الأحد ٤ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
نَقشُ الزَغَاَرِيد الْطَوِيلَة
بقلم عمر سعدي

لا شكــلَ لـي

في يوم عُرسي، لَن أشبه أحدًا فلتغرّدي يا طُيور ولتزغردي يا نساء

عـلـــى عـــجــلٍ تــــرَكــتُ الأرضَ
روَّضتُ الروابي كالخيول المطمئنة،
فـــتـحــتُ نـــافـــذةً إلــــى الأطــلال
وفــقـدتُ فـي قلبي التساؤل و السؤال
***
لَو لَم أمُت مِن قبلِ أن أولَد لكُنتُ الآنَ حيًّا
أبكي وراء الأفقِ كالأقمار / وأبوحُ للغيمات بالأسرار
نامي على كفَّيَّ يا لُغتي الجميلَة كي تعيشي
نامي على الريشِ المبعثرِ فوقَ ذاكرتي وعيشي /
غطّى حياتي كلَّها بالقشِّ وانهارَ أمامي
فتحَ النوافذَ في الشتاء عليَّ واستَلقى قريبًا
لَو كانَ يُدرِكُ أنني أحيا برغمِ البردِ
ما كاَن أوشكَ أن يموتَ على يدَي مِن الصقيع...
سُدَّ النوافذَ – ما زالَت مفتوحة نوافذ الأقدار
أبعِد شظايا الوقتِ عن جسدي لأبدأ بالهُروب/
هيَّأتُ مركبتي لأرحلَ للديارِ
فلم أجِد بحرًا ولا أنهارَ تنقلني إلى قدري؛
رفعتُ يدي إلى أعلى لأحجبَ عن عيوني الشمسَ
فاتخذت يدي وطنًا صغيرًا – لعلّهُ يكفي كَيْ أَبْقَىَ صَغِيرًا
لا شَكلَ لي إلا مَدَارُ الأرضِ، يخطفُ وَجْهِيَ الدَامِي
أحاولُ أن أُعيدَ يدي فتنحدِرُ البراري...
أُحرِّكُها... فينمو القمحُ قبلَ أوانهِ ...
أُعيدُ يدي لأحجبَ عن عيوني الشمسَ؛
أرفعُها إلى أعلى فتسقطُ مرّة أُخرى...
أُحرِّكها فتتخذُ السنابِلُ شكلَ جاريةٍ
أحدِّقُ في مرايا وجهها الباكي
أرى نَفسي- أرى شكلي
لا شكلَ لي إلى مدار الأرض،
أوقعَني الصُراخُ عَن الحقيقةِ...
ففتحتُ قلبي للبراعِم كي تلوذَ مِن الرياح
وبنيتُ عُشًّا في السماءِ
لعلَّ الريحَ تمنحني جناحيها/
كَم حلُمتُ بأن أطير وأن أحلِّقَ فوق هذا الكون؟
لو كُنتَ يا قلبي حقيقيًّا لزِدتَ توترًا
ووقفتَ في قلبِ السماء لكي يعيشَ الغيم
وسكبتَ حُبَّكَ للبراري...
***
لو لَم أمُت مِن قبلِ أن أولد / لكُنتُ الآنَ حــيًّا
ورفضتُ أن أبكي على نَفسي
تُقاسمُني حنينُكَ هذهِ الدُنيا ويرفضُني سِواكَ
أحَررُ صوتيَ المجروحِ في الظلماء مبتعدًا فتحضنهُ يداك
كَم أنتَ لو فكَّرتَ بي أقوى لتنصُرني/
هَل أنتَ أضعَفُ مِن بقائكَ أم بقائي؟
هل أنتَ أقوى مِن حنينِكَ أم بُكائي؟
كَم أنتَ لو فكَّرتَ بي حرٌّ لتولدَ مِن جديد
«لو كُنتَ مِثلي»« أو كُنتَ لي» أو «كنتَ بي»
ما كُنتُ حيًّا...
أموتُ في بُعدٍ وتعيشُ في قُربٍ
أحاولُ أن أسيرَ على الترابِ المرتخي
وتسير وحدكَ في الحجارةِ والهضاب /
أمشي مع النور المُكسَّر كي أرى
وتطير كالمجنونِ في قلبِ الضباب
«لو كُنت مِثلي» عاجزًا لرفضتَ أن تبقى صغيرًا
وكبُرتَ قبلَ أوانكِ الآتي...
لا بَحرَ موجودٌ لكي تمضي سفينتكِ الصغيرة
ولا أنهار تجري... ولا أمطار
«و كُنتَ لي» لوجدتني أتصوَّر الأشياءَ
وأسيرُ مِن وهمٍ لوهمٍ لا أرى إلا سراب
لو كُنتَ لي لنسيتُكَ وانطلَقتُ على الضفاف
وبقيتَ وحدكَ غارقًا في الصمتِ تَدفنُ صوتكَ العاري
وبقيتَ تدفنُ قلبكَ الدامي على صوت انهياري
وبَكَيْتَ / آهٍ كَم بكَيْتَ لِكي أعود...
وأعودُ مكسورًا كماكَ/ فلا تراني ولا أراك
«و كُنتَ بي» لعجزتُ أن أبقيكَ حُرًّا
وخشيتُ عليكَ مِن نفسي وذاكرتي؛
لو كُنتَ بي ما عشتُ يومًا واحدًا
وبقيتُ بك/ بقيتَ بي
لكِن بعيدًا عِن حدود النبض ...
بعيداً في الهواء بلا هواء....
قريبًا في الترابِ ... إلى التراب
وحيداً في السماء... بلا سـماء...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى