنتمين أيتها الفتوة؟ "" أنا ابنة أصيلةلشعبي الأصيل "!" وأية لغة تتكلمين،أيتها الفتوة؟ "" أتكلم اللغة، التيلا وجود فيها للنميمةتلك اللغة، التيلا يوجد فيها تملّق "." وبماذا تشتهر لغتك؟ "" بأصول الشرف! "" وما هي الأنشودة، التيلا تفارقك؟ "" حيث تتناغم الرقةمع الرجولة! "" وما حاجتك لذلك؟ "" ليكون الغناء من القلب! "" وهل ستظلين فتيةلفترة طويلة؟ "" إلى الأبد! "6 -أحبك، يا شعبي الصغيرتُحسنُ لقاء الحزن بصرامة،من دون دموع، بلا حيرة،وتجيد أنتَ السعادةمن دون أن تتباهى.أليست أغانيك هي التي تشبهطيران النسر البطيء،والرقصات –مع الفارس، الذي يطيرحصانه، وقد نسي اللجام.لم يبهت طبعك الأبي،والعبرة في كلامك تعيش.أوه، كم أحبك بقلب جبليأنتَ، يا شعبي الصغير!في زحمة الجبال، حيثمن الضباب مجدول قيد غليظ.قلبك دائماً مفتوح،وواسع دوماً كما السهل.القطارات ترعد عند قدميك،ومن على كتفك تُـقلع طائرة.أحبك، كابن دولة جبارة،أنتَ، يا شعبي الصغير!
رحل رسول حمزاتوف