أقلّوا
أقِلُّوا فقدْ عادَ البناةُ مُجدَّدا
بعينٍ لها الشيطانُ وابنهُ مهَّدا
على أرضِ نجدٍ والحجاز بمنْهجٍ
لعهدِ العُتاةِ من قريشٍ مُجَدِّدا
مؤاخاةُ أديانٍ وقدْ روّجُوا لها
وليستْ سوى إحياءِ شركٍ تبدَّدا
بها تعدلُ الأوثانُ ربّاً مُوَحَّدا
ويعدلُ عمْرو بنُ هشامٍ مُحمَّدا
بها يرقبُ الدجّالُ يومَ طلوعهِ
على اللّاتِ والعُزّى إلهًا مُسوَّدا
بها أُبدلَ الفِقهُ بشرحٍ مُهوَّدٍ
وشيخٌ مفقّهٌ بشيخٍ تهوَّدا
أقِلّوا من التحليلِ والشّرحِ إذْ جلى
الغبارُ عن البيتِ الحرامِ مُصفَّدا
بألفٍ من الأصْنامِ قرْنُ كبيرِها
يبوحُ بأنّ اللّاتَ عادَ وشُيِّدا
بدتْ مِنْ أعاليها كرسمٍ يشذُّ عنْـ
ــهُ بيتٌ كما لو كان للحُسْنِ مُفْسِدا
وعنْ مرقَصٍ يعلو قُبورِ صحَابةٍ
بهِ حُيّيَ القيْنُ الّذي صارَ سيِّدا
وعنْ موكبِ الشّيطان يطويْ بلادَكمْ
ويتركُ عندَ كلِّ بابٍ مُجنَّدا
لرصْدِ الّذي أبى علىْ الجُندِ مخْدَعا
وقتْلِ الّذي في نومهِ غاثَ أحْمَدا
أقِلّوا الرّجاءَ في حقوقٍ يبثُّها
المَريدُ لكي تُمسوا لذي العينِ عُبَّدا
إليها مردّ كلّ عقلٍ مُغفّلٍ
وكلّ فؤادٍ حسّهُ قد تبلّدا
بها أصْبحَتْ ليلى تُباعُ وتُشترىْ
وأمسىْ الوليدُ للقِيانِ مُقلِّدا
حقوقٌ بها الأهلُونَ شرٌّ من العِدا
بهمْ يغلبُ الشيطانُ غُلباً مُؤكَّدا
بها تلتقونَ أجْدعاً كلّ ليلةٍ
علىْ ما افْترَشْتُموه جِسْماً مُمدَّدا
وأبناؤكُم ليسُوا بكُم إنّما بمَنْ
يبيعهمُ الإلْحادَ عِلْماً مُجرَّدا
ونهْجاً مُمّدناً وجِنساً مُسلسَلا
وحِبراً وأقلاماً ورأْياً مؤيّدا
أقِلّوا من النومِ فأعمارُكمْ سدىً
ومنْ يعِش اليومَ يكُنْ موتُهُ غدا
وقدْ طالَ نومُكمْ وما طالَ يومُكمْ
فبتُّم ترونَ كلَّ خصمٍ مُخلَّدا
وقد سلَّط اللهُ عليكمْ مُذنَّبا
لنومٍ فجالَ في السّما مُتفرِّدا
بخيطٍ من النارِ تظنّونَه الضِّيا
يخطُّ دروبَ الشّركِ في موطنِ الهُدى
بحُرّيةٍ فُكَّ بها غُلُّ من ردى
وغُلَّ الكريمُ ذو الإباءِ وجُلِّدا
أقلّوا من اللهوِ فإنّه إنّ فشا
غدا لمصائرِ الشّعوبِ مُحّدِّدا
وإنّ الهوانَ رحمُهُ القلبُ إنْ لها
ومقبرُهُ قلبٌ عن اللّهوِ أبعدا
وقد صارَ لهوكُمْ لذي العينِ مرْجِعا
وما يفعلُ الشيطانُ وابنهُ مَرْصَدا
على قدْرِ لهوِكمْ يكونُ هوانكُمْ
وإنّ لكم إنْ أيْقنوا الحالَ موْعِدا
أقلّوا خطاباً يرِدُ الدينَ مُفسِدا
وهُبّوا لسحقِ من عصا وتمرَّدا
أوائلُهُ مدْحُ أميرٍ تهوَّدا
وآخرُهُ تضَرُّعٌ أنْ يُسَدَّدا
وما بينَ ذا وذا رواياتُ مجدِكمْ
كأنّي بها أسْرى خطابٍ تردّدا
فيا تعسَ مجْدٍ يسْتعيدُهُ حَبركُمْ
ليقضيَ في الخطابِ حُكماً مُؤبَّدا
أقلّوا وفرّحوا سيوفاً جراحُها
جراحُ الّذيْ باتَ لأهْليهِ فاقِدا
أراها تسَربلَتْ بأدمُعها فيا
ليومٍ بهِ تسَربلَتْ بدمِ العِدا
أقلّوا فإنّ أصغرَ القومِ في العِدا
علىْ عُمدةِ الدّيارِ يعْدُ متى عَدا
أقلّوا فإنّكم ملاقوهُ طُوَّعا
وإنّ لقاءَ ربّكمْ ليسَ أبْعَدا
أقلّوا لكيلا تخْسروا الدّينَ والدنى
فلنْ يبْسُطَ الناسُ لكمْ حينَها يَدا
أقلّوا فأكرمُ البيوتِ بيوتُكمْ
وأكرمُها ما انفكّ للحقِّ رافِدا
أقلّوا فأوّلُ البيوتِ بداركِمْ
وأوّلُها ما انفكّ للنّاسِ مَقصِدا